قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم الأحد إنه أجرى مكالمة "مثمرة للغاية" مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وذلك قبل لقائه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في فلوريدا.
ويلتقي ترامب وزيلينسكي للبحث في قضية أوكرانيا ومحاولة الحصول على موافقة الرئيس الأميركي على النسخة الأخيرة من خطة السلام الرامية إلى إنهاء الحرب المستمرة مع روسيا منذ نحو أربع سنوات.
وقال ترامب لموقع بوليتيكو الجمعة إن نظيره الأوكراني الذي يصل حاملا معه أحدث مقترحاته بشأن القضية الشائكة المتعلقة بتقاسم الأراضي، "لا يملك أي شيء حتى أوافق أنا عليه".
مع ذلك، بدا دونالد ترامب واثقا في نتائج المحادثات، قائلا "أعتقد أن الأمور ستسير على ما يرام معه. وأعتقد أنها ستسير على ما يرام مع (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين" الذي يعتزم التحدث معه "قريبا".
وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موسكو ستواصل "انخراطها مع المفاوضين الأميركيين لوضع اتفاقات دائمة تعالج الأسباب الجذرية للنزاع"، مع انتقاده للأوروبيين، وفق تصريحات نقلتها وكالة تاس للأنباء.
وأضاف: "بعد تغيّر الإدارة في الولايات المتحدة، أصبحت أوروبا والاتحاد الأوروبي العقبة الرئيسية أمام السلام"، معتبرا أن الأوروبيين "لا يخفون نواياهم في الاستعداد لحرب ضد روسيا".
وتابع: "طموح القادة الأوروبيين يعميهم حرفيا: فهم ليسوا غير مبالين بالأوكرانيين فحسب، بل يبدو أنهم غير مبالين أيضا بشعوبهم".
من جانبه، أعرب زيلينسكي خلال محطة له في كندا السبت، عن أمله في أن يكون الاجتماع مع ترامب "بنّاء للغاية"، مشيرا إلى أنه تشاور مسبقا مع حلفائه الأوروبيين.
وأكد الأوروبيون للرئيس الأوكراني "دعمهم الكامل"، وفق المستشار الألماني فريدريش ميرتس. وفي كندا، حصل زيلينسكي على حزمة مساعدات اقتصادية جديدة بقيمة 2,5 مليار دولار كندي (1,8 مليار دولار أميركي) من رئيس الوزراء مارك كارني.
ويستقبل دونالد ترامب فولوديمير زيلينسكي عند الساعة 13,00 (18,00 ت غ) في منتجعه مارالاغو.
وأصبح هذا المقر الخاص في بالم بيتش، حيث يمضي الرئيس الجمهوري البالغ 79 عاما عطلته، بمثابة ملحق للبيت الأبيض. ومن المقرر أن يستضيف ترامب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في المقر عينه الاثنين.
وبعد لقاء زيلينسكي بترامب، من المرتقب أن يجري الرئيسان مكالمة هاتفية مع الزعماء الأوروبيين، بحسب ما أفاد الناطق باسم الرئاسة الأوكرانية.
وقال سيرغي نيكيفوروف في تصريحات للإعلام إنه "من المرتقب إجراء مكالمة هاتفية بين الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي والرئيس الأميركي دونالد ترامب، والزعماء الأوروبيين"، مشيرا إلى أن "اللائحة النهائية للمشاركين ما زالت قيد الإعداد".
لم يكن الاجتماع الأخير بين الرئيسين الأميركي والأوكراني في تشرين الأول/أكتوبر، حين طلب فولوديمير زيلينسكي صواريخ توماهوك من دون جدوى، وديا بشكل خاص.
وتأتي القمة في فلوريدا عقب اقتراح الرئيس الأوكراني نسخة جديدة من الخطة الأميركية لإنهاء الحرب، بعد تعديلها إثر محادثات مع أوكرانيا، وهو ما أثار استياء موسكو.
بعد نسخة أولية كانت أكثر مراعاة للمطالب الروسية، يعتقد الكرملين أن كييف تحاول من خلال هذه النسخة الأخيرة "نسف" المحادثات.
وفي تصعيد للضغط الميداني، أعلنت روسيا السبت أنها سيطرت على بلدتين جديدتين في شرق أوكرانيا، هما ميرنوغراد وغوليايبول.
وقال بوتين السبت: "إذا لم ترغب السلطات في كييف في تسوية هذه القضية سلميا، فسنحل كل المشكلات التي تواجهنا بالوسائل العسكرية".
وأضاف الرئيس الروسي أن "قادة نظام كييف ليسوا في عجلة من أمرهم لحل هذا النزاع سلميا". واستذكر قائلا "لقد تحدثت عن هذا الأمر قبل عام في خطاب ألقيته في وزارة الخارجية".
عشية الاجتماع في فلوريدا، هاجمت موسكو كييف والمنطقة المحيطة بها بمئات المسيّرات وعشرات الصواريخ، ما أسفر عن مقتل شخصين وانقطاع التيار الكهربائي عن أكثر من مليون منزل.
وأعلنت شركة "دتيك"، أكبر مستثمر خاص في قطاع الطاقة الأوكراني، الأحد استئناف تزويد "جميع المنازل في العاصمة" بالتيار الكهربائي.
وقال زيلينسكي السبت إن هذا الهجوم يُجسّد "رد روسيا على جهودنا السلمية".
ولم يعد دونالد ترامب يُخفي استياءه من طول أمد المفاوضات. فقد صرّحت الناطقة باسمه كارولاين ليفيت في 11 كانون الأول/ديسمبر أنه "يشعر بإحباط شديد من كلا الجانبين".
في 19 كانون الأول/ديسمبر، حثّ الرئيس الأميركي أوكرانيا على اتخاذ إجراءات لإنهاء المراوحة المستمرة.
لكن هل سينجح فولوديمير زيلينسكي في إقناعه بتوجيه رسالة مماثلة إلى موسكو، لا سيما وأن النسخة الأخيرة من الخطة تبدو غير مقبولة لدى الروس؟
تقترح الوثيقة المكونة من 20 بندا تجميد خطوط القتال على الجبهة من دون التطرق إلى المطلب الروسي بسحب القوات الأوكرانية من نحو 20% من منطقة دونيتسك الشرقية التي لا تزال تحت سيطرتها.
كما أن النص الجديد لم يعد يتضمن أي التزام قانوني على أوكرانيا بالامتناع عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وهو مطلب رئيسي آخر للكرملين.
إلى جانب مصير دونباس، المنطقة الواقعة في شرق أوكرانيا والتي تطالب بها موسكو، ومصير محطة زابوريجيا النووية التي يحتلها الروس في الجنوب، من المتوقع أن يناقش الرئيسان الضمانات الأمنية التي يمكن أن تقدمها القوى الغربية كجزء من اتفاق سلام محتمل.
وشدد زيلينسكي السبت على أن "هذه الضمانات الأمنية يجب أن تأتي بالتزامن مع نهاية الحرب".
وكان الرئيس الأميركي قد أشار مؤخرا إلى أن أوكرانيا، من وجهة نظره، لديها كل المصلحة في تجميد خطوط الجبهة بأسرع وقت ممكن في مواجهة أي تقدم روسي مستقبلي، يعتبره حتميا.
وقال في الثامن من كانون الأول/ديسمبر: "روسيا متقدمة، ولطالما كانت كذلك".
لكن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين أكدت السبت عقب مكالمة هاتفية مع زيلينسكي، على ضرورة أن يحافظ أي اتفاق سلام على "سيادة" أوكرانيا و"وحدة أراضيها".


