حكايات ناجين من الانتحار في المغرب

نجا باحثون عن الموت في المغرب بأعجوبة، حاملين على أجسادهم ووجدانهم ندوب تجربة قاسية. استهدفت محاولاتهم إنهاء ألم عميق ينخر أرواحهم، قبل أن يكتشفوا في النهاية أن فعلهم محرم دينياً، وأن ما كانوا يحتاجونه ليس الموت بل العلاج والدعم.

في بلد لا تزال محاولات الانتحار فيه تُسجَّل بصمت، تتكشّف قصص لنجاة أشخاص قفزوا من علو شاهق، أو ابتلعوا مواد سامة، أو حاولوا إحراق أجسادهم، لكن الموت لم يأتِ. يروي بعضهم اليوم حكاياته بين ألم نفسي عميق ووعي متأخر بأن الحياة لم تكن تحتاج إلى نهاية، بل بداية جديدة.

والتقت "العربية.نت" شابة وشاباً مغربيين تحدثا بشجاعة عن محاولاتهما الفاشلة للانتحار، وكيف غيّرت هذه التجارب حياتهما بعد العلاج النفسي والدعم. قرّر كل منهما البحث عن هواية أو نشاط يساعده على التعافي وإعادة اكتشاف الحياة.

روى يوسف، البالغ من العمر 27 عاماً، تجربته بعد ثلاث محاولات انتحار عقب جائحة كورونا، قائلاً: "شعرت بالعزلة أكثر من أي وقت مضى، وفقدان التواصل مع الأصدقاء والعمل زاد شعوري باليأس. كانت محاولاتي للهروب من الألم، لكن بعد المحاولة الأخيرة أدركت أن ما أحتاجه هو العلاج والدعم النفسي. بدأت جلسات علاج نفسي ومجموعة دعم، واكتشفت أن الرسم والموسيقى تساعدني على التعبير عن مشاعري".

وتحدثت فاطمة، وهي شابة في الثلاثين من عمرها، عن مواجهة الألم واكتشاف الذات بعد نجاتها من محاولتها. قالت: "كنت أظن أن الموت سيكون حلاً لكل ألمي، لكن بعد نجاتي شعرت بالخوف والارتباك. الطبيب النفسي قال لي: أنتِ لا تريدين الموت، أنتِ تريدين أن تُسمعي ألمك بطريقة آمنة. التحقتُ بجلسات علاج جماعي، ووجدت أن الكتابة واليوغا تساعدانني في التحكم بمشاعري وإعادة اكتشاف نفسي".

وتؤكد الاختصاصية النفسية بشرى المرابطي أن الناجين من محاولات الانتحار يكونون في حالة نفسية حرجة، وأن التدخل النفسي العاجل ضروري لتجنب العودة إلى الأفكار الانتحارية. العلاج الفردي والجماعي، وإتاحة التعبير عن التجربة، أثبت فعاليته عالمياً لكنه محدود في المغرب.

رغم أن الانتحار محرم دينياً، يؤكد العلماء أن التحريم لا يلغي مسؤولية المجتمع في تقديم الدعم النفسي والاجتماعي، وتعليم الرحمة بدل الوصم.

وفق منظمة الصحة العالمية، يسجل المغرب 7.2 حالة انتحار لكل 100 ألف نسمة، بواقع 9.7 بين الذكور و4.7 بين الإناث.

يقرأون الآن