حسم الأمر تقريبا، ووفق للمعلومات، بان لا شيىء من شأنه ان يبدل موقف الثنائي الشيعي في شأن مرشحه للرئاسة، فبالنسبة الى الثنائي الشيعي فان سليمان فرنجية هو المرشح الحالي و"لا بديل عنه" يرتضيه راهنا، وربما في المستقبل، ولو حدث ألف إتفاق على غرار الإتفاق السعودي - الإيراني.
في الجهة المقابلة للثنائي، هناك جبهة سياسية مسيحية لا تقل صلابة عن موقف الثنائي، ولكن برفض قاطع لوصول رئيس "تيار المردة" الى سدة الرئاسة مهما كلف الأمر وكانت الأثمان.
تمسك الثنائي بترشيح فرنجية صار أمرا واقعا، وحوله انقسام يشبه الانقسام السياسي في شأن انعقاد الحكومة، وقد ظهرت المواجهة واضحة بين الثنائي الشيعي والقوى المسيحية التي عطلت جلستين للمجلس النيابي، واحدة تشريعية وأخرى للجان المشتركة، كما جرى تعطيل الدعوة من قبل عين التينة للحوار الوطني.
التباعد مع القوى المسيحية لم يعد مخفيا من خلال حملة الاعتراض الواسعة ضد ترشيح فرنجية التي يقودها الثنائي، ومع التسليم ان موقف "التيار الوطني الحر" طبيعي نظرا للعلاقة المتوترة الدائمة بين جبران باسيل ورئيس المجلس من جهة، وبين باسيل وفرنجية من جهة اخرى، بعد ان أعلن رئيس "التيار الوطني الحر" بوضوح رفضه ترشيح رئيس فرنجية في أكثر من تصريح، لمعطيات تتعلق بالخلاف على الزعامة المسيحية، لكن موقف "القوات" شكل مفارقة نظرا للعلاقة بين معراب وعين التينة، وبعد ارتفاع منسوب التوقعات في الفترة الأخيرة بتأمين "القوات" النصاب لأي جلسة نيابية، فإذا بموقف "القوات" واضح "سنمنع بأي وسيلة وصول سليمان فرنجية الى بعبدا".
موقف "القوات" وانضمامها الى نادي الرافضين زاد المشهد الرئاسي تعقيدا، لكنه وفق مصادر سياسية مبني على موقف ثابت ، فتأمين "القوات" نصاب أي جلسة ينتخب فيها رئيس من فريق ٨ اذار يضعها في موقف مسيحي محرج، ويكسب خصمها "التيار الوطني الحر" المعارض لهذا الترشيح، وعليه فان "القوات" فضلت عدم الوقوع في الفخ المسيحي، خصوصا انها رأس حربة القوى المعارضة لجلسات الحكومة ومجلس النواب قبل انتخاب رئيس للجمهورية، وعلى الأرجح فان "القوات" لن تغامر بقناعتها السياسية وموقفها امام الرأي العام المسيحي، وهذا ما ظهر في التباعد بين معراب وعين التينة في الاستحقاق الرئاسي.
بقاء القوتين المسيحيتين على موقفهما في الملف الرئاسي يطرح تساؤلات عن مدى صموده، فتنشأ معادلات جديدة من جراء تلاقي القوتين المسيحيتين، ويمكن عقد تحالف مشترك تحت عنوان الضرورة الرئاسية.
وبحسب مصدر مسيحي، فان علاقة "القوات" و"التيار الوطني الحر" اليوم موضوعة تجت المجهر السياسي، فإما يلتقي الحزبين المسيحيين مجددا كما حصل في تفاهم معراب بسبب الضرورة الرئاسية، او يتموضعان ضد بعض ويعود كل فريق الى حلفه السياسي، خصوصا ان الخلافات السياسية عميقة بين الطرفين، ويمكن ايضا ان يقف الطرفان في الخندق الرئاسي لاسقاط فرنجية فقط، حيث تتقاطع مصالحهما لهذا الغرض.
المؤكد ان ما يجمع القيادات المسيحية حاليا، هو حالة الرفض لإيصال فرنجية الى سدة الرئاسة فقط، علما ان دوافع "القوات" لرفض هذا الترشيح تختلف عن تلك التي لدى التيار، إلا ان العودة الى تفاهم معراب غير مطروحة ولا مقبولة لدى الرأي العام وجمهور الحزبين، كما ان انتقال التيار الى الضفة السيادية حيث تتربع "القوات"، هو أمر معقد بعد ان أمضى التيار سنين في محور الممانعة، ولو توترت علاقته في المرحلة الأخيرة مع "حزب الله."
صحيفة الديار