العراق آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

بعد إقالة قيادات بارزة.. هل بدأ السوداني "مواجهة مفتوحة" مع الحشد الشعبي؟

بعد إقالة قيادات بارزة.. هل بدأ السوداني

رأى مراقبون سياسيون أن قرارات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني بإعفاء قادة بارزين في ميليشيات كتائب حزب الله من مواقعهم ضمن هيئة الحشد الشعبي، تمثل نقطة تحوّل في العلاقة بين الحكومة وهذه الميليشيات.

وأقال السوداني، آمري اللواءين 45 و46 في الحشد الشعبي، وأحال المتورطين في حادثة السيدية الدامية إلى القضاء، في خطوة تعد الأولى من نوعها بحق قيادات تابعة بشكل مباشر لميليشيا كتائب حزب الله، التي اتهمها رئيس الوزراء صراحة بالضلوع في الاشتباكات.

وأظهرت مواقف الميليشيات المسلحة حيال قرارات السوداني حالة من التباين، إذ أعلن "لواء أنصار المرجعية" دعمه الكامل لإجراءات القائد العام، مؤكداً استعداده لاستقبال اللجان الحكومية لإعادة تقييم عمله ومراجعة التزام مقاتليه بالقوانين.

في المقابل، جاء بيان كتائب حزب الله بنبرة متحفظة، متهماً أطرافاً محلية بتنفيذ "مخططات الأعداء"، ومجدداً المطالبة بخروج القوات الأميركية بحلول أيلول المقبل، دون ذكر السوداني بالاسم.

أما فصائل أخرى مثل عصائب أهل الحق وكتائب سيد الشهداء، فقد تبنّت مواقف وسطية، داعية إلى "الحوار وضبط النفس" لتجنّب التصعيد الداخلي.

رسائل متعددة

الباحث السياسي عبدالله الركابي قال إن "خطوة السوداني تحمل رسائل متعددة، فهي من جهة تؤكد جدية الحكومة في فرض سيادة القانون، ومن جهة أخرى تضعه في مواجهة مباشرة مع أجنحة نافذة داخل الإطار التنسيقي كانت تعد الحشد الشعبي خطاً أحمر لا يجوز المساس به".

وأضاف الركابي أن "التوقيت لم يكن عفوياً، فهو يأتي في ظل أجواء إقليمية مشحونة واحتمال ردود فعل أميركية – إسرائيلية غير متوقعة على تمرير قانون الحشد، ما يجعل قرار السوداني أقرب إلى اختبار داخلي لمدى قدرة الدولة على حصر السلاح، وأيضاً إلى رسالة خارجية مفادها أن بغداد مستعدة لضبط جميع القوى المسلحة تحت مظلة المؤسسات الرسمية".

ويأتي ذلك على وقع مساعٍ لتمرير قانون جديد لهيئة الحشد الشعبي، ترى فيه واشنطن ولندن تعزيزاً لدور الفصائل المسلحة وتوسيعاً لصلاحياتها على حساب مؤسسات الدولة، وهو ما دفعهما إلى إبلاغ الحكومة العراقية بشكل مباشر بمخاوفهما من إقراره.

والقانون المطروح أمام البرلمان يمنح الحشد امتيازات إدارية ومالية إضافية، ويكرس هيكليته الحالية بغطاء تشريعي أوسع، الأمر الذي تعتبره قوى شيعية "حقاً مكتسباً" بعد سنوات القتال ضد تنظيم داعش، فيما تصفه قوى أخرى بأنه خطوة تهدد مبدأ حصر السلاح بيد الدولة.

من التحذير إلى المواجهة

من جانبه، رأى الخبير الأمني حميد العبيدي أن "إجراءات السوداني ضد قيادات الحشد الشعبي تمثل سابقة منذ عام 2003، لأنها تطال أكثر الفصائل نفوذاً وتسليحاً، وهي ميليشيا كتائب حزب الله، ما يعني أن الحكومة قررت الانتقال من مرحلة التحذير إلى مرحلة الفعل".

وأوضح العبيدي أن "التحدي الأكبر أمام السوداني هو الحفاظ على التوازن بين فرض القانون وعدم الانجرار إلى مواجهة شاملة مع فصائل تمتلك جمهورا – وإن كان محدودا - وقدرات عسكرية، خاصة أن بعضها لا يزال يحتفظ بقدرة على التحرك الميداني خارج نطاق أوامر الدولة".

ويبدو المشهد السياسي العراقي مفتوحاً على احتمالات متعددة، فبينما تراهن الحكومة على دعم المرجعية والشارع في مواجهة السلاح المنفلت، يرى مراقبون أن ميليشيا كتائب حزب الله قد تتبنى سياسة التصعيد التدريجي، سواء عبر الانسحاب من مشاريع أمنية مثل "طوق بغداد" أو عبر تحريك جمهورها في الشارع للضغط على الحكومة.

ووقعت حادثة السيدية أواخر الشهر الماضي في جنوب غربي بغداد، وأسفرت عن سقوط قتلى وجرحى من القوات الأمنية والمدنيين، إثر اشتباكات مسلحة بين عناصر تابعة لميليشيا كتائب حزب الله وقوة من الشرطة الاتحادية.

واعتبرت الحادثة اختباراً صعباً لهيبة الدولة، إذ جرت في منطقة سكنية مكتظة وأظهرت حجم الإشكال القائم في ازدواجية السلاح، ما دفع السوداني – وفق مسؤولين - إلى التعامل معها بشكل مباشر وبإجراءات علنية. 

يقرأون الآن