عائشة إزغي... ناشطة أميركية قُتلت لأجل فلسطين

ناشطة حقوقية أميركية من أصل تركي ولدت عام 1998 في أنطاليا غربي البلاد. درست علم النفس بجامعة واشنطن ثم كرست حياتها للنشاط الحقوقي وعرفت بمشاركاتها في المظاهرات المناصرة للقضية الفلسطينية.

قتلت برصاص الجيش الإسرائيلي في 6 سبتمبر/أيلول 2024، بعد مشاركتها في الاحتجاجات بالضفة الغربية ضد الاستيطان الإسرائيلي. 

الولادة والنشأة

ولدت عائشة نور إيجي بيجي إزغي إيغي في 27 يوليو/تموز 1998 بمدينة أنطاليا جنوب غربي تركيا، وعرفت بشخصيتها الهادئة والمسالمة.

وبعد مرور عام على ولادتها انتقلت عائلتها للعيش في سياتل على الساحل الغربي للولايات المتحدة الأميركية.

تزوجت من أحمد علي مظهر.

تلقت تعليمها الابتدائي والثانوي في مدارس سياتل الأميركية، وكانت لها رغبة جامحة في دراسة القانون بالجامعة.

لكن بعد التحاقها بجامعة واشنطن اختارت علم النفس تخصصا رئيسا، وفي يونيو/حزيران 2024 اختارت تخصصا فرعيا لدراسة لغات وثقافة الشرق الأوسط.

التجربة المهنية

تتمثل خبراتها المهنية في تطبيق تقنيات "إيه بي إيه" وهو برنامج علاجي لتحليل السلوك لدى الأطفال المصابين بالتوحد، وأيضا لإنشاء إستراتيجيات تسويقية فعالة في قطاع الخدمات.

وذكرت عبر حساباتها الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي أن عملها التطوعي سمح لها بإحداث تأثير محلي ودولي، مثل تنسيق الفعاليات وتقديم الدعم لإعادة التأهيل في المجتمعات التي تعاني من نقص في الموارد، كما ساعدها في توسيع شبكة علاقاتها.

عملت في بعض الشركات المتخصصة في الأغذية وفي مكتب محاماة، لكن شغفها بإحداث تأثير إيجابي والبحث بشكل مستمر عن فرص للتعلم والتطور والإسهام في تحقيق مشاريع هادفة كان قويا بالقدر الكافي لتغيير مسارها المهني.

النشاط الحقوقي

انضمت عائشة نور إلى حركة التضامن الدولية، وهي حركة سلمية مؤيدة للفلسطينيين، تأسست عام 2001 وتضم نشطاء من مختلف دول العالم، وعرفت بتأثيرها الكبير داخل الحركة عبر مشاركتها في أنشطة ميدانية تهدف إلى فضح الممارسات الإسرائيلية، والدفاع عن حقوق المدنيين الفلسطينيين، وركزت على مراقبة المظاهرات السلمية وتوثيق الانتهاكات والعمل في مناطق النزاع والتوتر.

انخرطت بعد ذلك في حركة "فزعة" وهي مبادرة شبابية تعنى بدعم المزارعين الفلسطينيين في مناطق الضفة الغربية، لاسيما أولئك الذي يواجهون اعتداءات متكررة من المستوطنين والجيش الإسرائيلي.

وتمثلت مساعدتها لهؤلاء المزارعين في مرافقتهم إلى أراضيهم وتوفير الحماية الرمزية لهم وتوثيق الانتهاكات التي يتعرضون لها، والتزامها بالنضال من أجل تحقيق العدالة الإنسانية.

عُرفت في تلك الفترة بمواقفها الشجاعة والداعمة للقضية الفلسطينية، فقد ذكرت صديقتها التركية آيدين، أن عائشة حرصت على المشاركة في جلّ التظاهرات والأنشطة المناصرة للشعب الفلسطيني منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وأعربت عائشة نور عن استيائها وحزنها وغضبها، خاصة في ظل تجاهل بعض طلاب وأكاديميي جامعتها وصمتهم حيال حرب الإبادة الجماعية وجرائم الحرب في غزة.

كانت تقود المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين في جامعة واشنطن، احتجاجا على الفظائع التي ارتكبتها إسرائيل في غزة، إضافة إلى تقديمها الدعم المادي لعدد كبير من الفلسطينيين.

وقبل فترة من اغتيالها كانت الناشطة التركية الأميركية قد أبلغت صديقتها بأنها ستتوجه إلى فلسطين يوم 3 سبتمبر/أيلول، رفقة حركة التضامن الدولية بصفتها مراقبة، من أجل مساندة الفلسطينيين والمشاركة في المظاهرات المناهضة لتوسع المستوطنات في الضفة الغربية.

الاغتيال

وأثناء مشاركتها في الاحتجاجات إلى جانب عدد من النشطاء الدوليين في المظاهرات الأسبوعية السلمية ضد الاستيطان على جبل صبيح في بلدة بيتا شمالي الضفة الغربية، اغتيلت عائشة نور برصاصة إسرائيلية أصابت رأسها في 6 سبتمبر/أيلول 2024.

وقد نقلت فور استهدافها إلى مستشفى "الرافدية" في مدينة نابلس وبعد وصولها بوقت وجيز أعلن مقتلها عن عمر لم يتجاوز 26 عاما.

وقد طالبت عائلة عائشة بفتح تحقيق حول قضية اغتيالها ومحاسبة الجنود الإسرائيليين. ونقل جثمانها من تل أبيب ووصل إلى مطار إسطنبول تركيا يوم 12 سبتمبر/أيلول 2024.

وفي اليوم التالي عقب أداء صلاة الجنازة في المسجد المركزي ووريت الثرى في منطقة ديديم بمدينة أيدن غربي تركيا وهو مكان إقامة عائلتها، وقد حضر مراسم التشييع مئات المشاركين رافعين الأعلام التركية والفلسطينية.

وشارك في المراسم عدد من كبار المسؤولين الأتراك أبرزهم جودت يلماز نائب الرئيس ووزير الخارجية هاكان فيدان ورئيس البرلمان نعمان قورتولموش.

ولم تنف إسرائيل مسؤوليتها عن العملية، لكنها أرجعتها إلى خطأ غير مقصود وقع في سياق أحداث شهدت أعمال عنف.

وأفاد والدها محمد إيغي أن ابنته كانت شخصية متمردة ضد الظلم، وعبر عن فخره بابنته لأنها كانت تساعد الناس دون تمييز عرقي أو ديني.

وفي حديثه مع وكالة الأناضول أشار إلى أنه حذرها من أخطار الذهاب إلى فلسطين، إلا أنها أصرت وعبرت عن رضاها في حال كان لموتها فائدة ومعنى.

وبيّن والدها أنها كانت تسعى للدفاع عن حقوق الإنسان ولم تتردد في السفر والتنقل إلى أي مكان في العالم، بينما كانت قريناتها يركزن على أمور أخرى مثل التجميل.

وأوضح أنها كافحت من أجل قضايا عدة منها حقوق السود ودعم مسلمي الروهينغا، وكذا حماية البيئة طوال حياتها.

يقرأون الآن