لبنان

من واشنطن إلى بيروت... خطوات بلا رجعة على طريق الإنقاذ؟

من واشنطن إلى بيروت... خطوات بلا رجعة على طريق الإنقاذ؟

تتواصل الاجتماعات المكثفة في العاصمة الأميركية واشنطن، حيث يعرض الوفد اللبناني المشارك في اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، برئاسة وزير المالية ياسين جابر، سلسلة من الخطط الإصلاحية التي أقرتها الحكومة والمجلس النيابي اللبناني، في محاولة لحشد الدعم الدولي الضروري لتعافي الاقتصاد اللبناني.

وأوضح المكتب الإعلامي للوزير جابر أن الوفد قدم خطة مالية متوسطة الأجل لصندوق النقد الدولي، تمثل خطوة إيجابية في مسار التفاوض، ويجري حالياً العمل على تطويرها بالتعاون مع فريق الصندوق.

محور اللقاءات: الإصلاحات وإعادة الهيكلة

تركزت المحادثات مع كبار مسؤولي صندوق النقد على إعادة هيكلة القطاع المصرفي وتوحيد وجهات النظر حول النقاط الخلافية بين الصندوق والدولة اللبنانية، كما تم استعراض برنامج المساعدة التقنية المقدم للبنان، والذي يشمل إصلاحات ضريبية وجمركية وإدارية، إلى جانب دعم بناء القدرات داخل وزارة المالية.

أما الاجتماعات مع مسؤولي البنك الدولي فقد تناولت محفظة مشاريع البنك في لبنان، مع التركيز على تسريع تنفيذ مشاريع البنية التحتية في الكهرباء والغاز والمياه، وتحضير مشروعين جديدين في مجالي الأمان الاجتماعي والتحول الرقمي. وقد رحب البنك الدولي بالخطوات الإصلاحية التي باشرتها الحكومة اللبنانية، وأكد دعمه المستمر، معلناً أن وفداً من 10 مديرين تنفيذيين سيزور بيروت في مطلع نوفمبر المقبل.

المجتمع الدولي: دعم مشروط باتفاق مع الصندوق

كما عقد الوفد اللبناني اجتماعاً مع المفوضية الأوروبية، التي أبدت استعدادها لزيادة الدعم والهبات المقدمة للبنان، شرط التوصل إلى اتفاق واضح مع صندوق النقد الدولي، ما يفتح المجال لتوسيع نطاق المساعدات الأوروبية في المرحلة المقبلة.

ومن المرتقب أن يشهد اليوم الثالث من الاجتماعات لقاءات مهمة لوزير المالية مع حكام مصارف مركزية ومسؤولين كبار من الخزانة الأميركية، إلى جانب اجتماع مع مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، ما يشير إلى استمرار الزخم نحو التقدم في مسار الإصلاح والتعافي الاقتصادي.

لبنان في G-24: الحرب كلّفتنا 11 مليار دولار

وفي سياق متصل، شارك الوزير جابر في الاجتماع الوزاري لمجموعة G-24، التي تضم دولاً نامية من بينها لبنان ومصر، وتشارك فيها الإمارات بصفة مراقب. وقد عقد الاجتماع هذا العام تحت عنوان: "سياسات التحوّل الهيكلي لتحفيز إمكانات النمو".

وفي كلمته خلال الاجتماع، عرض الوزير جابر حجم التحديات التي يواجهها لبنان في ظل التصعيد الجيوسياسي في المنطقة، مشيراً إلى أن كلفة الحرب على لبنان قُدّرت بأكثر من 11 مليار دولار أميركي، فضلاً عن الخسائر البشرية والنزوح.

وأكد أن لبنان يقف عند "مفترق طرق"، ويواجه تحديات غير مسبوقة، لكنه "مصمم على شق طريق التعافي"، داعياً المجتمع الدولي إلى عدم تغليب السياسة على الاحتياجات الإنسانية، والتعامل مع لبنان كشريك لا كمتلقٍ للمساعدات.

الإصلاح المالي والتحول الاقتصادي

وشدد الوزير جابر على أن الحكومة تضع في أولوياتها ضبط المالية العامة، إصلاح القطاع العام، وتعزيز الإيرادات من خلال سياسات ضريبية حديثة وإدارة مالية فعالة، بما يضمن استدامة الدين واستعادة التوازن الاقتصادي.

كما استعرض خطة لبنان للتحول الهيكلي، والتي تتضمن إصلاحات شاملة في قطاعات الطاقة والمياه، دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص، إلى جانب الدفع نحو التحول الرقمي.

وختم الوزير كلمته قائلاً: "رحلة لبنان هي رحلة مثابرة وصمود. ما نطلبه ليس صدقة، بل شراكة حقيقية تعيد بناء الثقة في مؤسسات الدولة واقتصادها، وتمنح شعبنا أملاً بمستقبل أفضل".

يقرأون الآن