يبدأ دوامي في الصّباح الباكر وينتهي مع إقفال المطعم، حسب "همّة الزبون". بهذه العبارة يبدأ النّادل وسام حديثه لموقع "وردنا" ليخبرنا عن يوميّاته في هذا القطاع. ويُكمل: "أرى أنّ هذه المهنة تهدّد مستقبلي يوماً بعد يوم"،
وفي ظلّ تدهور العملة الوطنيّة أمام الدولار الأميركي، باتت الدولرة سمة الإقتصاد اللبناني، وهذا يشمل قائمة المأكولات في المطاعم، لكن وسام راتبه لا يتعدى خمسة عشر مليون ليرة، أي أقلّ من مئة دولار أميركيّ.
هذا الواقع، يدفع به للمبيت في المطعم حيث يعمل في جونيه، حتى يدخر قليلا من المال لاسيما وأن منزله في عكار شمالي لبنان. وينظر الينا متجهماً ليسأل "أين هي حقوقي؟"
وفي السياق عينه، يؤكّد لنا الطبّاخ مجد، أنّ راتبه لا يكفيه بدل نقل. ويقول: "منذ بدء هذه الأزمة، واليد العاملة الأجنبيّة هيمنت على هذا القطاع. وهذا ما أثّر على رواتبنا سلباً".
ويتابع بحسرة، أن الأغلبيّة، هاجرت إلى دول الخليج، وأن معظم من بقي يعمل في لبنان، لا تزال رواتبهم بالليرة اللبنانية.
اشكالية الرواتب، حملناها الى نقيب المطاعم طوني الرّامي، الذي أكد في حديث لـ"وردنا" أنّ أولى أولويّات المطاعم اللبنانيّة، "المحافظة على جودتها وزبائنها في هذه الظّروف الصّعبة، والمحافظة على لقمتها الطّيبة". وينفي أن اليد العاملة الأجنبية باتت تهيمن على هذا القطاع. ويرى في الموظف شريك، كونه هو من يحافظ على جودة الأكل، ويشير في الوقت نفسه الى أن المطاعم اللبنانية تعاني من هجرة العاملين لديها، إنما الكفوئين لايزالون موجودين في المؤسسات العريقة.
دكاكين...و"دولار فرش"
أمّا "الدّكاكين" غير المنتسبين إلى النقابة، بحسب توصيف الرّامي، فهي توظّف من تشاء وتصرف من تشاء من دون إدراك أهميّة المحافظة على موظّفيها.
ويقول إن النّادل الذي "يعمل في مطعمٍ عريقٍ يتقاضى راتباً بالدّولار الفريش"، أي دولار نقدي، ويضيف أن الرواتب تتراوح بين 450 و600 دولار، "أمّا أصحاب الدّكاكين الموجودة في السّوق، فهي تسيء لهذا القطاع ولا نستطيع توقيفها".
ويؤكّد: ما من أحدٍ يستغلّ أي موظّف، ومن لديه الكفاءة اللّازمة فليقدّم على شركات معروفة ويتقاضى رواتبًا محترمة.
ظاهرة "المنامة" في المقاهي.. أين القانون من ذلك؟
نكر النّقيب هذه الظاهرة، معتبرًا "أنّها عارية من الصّحة وكلّها شائعات تسيء بالقطاع".
وبعد جولةٍ ميدانية قام بها فريق "وردنا"، تبيّن أنّ معظم المقاهي السياحية والعريقة في منطقة حريصا، ومقاهي جونية وأنطلياس وجبيل، تعتمد على نادلٍ يبيتُ في المقهى ليوفّر القليل من المال، أمّا الرّواتب فهي فعلًا لا تتعدّى عشرين مليون ليرة.
المحامي مازن حطيط فسّر هذا الأسلوب بالإستغلال، مؤكداً أنّه غير قانوني لأنّ الموضوع لا يتعلق بالمنامة قط، إنّما من منع حرية التنقل، وبالتّالي عدم تأمين بدل النّقل للموظّف.
وبغضّ النظر ما إذا كان النادل يريد أن ينام أو لا، فصاحب المقهى مُنزل بدفع بدل النقل.
إضافةً إلى ذلك، أصبحت الأمور وكأنّ التنازل ببدل النقل هو مقابل المنامة وهذا ليس منصوص عنه لا بعقد إيجارٍ ولا بقوانين العمل. وبالتالي هذا نوع من الاستغلال خصوصًا وأنّ أصحاب المطاعم يربحون بالدولار ويوظفون باللبناني.