التحضيرات والاتصالات والمشاورات "ملتهبة" على المستوى السياسي لتمرير جلسة الحكومة بعد غد الجمعة التي ستناقش الخطة التنفيذية التي وضعتها قيادة الجيش لحصرية السلاح وسط الحديث عن السعي لمخارج عدة بهدف الابتعاد عن التصادم وفق ما أشار مصدر نيابي لموقع "وردنا" الذي أكد ان ملف حصرية السلاح يسير على سكة التنفيذ، ولا عودة الى ما قبل جلستي الخامس والسابع من آب، لكن أيضا لا أحد يتوقع أن تنتهي الامور في جلسة الجمعة لأن مسار التنفيذ طويل.
حُكي الكثير عن جلسة الجمعة، لكن ما استوقف الأوساط السياسية أمس، واستحوذ على اهتمام الاعلام، المعلومات التي تحدثت عن مرافقة الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس لقائد القيادة الوسطى الأميركية (CENTCOM) الأدميرال براد كوبر إلى لبنان نهاية هذا الأسبوع، لعقد لقاءات أمنية وليس سياسية. مع العلم ان "وردنا" كان أول من كشف عن زيارة الأدميرال كوبر الى بيروت بالتزامن مع الجلسة الحكومية.
وبالتالي، زيارة أورتاغوس والأدميرال كوبر بالتزامن مع انعقاد جلسة الحكومة، لم تأت صدفة بل لمواكبة خطة الجيش التنفيذية حول حصر السلاح، وتأكيدا على دعم الولايات المتحدة، الجيش اللبناني للقيام بمهماته الميدانية. ولا ننسى ان القيادة المركزية، بحكم تنسيقها مع الجيش اللبناني في مجالات التدريب والدعم اللوجستي، ستلعب دورًا هاما في المرحلة المقبلة ان كان لناحية ضمان تطبيق حصرية السلاح أو لناحية حماية البنى التحتية البحرية مثل منصات الغاز والنفط في المنطقة الاقتصادية الخالصة، بعد توقيع اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل سنة 2022 وفق مصدر متابع لموقع "وردنا".
وهنا، لا بد من الاشارة الى ان الانتقال الذي حصل مؤخرا في القيادة المركزية الأميركية CENTCOM بين القائد السابق الجنرال مايكل إريك كوريلا وخلفه الأدميرال براد كوبر من البحرية الأميركية ليس حدثا عابرا في ضوء الدور المحوري الذي تلعبه القيادة المركزية في رسم وتنفيذ الاستراتيجية العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط، من ضمنه لبنان. والأدميرال كوبر الذي شغل منصب نائب قائد القيادة المركزية، لديه معرفة معمّقة بملفات المنطقة العسكرية، ويُعرف بخبرته في الأمن البحري.
كل ذلك، يجري وسط دعوة السيناتور الجمهوري الأميركي ليندسي غراهام، الشخصيةً البارزة في السياسة الأميركية، إلى إنهاء وجود "حزب الله" في لبنان، لأنه يشكّل تهديدًا يجب التعامل معه بصرامة. وإذا لم يُنزع سلاحه بطريقة سلمية، فعلينا النظر في الخطة (ب)، وهي نزع سلاح حزب الله بالقوة العسكرية"، على حدّ تعبيره.
تطورات متسارعة ترافقها ضبابية في الرؤية المستقبلية، ما يدعو الى التساؤل: هل ملف حصرية السلاح أصبح أمرا واقعا لا مفرّ منه، وزيارة أورتاغوس والأدميرال كوبر تأتي في اطار الدعم لهذا المسار؟ أو ان الزيارة تحمل رسالة مبطنة مفادها: ان لم يتم حصر السلاح، فالخطة (ب) التي تحدث عنها غراهام أصبحت جاهزة؟ وما هي هذه الخطة؟ وهل سيكون أيلول 2025 مشابها لأيلول 2024؟.
العميد الركن المتقاعد بسام ياسين، قال لموقع "وردنا" ان لا أحد يعلم فعليا ما هي أهداف زيارة الوفد الاميركي الى لبنان، لكن لا بد انه سيطّلع على الخطة التي أعدها الجيش اللبناني، وسيتناول تفاصيلها التنفيذية مع قياداته. الاكيد ان الاميركيين يهتمون بمصير السلاح، ولا نعرف ان كانت خطة الجيش ستعجبهم لأن الامور ليست واضحة تماما. وربما تهدف الزيارة أيضا الى ضمان أمن المنشآت النفطية الاسرائيلية. لكن هذه القضايا تُعالج بالسياسة وليس عن طريق القوات المسلحة العسكرية. الرسالة الاميركية واضحة جدا: اذا لم يتم تنفيذ خطة نزع السلاح كما نريد، فالخيار الوحيد أمامكم التصعيد.
واعتبر ياسين ان العمل الديبلوماسي لم يصل الى حل حتى الآن مع اسرائيل، وبالتالي، ليس امام أميركا الا الخيار العسكري الذي تنفذه اسرائيل او العقوبات الاقتصادية. نحن أمام نموذجين: نموذج اقتصادي ضاغط على لبنان، وهذا سيتجلى اعتبارا من يوم الاثنين المقبل، ونموذج الضغط العسكري من خلال تكثيف الضربات الاسرائيلية على مواقع عسكرية وغير عسكرية في لبنان، توسيع رقعة الضربات أو احتلال المزيد من الاراضي أو تنفيذ هجوم بري واسع في الجنوب. وليس مستبعدا، اعطاء الضوء الاخضر للمجموعات الارهابية المتطرفة للتحرك على الحدود الشرقية اللبنانية. وفي النهاية، ميزان القوى يميل لمصلحة أميركا، وبالتالي، لا يمكن الا الرضوخ.
ووفق استنتاجه، لفت ياسين الى اننا ذاهبون الى التأزم والتصعيد لأن أميركا تريد الانتهاء من موضوع السلاح بالطريقة التي تريدها. أيلول أسود، وربما سنبدأ في رؤية هذا السواد ابتداء من يوم الجمعة. الامور مفتوحة على كل الاحتمالات. المرحلة خطيرة جدا، وتتطلب وعيا كبيرا من قبل الجميع لأنه ان غرق المركب سيغرق بالجميع. أيلول شهر الحسم في قضية السلاح التي تتزامن مع التحضير الاسرائيلي لتوجيه الضربة الى لبنان.