شهدت المنطقة خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية تحركات إسرائيلية مكثفة لشحنات أسلحة غامضة حول إيران، حيث تم نقلها عبر طائرة الشحن العسكري الضخمة إيه إن-124 (An-124)، وهي من أكبر الطائرات العسكرية في العالم، أصلها أوكراني وتدار حالياً من قبل حلف الناتو. الرحلة الأخيرة للطائرة كانت مثيرة للانتباه، إذ أقلعت من دبي بالإمارات العربية المتحدة متجهة مباشرة إلى مطار بنغورين في تل أبيب، حيث وثق تسجيل مصور عملية تحميل عربات عسكرية غامضة على متنها. وبالنظر إلى حجم الطائرة وطبيعة العربات، يبدو أن الشحنة ليست صغيرة، بل تمثل معدات عسكرية مهمة، يُحتمل أن تكون منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلية من نوع "سبايدر"، وهي منظومات دفاعية متوسطة المدى قادرة على التعامل مع الطائرات الحربية والطائرات المسيرة والمروحيات، مما يضاعف أهميتها بالنسبة لإسرائيل.معدات عسكرية.
وأظهرت صور أخرى من مطار بنغورين وصول ثلاث عربات عسكرية تم تحميلها على متن الطائرة، قبل أن تتجه الرحلة من تل أبيب إلى العاصمة الجورجية تبليسي، في خطوة تحمل دلالات متعددة، بما في ذلك تحدي روسيا التي تنقل بشكل مستمر أسلحة إلى إيران عبر رحلات مماثلة من وإلى أراضيها. وقد توقف هذا النوع من الشحنات إلى جورجيا منذ عام 2008 تحت ضغط روسي.
كما تم رصد تحركات الطائرة نفسها في نوفمبر الماضي متجهة من صربيا إلى أذربيجان، وهو ما أثار الشكوك الإيرانية حول استخدام أجواء هذه الدول في عمليات استهداف إيران خلال حرب الـ12 يوماً، أو في عمليات نفذها الموساد الإسرائيلي. هذه التحركات، إلى جانب شحنات إسرائيلية أخرى وصلت عبر طائرات بوينغ 747 في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر، تشير إلى استعداد إسرائيل لتعزيز وجودها العسكري في منطقة القوقاز وزيادة نفوذها على بحر قزوين، بما يضع إيران تحت ضغط مستمر على الصعيدين العسكري والاستخباري.
رداً على هذه الضغوط، أعلنت إيران عن عودة فرقاطة "سهند" إلى الخدمة البحرية، وتحويل ناقلة نفط إلى قاعدة عسكرية مزودة بمنصات إطلاق صواريخ، بالإضافة إلى احتجاز ناقلة نفط أخرى في مضيق هرمز، في رسالة واضحة للقدرة على التصعيد إذا استمر الضغط الخارجي، خصوصاً من الولايات المتحدة وإسرائيل.
دبلوماسياً، تسعى إيران لتخفيف التوتر عبر تعزيز العلاقات مع دول المنطقة، بما في ذلك تركيا والمملكة العربية السعودية، على أمل فتح قنوات تفاوضية مع الولايات المتحدة ووكالة الطاقة الذرية، في محاولة لكسب الوقت وتجنب مواجهة مباشرة مع إسرائيل. ومع ذلك، يبقى الانقسام واضحاً داخل القيادة الإيرانية، بين القائد الأعلى الذي يستمر في خطاب التهديد والمجادلة مع إسرائيل والولايات المتحدة، وبين القادة المدنيين الذين يسعون للتواصل مع الدول الإقليمية لتخفيف الضغط وتحسين الوضع الاقتصادي والسياسي الداخلي.
منظومة سبايدر الإسرائيلية تُعد من أبرز منظومات الدفاع الجوي قصيرة ومتوسطة المدى، وقد طُوّرت لتوفير قدرة سريعة على اعتراض التهديدات الجوية المتنوعة. تستند المنظومة إلى صواريخ جو–جو معدلة للإطلاق من الأرض، مثل «بايثون‑5» و«دربي»، وهما صاروخان يتمتعان بقدرة عالية على المناورة وتتبع الأهداف عبر باحثات متقدمة تعمل بالأشعة تحت الحمراء أو الرادار. هذا الدمج يمنح المنظومة استجابة مرنة ضد الطائرات والطائرات المسيّرة والمروحيات والصواريخ الجوالة.
