خاص – أزمة المحروقات.. الدولرة أو الإشتعال مجدداً

دولرة البنزين مسألة وقت، وصدام بين الواقع والقانون

جداول أسعار بالجملة تخرج يومياً، ربطاً بسعر صرف الدولار، مصدرها وزارة الطاقة في محاولة لإحتواء أزمة المحروقات، وعدم إعادة مشاهد ما عرف بـ "طوابير الذلّ" في صيف 2021.

لكن هذه المحاولة وإن نجحت لفترة موقتة، الّا أنها مرشحة للسقوط ساعة تحين العودة للارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار.

المؤشر الأول لعودة هذه الأزمة، ظهر عن "رابطة أصحاب محطات الطاقة في لبنان" التي أعلنت عن تحرك إحتجاجي قبل ظهر غد الثلاثاء أمام وزارة الطاقة، للمطالبة بدولرة أسعار المحروقات وتسعير صفيحة البنزين بالدولار على مضخات الوقود، أسوة بالسوبرماركت وباقي القطاعات التجارية، أو ايجاد حلول اخرى منها تفعيل المنصة".

ما يفرق بين أصحاب المحطات.. يجمعه الدولار

يعارض ممثّل موزّعي المحروقات فادي أبو شقرا بيان الرابطة وتحركها، ويؤكد في حديثه لـ"وردنا" أن الجميع يعلم "أنه لا يوجد رابطة أو تجمع"، وأن الجميع تحت سقف القانون، ويلتزم بالأسعار التي تصدر عن وزارة الطاقة، وأن "موضوع الدولرة يعود للوزارة وليس لنا"، متهماً اصحاب البيان أنهم يريدون التحرك "للحصول على مقعد لهم".

لكن أبو شقرا أكد من جهة ثانية، دعمه لفكرة دولرة القطاع، بعد أن بات الوضع "مأساوياً" مع عدم قدرتهم على مجاراة تقلّبات الدولار، واضعاً الحلّ والربط عند وزارة الطاقة، التي عليها كوزارة وصاية اتخاذ القرار المناسب.

وبالتوازي مع نقابة المحطات، يقول رئيس "تجمع الشركات المستوردة للنفط" مارون شماس في حديث لـ"وردنا"، إن الشركات تستلم بالدولار وتسلم المحطات بالدولار، وبالتالي "لا نتأثر بتلاعب الدولار"، ولكن المحطات هي "الضحية بسبب بيعها بالليرة اللبنانية، وعلى رغم من أن هذه سلعة تدفع بالدولار، فيجب شراؤها بالدولار"، ورأى إن معاناة المحطات ستنعكس حتما على قطاع المحروقات ككل، بما فيه الشركات المستوردة.

وبالتالي فإن الحلّ برأيه، أن يكون في كل محطة مضخة مسعرة بالدولار وأخرى بالليرة، وهذا يتيح للبنانيين اختيار ما يناسبهم.

وزارة الطاقة.. لا طاقة لها على الدولرة

لكن ما يناسب المحطات وشركات التوزيع، قد لا يناسب وزارة الطاقة، خصوصاً وأن وزير الطاقة وليد فياض كان قد أشار إلى أنه لن يتوجه إلى تسعير البنزين بالدولار، وأن عكس ذلك مخالفة للقانون.

وهو عاد وأكد في حديث خاص مع "وردنا"، أن "الدولرة لا تبت في وزارة واحدة، بل هي مسؤولية دولة والسلطة النقدية"، كما أن قانون النقد والتسليف وقانون حماية المستهلك ينصان على أن "المواطن في لبنان عند شرائه أي سلعة يجب ان يدفع ثمنها بالليرة" ويسأل: كيف يمكنني أن أغيّر حق المواطن؟ أو هوية لبنان؟

ويوضح فياض لـ"وردنا" أنه عندما حصل تلاعب بسعر صرف الدولار، بدأت الوزارة إصدار تسعيرة كل اسبوعين ومن بعدها كل أسبوع، وصولا إلى 3 تسعيرات في اليوم الواحد، "من أجل الحفاظ على القوانين، ولحفظ حق صاحب المحطة، ومن أجل أن يشتري المواطن بالليرة التي هي من حقه في بلده لبنان" ويستطرد قائلاً، إنه في الفترة الأخيرة "تساهلنا مع اصحاب المحطات والمواطنين وقلنا لهم إنه لمن يرغب الدفع بالدولار، لديه الحرية الكاملة مع حفظ حقوق المواطنين".

ويوضح، أن سعر الدولار ثابت في شهر رمضان، ملمحاً الى أن هذا القرار "هو قرار سياسي" وأنه في جميع الأحوال "لا يرى خسارة بالنسبة لأصحاب المحطات".

أزمات متناسلة..

أزمة المحروقات، معطوفة على غياب خطط النقل، يعني أن الأزمة تدور دورتها الكاملة، لتحط في نهاية المطاف في جيوب المواطنين. فمثلاً كانت تكلفة الوصول إلى جبيل عام 2019 ثلاثة ألاف ليرة لبنانية، أما الآن أصبحت تضاهي ثلاثمئة ألف ليرة.

وهذا الفرق الكبير لم يخفف نسبة الاستهلاك بما يتوافق وحجم الأزمة، نظراً الى غياب وسائل النقل العامة. وفي هذا السياق، يشرح الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين، أن "نسبة الإستهلاك عند المواطن إنخفضت بنسبة 25 في المئة في شهر شباط"، متوقعاً ارتفاعها خلال النصف الأول من هذا العام.

ولعل تجربة أزمة جائحة كورونا، وعمل الموظفين من منازلهم، ساهم في اسقاط التجربة مع اشتداد أزمة المحروقات، وهذا ما يفسر نسبياً انخفاض الاستهلاك. لكن كيف سيكون شكل هذا الإنخفاض في حال دولرة كامل القطاع؟

لا إجابة واضحة حتى الآن، والقلق من ما قد تحمله الأيام والأسابيع المقبلة، لا يقتصر على المواطنين فقط، إذ يشاركهم هواجسهم الإقتصاديون وصندوق النقد الدولي والمجتمع الدولي وكل الأرقام المتداولة عالمياً عن واقع الأزمة الاقتصادية، التي تدار "بالشعبوية" بدل القوانين على حدّ قول النائب ميشال ضاهر أمام جمعية "رجال الأعمال اللبنانية ـ الهولندية".

يقرأون الآن