خلافاً للتوقعات، لم تحمل نائبة الموفد الأميركي للشرق الأوسط مورغان أورتاغوس خلال زيارتها الى بيروت ولقائها الرؤساء الثلاثة رسائل تهديد أو تحذير الى لبنان، إذ اقتصر الأمر على التعبير عن امتعاض أميركي وإٍسرائيلي من بطء الحكومة في تنفيذ قراراتها بحصر السلاح بيد الدولة اللبنانية. وبالمقابل، فإن هذه الأجواء لا تلغي أننا أمام واقع صعب ومعلق، لاسيما أن زيارة أورتاغوس تزامنت مع زيارة رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد ووفد مصري الى بيروت، وسبقتها زيارة للسفير المصري في لبنان علاء موسى الى رئيسي الجمهورية والحكومة.
وكما يظهر، فإن هذه الدبلوماسية المصرية لم تأتِ من فراغ، إذ تحمل قراءة سياسية وأمنية في خضم التطورات السياسية في المنطقة، كما تحمل في جعبتها رسالة تحذير من عملية عسكرية إسرائيلية.
وعلى خطٍ موازٍ، لم يلتئم مجلس النواب لاستكمال الجلسة التشريعية التي دعا اليها الرئيس نبيه بري، لعدم اكتمال النصاب القانوني اللازم لانعقادها، وفي هذا المجال سألت مصادر "الأنباء الالكترونية" عن الفائدة التي تنتجها مقاطعة جلسات المجلس النيابي وبالتالي تعطيل الدور التشريعي المهم خصوصاً في هذه المرحلة الحساسة.
أنظمة دفاع الى الجيش؟!
وخلال استقباله أورتاغوس، أكد رئيس الجمهورية جوزاف عون ضرورة تفعيل عمل لجنة "الميكانيزم" ووقف الخروق والاعتداءات الإسرائيلية المستمرة على لبنان، مشدداً على ضرورة تطبيق القرار 1701 في الجنوب لتمكين الجيش اللبناني من استكمال انتشاره حتى الحدود الدولية الجنوبية.
وإذ شهدت الأسابيع السابقة تصعيداً إسرائيلياً غير مسبوق تمثل في إسقاط "اليونيفيل" طائرة إسرائيلية مسيّرة حلقت فوق إحدى دورياتها "بشكل هجومي"، فإن القوات الدولية أشارت في بيان الى أن قوات حفظ السلام قامت "بتطبيق التدابير المضادة الدفاعية الضرورية لتحييد الطائرة المسيّرة".
وفي هذا الصدد، رحبّت مصادر سياسية بتصدي "اليونيفيل" للمسيرة الإسرائيلية، إلا أنها تمنّت أن تشمل المساعدات الأميركية المقدمة الى الجيش اللبناني أنظمة دفاع جوي تمكنه من التصدي للمسيرات الاسرائيلية.
مؤشرات مقلقة!
ويعيش لبنان حالة من الترقب لأي قرار إسرائيلي باستئناف حرب أوسع عليه، ووجود خوف فعلي من عملية قد تكون قريبة على لبنان، أجواؤها مؤلفة من ثلاثة عناصر، وفق ما يرى مصدر مراقب لـ "الأنباء الإلكترونية". العنصر الأول حسب المصدر، يتمثل في الضغط الأميركي على رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو للرجوع عن قرار ضم الضفة الغربية وعدم إفشال إتفاق وقف الحرب في غزة، وكما يبدو فانه يبحث عن متنفس داخلي له بالتحرك نحو لبنان. والعنصر الثاني "الجولة الميدانية لأورتاغوس على الحدود اللبنانية عشية زيارتها الى لبنان برفقة وزير دفاع العدو يسرائيل كاتس".
أما العنصر الثالث بحسب المصدر، فيكمن في الزيارة الاستثنائية لرئيس المخابرات المصرية، ولقائه الرؤساء الثلاثة، حاملاً رسالة تحذير الى الدولة اللبنانية، وخصوصاً أنه سبق والتقى نتنياهو مؤخراً.
وبحث رشاد مع الرئيس عون كيفية الاستفادة من أجواء اتفاق غزة وقمة شرم الشيخ لتوسيعها حتى تشمل لبنان، علماً أن لبنان لم يُدعَ الى القمة آنذاك.
وهنا شدد المصدر عينه، على أن مصر معنية في الملف اللبناني وغزة وعقدت قمة شرم الشيخ للسلام بغطاء عربي ودولي، ويبدو أنها تشتم مؤشرات غير سليمة من تل أبيب تجاه لبنان، وتحاول أن تحذره لاتخاذ الخطوات اللازمة لانتزاع فتيل الأزمة من يد نتنياهو، بعد أخذ ضوء أخضر أميركي.
وفي سياق متصل، تسود أجواء خارجية تفيد بأن ثمة تقاعساً واضحاً بشأن سلاح "حزب الله"، وعدم قدرة الدولة على تنفيذ قرارتها في هذا الصدد تخوفاً من صدامات داخلية قد توصل الى حرب أهلية.
الى ذلك، فإن اعتبار الدعوة الى التفاوض غير المباشر مع إسرائيل لم تكن موجودة لولا إشارة أعطاها "حزب الله" الى الرئيس بري، الذي لن يكون هذه المرة مفاوضاً وترك الأمر لرئيس الجمهورية والسلطة التنفيذية، خلافاً لدوره في ملف ترسيم الحدود البحرية.
ولفتت مصادر لـ "الأنباء الإلكترونية" الى أن "ثمة عملية واضحة من حزب الله للهروب الى الأمام كي لا يتم تنفيذ الاتفاقات، ريثما تجهز إيران لأي تفاوض قادم مع الولايات المتحدة، وبالتالي يبقى لبنان معلقاً وهذا شيء غير مريح له ولتنفيذ القرارات".
لا بد من تسوية سياسية!
ومع زحمة الحركة الدبلوماسية في لبنان، لم يلتئم مجلس النواب في جلسته أمس لعدم توافر النصاب القانوني لانعقادها، بحيث حضر إلى المجلس 63 نائباً، فيما قاطع نواب كتل "الجمهورية القوية" و"الكتائب" و"تحالف التغيير" و"الاعتدال الوطني" وعدد من النواب المستقلين.
وإذ رفع الرئيس بري الجلسة إلى موعد لم يحدد، إعتبر عضو كتلة "اللقاء الديمقراطي" النائب هادي أبو الحسن في تصريح عبر "موقف تقدمي" في "الأنباء الإلكترونية"، أن عدم حضور الجلسات أو مقاطعتها "حق ديمقراطي بالتعبير ولكن لا لتعطيل الحياة الدستورية التشريعية وخصوصاً أننا مقبلون على مناقشة قانون الموازنة وإقراره، وهذا مهم جداً للمواطن اللبناني".
وسأل أبو الحسن هل سنصل بتعطيل المجلس الى إخضاع الفريق الآخر، والقبول بالتسوية؟ وأعرب عن خشيته من أن يصبح الاستحقاق الانتخابي ضحية هذا الاستعصاء، داعياً "الجميع الى نقاش سريع لأن المهل تداهمنا والاستحقاق يقترب، ولا بد من تسوية سياسية تؤمن الحقوق والمساواة والعدالة بين المواطنين".


