منوعات

دراسة جديدة تهز ثوابت الفيزياء وتثير جدلا بشأن مصير الكون

دراسة جديدة تهز ثوابت الفيزياء وتثير جدلا بشأن مصير الكون

اكتشف فريق من العلماء الكوريين الجنوبيين أدلة تشير إلى أن الطاقة المظلمة قد تنهي الكون في حدث أطلق عليه علماء الفلك اسم "الانسحاق العظيم" أو "الانهيار الكبير" (Big Crunch).

وتشير التحليلات إلى أن المجرات قد تنجذب نحو بعضها مجددا بفعل الجاذبية، بدلا من استمرار الكون في التوسع.

ويعتقد العلماء الذين أجروا التحليل أنهم قد يكونون على أعتاب أحد أهم الاكتشافات الفلكية منذ عقود. ومع ذلك، فقد شكك علماء فلك آخرون في هذه النتائج، لكنهم غير قادرين على استبعادها تماما.

وفي السابق، اعتقد علماء الفلك أن توسع الكون، الذي بدأ مع الانفجار العظيم، سوف يتباطأ تدريجيا بسبب الجاذبية. لكن في عام 1998، اكتشفت أدلة على وجود الطاقة المظلمة كقوة تسرع من توسع الكون. واقترحت نظريات أن التوسع الكوني سوف يباعد النجوم لمسافات شاسعة لدرجة أن السماء ليلا ستصبح شبه فارغة، فيما اقترحت نظريات أخرى إمكانية تمزق الذرات نفسها في حدث وصف بـ"التمزق العظيم" (Big Rip).

وفي مارس من العام الحالي، تم جمع نتائج مفاجئة من أداة مثبتة على تلسكوب في صحراء أريزونا تدعى "مقياس الطيف للطاقة المظلمة" (DESI). وفقا للأستاذ أوفر لاهاف من كلية لندن الجامعية (UCL)، تشير البيانات إلى أن تسارع المجرات قد تغير مع مرور الزمن. وقال: "الآن مع هذه الطاقة المظلمة المتغيرة التي تتصاعد ثم تهبط مرة أخرى، نحتاج إلى آلية جديدة. وهذا قد يحدث هزة للفيزياء بأكملها".

وعاد البروفيسور يونغ ووك لي من جامعة يونسي في سيئول وفريقه إلى نوعية بيانات المستعرات العظمى التي كشفت عن الطاقة المظلمة لأول مرة قبل ثلاثة عقود تقريبا. وأشارت التعديلات التي أجراها الفريق إلى أن الطاقة المظلمة لم تتغير مع مرور الوقت فحسب، بل إن التسارع في الحقيقة كان يتباطأ. وقال البروفيسور لي: "مصير الكون سيتغير".

وإذا كانت الطاقة المظلمة تضعف حقا، فإن أحد الاحتمالات هو أن تصبح ضعيفة لدرجة تبدأ فيها الجاذبية بسحب المجرات مرة أخرى باتجاه بعضها. وهذا يعني أن حدوث "الانهيار الكبير" ممكن.

ومع ذلك، ما يزال الرأي السائد هو أن الكون يتسارع في توسعه مدفوعا بطاقة مظلمة شبه ثابتة. وقد شكك علماء فلك بارزون مثل البروفيسور جورج إيفستاثيو من معهد علم الفلك بجامعة كامبريدج في نظرية البروفيسور لي. ووصف البروفيسور إيفستاثيو الفكرة بأنها "ضعيفة"، مضيفا أنه يعتقد أن الفكرة "تعكس فقط التفاصيل غير الواضحة للمستعرات العظمى".

وفي حال بدأ الكون بالانهيار على نفسه في حدث "الانهيار العظيم"، ستكون العلامات الأولى مرئية في سماء الأرض. وبمرور الوقت، سنلاحظ اندماج المجرات وعناقيدها تدريجيا، وستبدأ النجوم في الاقتراب من بعضها بشكل خطير، ما قد يؤدي إلى تصادمات هائلة. وبمساعدة التلسكوبات المتطورة، سيرصد العلماء ارتفاعا مستمرا في حرارة إشعاع الخلفية الكونية الميكروي - وهو الآثار المتبقية من حرارة الانفجار العظيم المنتشرة في جميع أنحاء الكون.

وحاليا، يبلغ هذا الإشعاع الخلفي بضع درجات فقط فوق الصفر المطلق (نحو -270 درجة مئوية). لكن مع اقتراب الانهيار، سترتفع حرارته بسرعة إلى آلاف ثم ملايين الدرجات المئوية، في عودة نحو الحالة الملتهبة التي كان عليها الكون في بداياته.

ويتذكر العلماء أن هذا الإشعاع كان يبلغ 3000 درجة مئوية بعد 300 ألف سنة من الانفجار العظيم، ووصل إلى 273 مليون درجة في اللحظات الأولى من نشأة الكون.

وعند هذه الدرجات الحرارية الهائلة، ستفقد القوى التي تدفع الكون للتوسع قدرتها، وستسيطر الجاذبية تماما، لتجذب كل شيء في الكون نحو مركز مشترك. وستتحد كل المواد بين النجوم، وتبتلع النجوم والكواكب في دوامة هائلة من الاحتراق والدمار، حيث ستشعل كل نار نارا أخرى في سلسلة لا تنتهي.

وفي النهاية، سينضغط الكون كله إلى كرة نارية واحدة هائلة، محرقة كل أشكال الحياة، وممحية الزمان والمكان نفسهما من الوجود، في نهاية مأساوية معاكسة تماما للانفجار العظيم الذي بدأ به كل شيء.

يقرأون الآن