يتميز نظام سبايدر بوقت ردّ فعل قصير، إذ يعتمد على مركبات إطلاق متنقلة قادرة على التحرك السريع والانتشار في أي بيئة عملياتية. وتمتاز منصة الإطلاق بقدرتها على الاشتباك مع عدة أهداف في آن واحد، مع نظام قيادة وسيطرة متطور يدمج الرادارات مع وحدات الإطلاق لتأمين تغطية دائرية. وتستطيع المنظومة اعتراض تهديدات على ارتفاعات مختلفة ومديات تتباين بحسب النسخة المستخدمة، حيث توفر النسخة القصيرة المدى حماية للنقاط الحيوية والقوات المتحركة، بينما تمنح النسخة المتوسطة المدى مظلة دفاعية أوسع.
تم تصميم سبايدر لتعمل ضمن شبكة دفاعية أكبر، إذ يمكن دمجها بسهولة مع منظومات أخرى للرصد والإنذار المبكر، ما يعزز قدرتها على التعامل مع الهجمات المفاجئة أو المتعددة المحاور. كما أن صواريخها مزودة بأنظمة توجيه تقلل التأثر بالتشويش الإلكتروني، وتزيد من دقة الإصابة ضد أهداف ذات بصمة حرارية أو رادارية منخفضة.
منظومة سبايدر SPYDER هي نظام دفاع جوي إسرائيلي متحرك على شاحنة تاترا سداسية الدفع 6 × 6، مصممة للتعامل مع مجموعة متنوعة من التهديدات الجوية. يعتمد النظام على نوعين من الصواريخ، الأول بايثون-5 الذي يبلغ طوله 3 أمتار ويزن 105 كيلوجرامات، ويحمل رأسًا حربيًا وزنه 11 كيلوجرامًا، ويُوجه بواسطة الأشعة تحت الحمراء والتوجيه الكهروبصري، ويصل مداه إلى 20 كيلومترًا. النوع الثاني هو صاروخ ديربي الذي يبلغ طوله 3.6 متر ويزن 118 كيلوجرامًا، ويحمل رأسًا حربيًا وزنه 23 كيلوجرامًا، ويُوجه بالرادار النشط ويصل مداه إلى 50 كيلومترًا بسرعة تصل إلى 4 ماخ. المنظومة متوفرة بنسختين، قصيرة المدى ومتوسطة المدى، حيث تحمل النسخة القصيرة أربع صواريخ لكل عربة إطلاق، بينما النسخة المتوسطة تحمل ثمانية صواريخ وتتميز بالإطلاق العمودي لتوفير أفضلية في التعامل مع جميع أنواع الأهداف.
تستطيع المنظومة التعامل مع الطائرات الحربية والمروحيات والطائرات المسيرة والصواريخ المجنحة، وتتميز بسرعة نشر عالية ومرونة كبيرة، ما يجعلها قادرة على توفير غطاء دفاع جوي فعال للقوات البرية. من الدول المالكة للمنظومة سنغافورة والهند وجورجيا والبيرو، مع بعض التقارير غير المؤكدة عن وجودها في إثيوبيا.
تتمتع سبايدر برد فعل سريع، إذ تحتاج خمس ثوانٍ فقط لإطلاق النار بعد تحديد الهدف، وتغطي مجال 360 درجة مع القدرة على متابعة 60 هدفًا في الوقت نفسه. الصواريخ مزودة بتوجيه بالأشعة تحت الحمراء مع قاعدة بيانات ضخمة للأهداف، ما يجعلها قادرة على العمل بنظام “أطلق وانسى”، حيث يتتبع الصاروخ الهدف حتى إصابته. المنظومة سهلة الاستخدام ويمكن تشغيلها من قبل جنود غير متمرسين، ولا تترك الصواريخ دخانًا خلفها، مما يصعّب رصدها بصريًا.
يمكن أن تعمل سبايدر بشكل مستقل أو ضمن تشكيل دفاعي يشمل مركبة قيادة وتحكم مزودة برادار، مركبات لإعادة التزود بالصواريخ، مركبات لوجستية وصيانة، وستة منصات إطلاق لكل مركبة حسب النسخة. كل مركبة مزودة برادار ووحدة اتصال تتيح التواصل ضمن نطاق 10 كيلومترات، ما يسمح بنشر كل مركبة بشكل منفصل لتقليل خطر الاستهداف وزيادة الفاعلية. تحتوي المنظومة على ثلاثة أوضاع تشغيل: يدوي يحدد فيه الجندي الهدف ويطلق الصواريخ، شبه تلقائي يحدد الرادار الهدف ويجهز المنظومة للإطلاق مع انتظار تأكيد الجندي، وتلقائي بالكامل حيث تحدد المنظومة الهدف وتتعامل معه مباشرة دون تدخل بشري.


