الجزائر

هروب طلاب من منازلهم يغضب الجزائريين.. ما السبب؟

هروب طلاب من منازلهم يغضب الجزائريين.. ما السبب؟

دفع الإعلان عن نتائج التلاميذ الدراسية، مع نهاية الفصل الأول في الجزائر، طلاباً صغاراً إلى الهروب من بيوتهم، بعد حصولهم على علامات متدنية خوفاً من العقوبة، ما أثار سخطاً واسعاً بين الجزائريين.

فمع نهاية الفصل الأول من الفصول الدراسية الثلاثة، كشفت المدارس بجميع مراحلها - ابتدائي، متوسط وثانوي- الخميس، عن علامات التلاميذ في لقاءات نظمت بين الأساتذة والأولياء. إلا أن بعض التلاميذ، وخوفا من عقوبة الأولياء، تهربوا من مواجهتهم، حيث اختفى بعضهم عن البيوت لساعات، في حين ذهب آخرون إلى تصرفات صادمة.

وتصدرت قضية الفتاة نيهال المقيمة في حي البدر في العاصمة الجزائر، وسائل التواصل بعدما نشر عمها فيديو قال فيه إنها "غادرت المنزل بسبب نتائج الفصل الأول"، داعيا كل من رآها أن يعيدها إلى المنزل.

كما نشر والدها فيديو ثانياً، قال فيه: "لقد خشيت من عقوبة والدتها لها، بسبب حصولها على معدل فصلي أدنى من المتوقع". وأوضح الوالد باكيا: "لقد وعدت ابنتي والدتها أن تكون من بين العشرة الأوائل، لكن ذلك لم يحدث، ما دفع الفتاة إلى الهروب خوفاً"، وبعد ساعات من البحث المتواصل تبين أنها كانت مختبئة في سلالم إحدى عمارات الحي المجاور، لليلة كاملة.

أيضاً ظهرت قضية هروب الطفل ولاء (12 سنة)، الطالب في متوسطة باجي مختار بوشقوف، من المنزل بسبب نتيجة المعدل الفصلي، حيث قام جميع سكان الحي والقرية بالبحث عنه.

انتحار.. وتحقيق

وفي ولاية قسنطينة (700 كيلومتر شرق العاصمة الجزائر)، قام طفل يبلغ من العمر 15 سنة بوضع حد لحياته، ما أثار تعاطفاً كبيراً من طرف سكان الحي والمدينة مع قصته، وربطها البعض بتدني معدله الفصلي، إلى غاية صدور نتائج التحقيق.

وأثارت هذه الحوادث تفاعلاً كبيراً من طرف الجزائريين على مواقع التواصل الاجتماعي: "الضرب لا يجعل التلميذ يدرس، لكن يجعله يخاف من أي شيء".

في هذا الشأن، قال المختص الاجتماعي والتربوي عمار بلحسن: "ظاهرة خوف الأطفال من عقوبة الأولياء في حال حصولهم على نتائج دراسية متدنية أو حتى متوسطة لها أكثر من وجه".

"فشلوا في الحياة"

وشرح المتحدث لـ"العربية.نت" قائلا: "أولاً يجب وضع الظاهرة في قالبها الاجتماعي، حيث إن المجتمع يضع الأطفال الذين يغادرون مقاعد الدراسة مبكراً كأنهم فشلوا في الحياة، أي ينظرون إليهم نظرة دونية، رغم أن الدراسة ليست المعيار الوحيد للنجاح، كما أن للطفل أو المراهق مئات الفرص الأخرى للنجاح، سواء بامتهان حرفة أو مهنة أو تجارة أو غيرها، ونحن هنا لا نقلل من أهمية الجانب العلمي الذي يمكن أن يتلقاه الطفل بمفرده أو برفقة والديه، حتى إننا نرى في بلدان متطورة توجهاً نحو الدراسة البيتية والتخلي تدريجياً عن المدرسة".

وأضاف المتحدث: "هذا الضغط المجتمعي يسقط على الأولياء، ليضغطوا بدورهم على أبنائهم، ويمارسوا عليهم رقابة مستمرة، وأحيانا تتجاوز حدود المتابعة إلى التهديد والتعنيف".

"ظاهرة سنوية"

وقال بلحسن: "إن هذه الممارسة حتى وإن أتت بنتائج إيجابية في الصغر، لكنها قد تنعكس سلباً على شخصية التلميذ مستقبلاً، حيث ينشأ بنفسية هشة، يفعل ما يطلب منه، أو ما يراه المجتمع صحيحاً دون أن يكون مقتنعاً به، وينشأ تائهاً لا هدف له، ولا يفرق بين الصحيح والخطأ إلا بعيون الآخرين، كما قد يبقى متعلقاً بوالديه مدى الحياة".

من جانبه، أكد عضو جمعية أولياء التلاميذ ناصر جيلالي قائلاً: "حقيقة هذه الظاهرة نسجلها سنوياً بحدة متفاوتة، رغم أننا في لقاءاتنا نركز على ضرورة مراعاة نفسية التلميذ خلال التعامل معه".

ومع ذلك، أضاف بلحسن: "نرى أن بعض الأولياء وبعض الأساتذة أيضا ينعتون الفاشلين في الدراسة بأبشع الأوصاف، وهو ما يولد لدى التلميذ إحساساً بالدونية في حال فشله، وبجلد الذات رغم أن النتائج الدراسية هي نسبية، فمن جهة هي لا تعبر عن مستوى ذكاء التلميذ بالضرورة، كما أنها ظرفية، حيث إن التلميذ قد لا ينجح في طور دراسي أو مادة ما، وينجح لاحقاً.. وهكذا".

يقرأون الآن