خاص

يشهد لبنان في المرحلة الراهنة وضعاً دقيقاً ومعقّداً على المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية، وسط احتدام التوترات الإقليمية وتوسّع دائرة المواجهات العسكرية في أكثر من ساحة. هذه الظروف تجعل من أي تصريح دولي، ولا سيما إذا صدر عن موفدين أميركيين معنيين بالملف اللبناني، مؤشراً بالغ الأهمية على طبيعة المرحلة المقبلة وما قد تحمله من تطورات.

في هذا السياق، جاء كلام الموفد الأميركي إلى لبنان توم برّاك، الذي حذّر من أنّ الوضع في لبنان صعب للغاية، مؤكداً أنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يقيم وزناً للحدود ولا يعترف بأي خطوط حمراء، بل قد يندفع إلى أي مكان ويقدم على أي عمل.

الصحافي وجدي العريضي، وفي قراءة لهذه التصريحات، رأى عبر "وردنا" أنّ موقف برّاك ليس مفاجئاً في ظلّ التطورات الجارية، إذ إنّ توقعاته بإقدام نتنياهو على أي مغامرة ميدانية عسكرية تندرج ضمن سياق معروف. وأوضح العريضي أنّ خطورة كلام الموفد الأميركي تكمن في أنّه مطّلع بدقة على تفاصيل الملف اللبناني، ممسك به منذ فترة، ومدرك لتعقيداته الداخلية. وبالتالي، فإنّ صدور هذه الخلاصة عنه، هو الذي سبق أن زار لبنان مراراً، يؤكد أنّ الأسابيع أو الأشهر المقبلة ستكون شديدة الصعوبة على البلاد.

وأضاف العريضي أنّ برّاك لم يكتف بالإشارة إلى الوضع الداخلي فحسب، بل أوحى بأنّ إسرائيل قد تقدم على عمل عدواني واسع، شبيه بما جرى في غزة أو بما يحصل في سوريا. وبمعنى أدق، فإنّ قراءته تذهب إلى أنّ مرحلة "إسرائيل الكبرى" آتية لا محالة، أو على الأقل أنّ نتنياهو، وفق توصيفه، يتصرّف بلا أي قيود أو خطوط حمر، وهو يحظى في ذلك بغطاء أميركي غير مسبوق، شبيه بما كان الحال عليه بعد عملية السابع من أكتوبر وما تلاها من اندلاع للحرب في غزة، وصولاً إلى الحرب الإسرائيلية – اللبنانية والحرب الإسرائيلية – الإيرانية.

انطلاقاً من ذلك، يخلص العريضي إلى أنّ لبنان يتجه نحو ظروف صعبة للغاية، وأنّ كلام برّاك وضع الأمور في نصابها الحقيقي. لكن يبقى السؤال: هل يعكس هذا الموقف فشل زيارة الموفد الأميركي إلى لبنان وما اعترضها من تعقيدات، أم أنّه يستند إلى معطيات جديدة استقاها أيضاً من زيارته لإسرائيل ولقائه مع نتنياهو، فضلاً عن صلاته الوثيقة بالرئيس الأميركي دونالد ترامب؟

وبرأي العريضي، فإنّ المرحلة المقبلة ستكون مفصلية ودقيقة، إذ يترقب الداخل اللبناني مدى تنفيذ خطة الجيش وفق ما أقرّها مجلس الوزراء، في وقت يراهن فيه حزب الله على عامل الوقت، فيما لا يُستبعد أن تُقدِم إسرائيل على عدوان واسع في لبنان أو سوريا، أو أن توسّع عملياتها في غزة. ومن هنا، يجد لبنان نفسه عند مفترق انتظار وترقّب، ريثما تتضح معالم الخطوات المقبلة.

ويختم العريضي بأنّ ما قاله الموفد الأميركي توم برّاك كان واضحاً وحاسماً: لا خطوط حمراء لدى نتنياهو، والوضع في لبنان معقّد وصعب إلى درجة قصوى، وهذه الخلاصة إنّما جاءت ثمرة جولاته ولقاءاته التي انتهت إلى رسم صورة قاتمة للمرحلة المقبلة.

يقرأون الآن