تكنولوجيا آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

قمر الحصاد المذهل.. ليلة نادرة لا تنسى هذا موعدها

قمر الحصاد المذهل.. ليلة نادرة لا تنسى هذا موعدها

ضع علامة في تقويمك، لأن قمر الحصاد هذا العام لن يمر مرور الكرام. ففي سابقة نادرة، سيصادف "قمر الحصاد" يوم 6 أكتوبر 2025، بدلاً من موعده التقليدي في سبتمبر، مما يجعله حدثًا فلكيًا مميزًا لا يمكن لعشاق مراقبة السماء أن يفوتوه.

ما هو قمر الحصاد؟

قمر الحصاد هو البدر الأقرب إلى الاعتدال الخريفي الذي يقع عادةً في 22 أو 23 سبتمبر من كل عام، وهو ما جعله عبر قرون طويلة علامة موسمية ترتبط مباشرةً بالزراعة.

ففي الماضي، كان ضوء هذا القمر بمثابة هدية ثمينة للمزارعين الذين استغلوا نوره لإطالة ساعات العمل وحصاد محاصيل مثل الذرة والفاصوليا والقرع استعدادًا لفصل الشتاء. ولهذا السبب ظل قمر الحصاد رمزًا للخصوبة والوفرة في الثقافات الزراعية حول العالم.





لماذا سيكون قمر 2025 مختلفاً؟

خلافًا للعادة، لن يظهر قمر الحصاد في سبتمبر، بل في 6 أكتوبر، وذلك بسبب طبيعة مدار القمر "الإهليلجي" ودوراته التي لا تتطابق دائمًا مع الاعتدال.

فالبدر الذي ظهر في 7 سبتمبر كان بعيدًا جدًا عن الاعتدال (بفارق 15 يومًا)، بينما سيكون قمر أكتوبر أقرب بكثير (بفارق 14.4 يومًا فقط). وهذا القرب من الاعتدال هو ما منحه لقب "قمر الحصاد" لهذا العام.

هذه الظاهرة ليست مألوفة؛ فمن بين الفترة الممتدة من عام 1970 إلى عام 2050، لم يحدث قمر الحصاد في أكتوبر سوى 18 مرة فقط. وكان آخرها عام 2020، ولن يتكرر بعد 2025 إلا في عام 2028.

قمر الحصاد في أكتوبر 2025 سيكون مرئياً بوضوح في معظم أنحاء العالم، مع أفضل مشاهدة في نصف الكرة الشمالي. في أمريكا الشمالية، تحديدًا الولايات المتحدة وكندا، سيظهر القمر كبيرًا ومشرقًا بعد غروب الشمس، بينما يمكن لمراقبي السماء في أوروبا مشاهدته بسهولة في جميع الدول الأوروبية.

أما في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، بما في ذلك المغرب والجزائر ومصر ودول الخليج، فستكون رؤية القمر ممتازة مساء 6 أكتوبر، فيما ستشهد دول آسيا مثل اليابان والصين والهند اكتمال القمر بوضوح. أما نصف الكرة الجنوبي، فسيكون القمر مرئيًا أيضًا، لكنه لن يحمل نفس الأهمية التقليدية المرتبطة بالحصاد، وستكون مشاهدته أقل تأثيرًا بصريًا مقارنة بالشمال.

مصطلح «القمر العملاق»

وتم صياغة مصطلح «القمر العملاق» لأول مرة عام 1979، ليشير إلى أي قمر جديد أو بدر يحدث عندما يكون القمر على بعد 90٪ تقريبًا من أقرب نقطة له إلى الأرض، والمعروفة باسم نقطة الحضيض.

ظاهرة القمر العملاق تجعل القمر يبدو أكبر حجماً عندما يكون قريبًا من الأفق، وهو ما يُعرف علميًا بـ «وهم القمر». يعتقد بعض العلماء أن الحجم النسبي للأشياء في الأفق، مثل الأشجار والمباني، يخدع العين ليظن المشاهد أن القمر أكبر من المعتاد.

