العراق آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

تشريع معلّق.. "الحشد الشعبي" مرآة لصراع الهوية العراقية

تشريع معلّق..

منذ لحظة تأسيس الحشد الشعبي بفتوى الجهاد الكفائي عام 2014، ظلّ موقع هذه المؤسسة مثار نقاش حاد داخل الدولة العراقية وخارجها.

صحيح أن البرلمان أقرّ عام 2016 الإطار العام الذي اعتبر الحشد جزءاً من المنظومة الأمنية العراقية، لكن التفاصيل التشريعية المتعلقة بحقوق المقاتلين، المخصصات المالية، والهيكلية القانونية ظلت معلّقة.

عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبين سلام قال في حديثه لـ"بغداد اليوم"، إن "لقد أثبت الكرد صحة عدم موافقتهم على التصويت على قانون الحشد الشعبي، لأن الجهة الحاكمة والأغلبية الشيعية هي التي قامت بسحب القانون من البرلمان بعد أن رأت أنه يضر بمصلحة العراق".

وأضاف: "الكرد لم يرفضوا التصويت على قانون الحشد بسبب علاقتهم مع أمريكا أو لسبب عاطفي، بسبب علاقتهم السيئة بالحشد كما يشاع في وسائل الإعلام، وكما يحرض عدد من النواب والمغرضين، وانما جاء الرفض الكردي تحقيقا للمصلحة العراقية، وتجنبيا للعقوبات والضربات المحتملة، وليذهب القانون للدورة البرلمانية المقبلة، ولكل حادث حديث".

هذا الموقف يسلّط الضوء، كما يشير محللون، على أن الرفض الكردي كان تحصيناً للعراق من تداعيات خارجية محتملة، لا موقفاً موجهاً ضد الحشد كمؤسسة عسكرية.

من الجهة الأخرى، أكد عضو تحالف الفتح عدي عبد الهادي أن "قانون الحشد الشعبي لم يُسحب نهائياً، بل جرى التريث في تمريره داخل أروقة البرلمان بضوء أخضر من قوى الإطار، التي شاركت في تشكيل الحكومة، مشيراً إلى أن القرار يأتي حفاظاً على المصلحة الوطنية في ظل قراءة مجريات الأحداث داخلياً وخارجياً". وأضاف: "الحشد الشعبي يبقى مؤسسة وطنية رسمية ضمن المنظومة الأمنية العراقية، وكل ما يُقال عن إمكانية حله لن يتحقق، والتريث أحياناً يكون ضرورياً لتقييم المواقف والأحداث وانتظار الوقت المناسب لإقرار القوانين، لكن الحشد سيظل قوة مهمة ضمن منظومة الأمن الوطني".

تصريحات عبد الهادي تعكس استراتيجية "تجميد الملف" التي يلجأ إليها الإطار التنسيقي للحفاظ على توازن داخلي وعدم تحدي الخارج في لحظة إقليمية حرجة.

أما النائب مختار الموسوي فكشف عن تفصيل أكثر حساسية قائلاً إن "رئيس هيئة الحشد الشعبي هو من قام بسحب القانون من داخل مجلس النواب، من دون أن يعلن بشكل رسمي أو مباشر الأسباب الموجبة لذلك القرار"، موضحاً: "من صلاحيات رئيس الهيئة اتخاذ مثل هذه الخطوة، غير أن التوقيت وظروف السحب أثارت الكثير من التساؤلات".

وأضاف: "ضيق الوقت مع اقتراب انتهاء عمر الدورة التشريعية يجعل تمرير القانون في غاية الصعوبة، وقد يتم ترحيله إلى الدورة المقبلة، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن ضغوطاً خارجية واضحة ومعلنة تُمارس لمنع تمرير القانون، رغم أنه يتعلق بمؤسسة أمنية رسمية لعبت دوراً محورياً في معارك التحرير وتعزيز استقرار المحافظات المحررة".

هذا التصريح يفتح الباب على احتمالية أن القرار لم يكن فقط تقديراً فنياً للظروف، بل استجابة مباشرة لضغوط أمريكية وإقليمية.

وفي النهاية، يبقى القانون مؤجلاً إلى دورة برلمانية جديدة، بانتظار لحظة قد تفرضها توازنات أكبر من بغداد نفسها.

يقرأون الآن