في لبنان، يقف المزارع يوميًا كأنه يخوض معركة صامتة بين طبيعة قاسية وأسواق متقلّبة، محاولًا حماية محاصيله من الخسارة وسط ارتفاع كلفة الإنتاج، ونقص المياه هذا الموسم، وتقلّبات الأسعار العالميّة.
وفي هذا الواقع الذي يكاد يرهق أيّ مبادرة، بدأت وزارة الزراعة تتحرّك بخطوات عملية، قد تختلف عن سياسات الوزارات السابقة، لتنتقل من مجرّد الشعارات إلى إجراءات واقعية تهدف إلى دعم المزارعين، تنظيم الإنتاج، وتسويق المحاصيل محليًا وخارجيًا، بما يخفف العبء عن القطاع ويحمي دورة الإنتاج الزراعي في البلاد.
ولكن يبقى السؤال الأكبر: هل ستستمرّ هذه السياسة الجديدة لتشكّل قاعدة حقيقية لدعم الزراعة اللبنانية، أم ستبقى مجرّد خطوة موقتة في موسم يمرّ بسرعة؟
وفي حديث لـ "نداء الوطن"، أكد وزير الزراعة نزار هاني أن حملة دعم البطاطا ليست مجرّد نشاط عابر، بل تهدف إلى تشجيع المواطنين على شراء البطاطا، بالتوازي مع دعم تصديرها إلى الخارج للحدّ من الكميات المكدّسة في البرّادات.
وأوضح أن هذا العام استثنائي من حيث انخفاض أسعار البطاطا عالميًا، سواء في أوروبا أو مصر أو الخليج، ما دفع الوزارة إلى الاتفاق مع المزارعين على تخزين الإنتاج في البرّادات إلى حين توفر فرص تسويق أفضل. وقد بدأت بالفعل بوادر انفراج تسمح بتسويق أفضل في دول الخليج، خصوصًا بعد خفض كلفة النقل، مثنيًا على تعاون شركات الشحن ولا سيّما CMA، بما يتيح للبطاطا اللبنانية القدرة على المنافسة بأسعار مقبولة في تلك الأسواق.
ودعا الوزير كلّ من يرغب في دعم الحملة إلى شراء ما يستطيع من البطاطا، سواء 20 أو 30 كيلوغرامًا أو أكثر، لافتًا إلى أن المؤسّسات يمكنها الشراء بكميات كبرى، وأن الأسواق المحلية اليوم لا تضمّ سوى البطاطا اللبنانية التي تسعى الوزارة إلى تصريف كامل إنتاجها.
وفي ما يتعلّق بالخطط المستقبلية لدعم القطاع، أوضح هاني أن اللجنة الوطنية للبطاطا وضعت خطة عمل ترتكز على عدّة عناوين، أبرزها: أوّلًا، ضبط كمية الإنتاج بما يتناسب مع حاجة السوق المحلّية التي تستهلك نحو 500 طن يوميًا، مع تخصيص الفائض للتصدير.
ثانيًا، تعزيز العلاقة التعاقدية بين مزارعي البطاطا والمصانع المنتجة للـ chips وغيرها، بحيث تتمّ زراعة الأنواع المطلوبة لهذه الصناعات.
ثالثًا، السعي إلى إعادة فتح الخط البري عبر السعودية لما يتيحه من تسهيل للوصول إلى دول الخليج وخفض كبير في كلفة النقل.
وأشار إلى أن سعر البطاطا في الأسواق ما زال مقبولًا رغم التكدّس، وأن مردود المزارعين ما زال يغطي كلفة الإنتاج بشكل جيّد.
وختم الوزير بالتأكيد أن الحملات الوطنية أثبتت فائدتها، مثل يوم التفاح والعنب والزيتون، حيث تُجمع كلّ أطراف القطاع على عرض نتائج عمل اللجان الوطنية ومناقشة آليات تطوير كل قطاع. كما أكد استمرار هذه الأيام الوطنية خلال العام الحالي والمقبل.