وأوضحت وكالة ناسا في تدوينة لها: «تثبت الصور الفوتوغرافية أن عرض القمر نفسه عند الاقتراب من الأفق كما هو عندما يكون مرتفعًا في السماء، ولكن الدماغ يعالج هذه المعلومات بطريقة تجعلنا نراه أكبر».

وأضافت: «هذا الوهم متجذر في كيفية معالجة أدمغتنا للمعلومات البصرية، ورغم آلاف السنين من المراقبة، لا يزال السبب الدقيق لرؤية القمر بهذا الشكل يحتاج إلى تفسير علمي مقنع».

وفي الفترة المقبلة، ستصنَّف أقمار البدر في شهري نوفمبر وديسمبر أيضًا كـ أقمار عملاقة، مما يمنح مراقبي السماء فرصة لمشاهدة هذه الظاهرة الفلكية النادرة والفريدة.

وفي المملكة المتحدة، سيتزامن اكتمال القمر التالي مع يوم غاي فوكس في 5 نوفمبر، والمعروف أيضًا باسم «قمر القندس»، حيث سيكون البدر العملاق مرئيًا إلى جانب عروض الألعاب النارية، ما يخلق مشهدًا سماويًا ساحرًا إذا كانت السماء صافية.

سر شروق قمر الحصاد

الجانب الأكثر إدهاشاً في هذه الظاهرة هو توقيت شروق القمر.

عادةً يتأخر شروق البدر بحوالي 50 دقيقة يوميًا، لكن قمر الحصاد يشذّ عن هذه القاعدة، إذ يظهر في نفس التوقيت تقريبًا كل مساء لعدة أيام متتالية.

على سبيل المثال، في مدينة بوسطن سيشرق القمر:

5 أكتوبر: الساعة 5:32 مساءً

6 أكتوبر: الساعة 5:55 مساءً

7 أكتوبر: الساعة 6:20 مساءً

أي أن الفرق لا يتجاوز 24 دقيقة فقط. أما في مناطق شمالية مثل إدمونتون (كندا)، فإن الفارق لا يزيد عن 11 دقيقة، بينما في بعض خطوط العرض العليا قد يبدو القمر وكأنه يشرق أبكر من الليلة السابقة.

هذا "الخداع البصري الزمني" سببه زاوية مسار الشمس بالنسبة للأفق في فصل الخريف، حيث يكون منخفضًا، ما يجعل القمر يبدو وكأنه يشرق تدريجيًا في أوقات متقاربة، وفقا لموقع "space".

البعد الثقافي والرمزي

بعيدًا عن الفلك والزراعة، يحمل قمر الحصاد قيمة ثقافية خاصة. ففي تقاليد الأمريكيين الأصليين، كان يُعتبر القمر الأخير الذي يمنحهم فرصة لحصد محاصيلهم قبل دخول برد الشتاء. وكان ظهوره يمثل لحظة حاسمة تذكّر الإنسان بدورة الحياة والارتباط الوثيق بين الأرض والسماء.

حتى اليوم، لا يزال قمر الحصاد مصدر إلهام للشعراء والفنانين، ورمزًا للتجدد والتأمل في قوة الطبيعة التي لا تعرف حدودًا.

إذا كنت من عشاق التصوير الفلكي أو مراقبة السماء، فإن ليلة 6 أكتوبر 2025 ستكون فرصة ذهبية. فهذا البدر المضيء، الذي سيُشاهد بوضوح في معظم مناطق العالم، لن يتكرر بهذه الصورة النادرة إلا بعد سنوات.

قمر الحصاد ليس مجرد بدر آخر، بل حدث فلكي موسمي يربط بين العلم والتاريخ والثقافة، ويذكّرنا بأن السماء ما زالت تحتفظ بمفاجآت تستحق الترقب والانبهار.

يقرأون الآن