منوعات مقالات

خاص - سر الثـقوب السـوداء… متى سيكون السفر عبر الزمن متاحاً؟

تدغدغ فكرة السفر عبر الزمن الخيال العلمي الذي بات على مشارف أن يغدو حقيقة. كأن تستغرق المسافة بين الأرض والقمر نحو 14 دقيقة، لتمحو مسافات تقدّر بربع مليون ميل، والظاهرة غير العادية بحسب علماء ناسا ترجع الى اكتشاف ثقب أسود يتحرّك عبر الفضاء بسرعة غير عادية. لكن الثقب المكتشف ليس وحده الطريق الى المستقبل، أو العودة الى الماضي، وفي جديد الأبحاث، تكمن اللعبة في إخفاء ضلوع من رباعية إينشتاين التي تقوم على فضاء رباعي الأبعاد حيث الطول والعرض والارتفاع والوقت (وتختصر بالزمكان). وفي حال "تجمّد" كل من الطول والعرض والارتفاع.. بإمكان الزمن أن يتمدد أو يتباطأ وفق النظرية النسبية.

خاص - سر الثـقوب السـوداء…
متى سيكون السفر عبر الزمن متاحاً؟

وفي تبسيط لتلك النظرية الخاصة بعالم الفيزياء إينشتاين، يمر الوقت على عالم الفضاء المتمركز في المشتري أبطأ من ذاك المتواجد على الأرض بفارق عشرين دقيقة. وتكون المعادلة وفق الآتي: ساعة من الزمن على الأرض تساوي أربعين دقيقة على المشتري، ويرجع ذلك الى العبور بسرعة عالية قريبة من سرعة الضوء ومدى قوة الجاذبية . في هذا الجانب، سبق أن ردّ إينشتاين هذا الاختلاف الى طبيعة "الزمكان". مثال على ذلك، تم وضع ساعة في طائرة نفاثة تعبر بسرعة أكبر من سرعة الصوت لمدة ساعات قبل أن تعود الى المطار. تبين من التجربة اختلافا في التوقيت بين الفضاء والأرض. ولمزيد من الإيضاح، يمر الزمن على الرواد بينما يسبحون في الفضاء بسرعات أبطأ مما يمر على سكان الأرض. ولدى العودة الى الأرض يكون رائد الفضاء أصغر سنا ممن هم على الأرض، ربما بعدة ثوان أو أكثر بكثير، ويرجع ذلك الى سرعة حركة المركبة بالنسبة الى سرعة الضوء.


إنها "آلة الزمن" إذا، الفكرة القديمة-الجديدة بالنظر الى العلم الذي لا يستسلم لمستحيل. فما الجديد الذي طرأ؟، يؤكد العلماء: "نحن على مسافة خطوة واحدة من إنشاء آلة الزمن". كيف ذلك؟، يأتي الشرح: قام الباحثون لفترة لحظة واحدة بتدمير الزمكان، ليتبين أن تدمير الوقت سيسمح بإنشاء أجهزة كمبيوتر متطورة الى درجة كشف ما يخبئه المستقبل. والسر في الفوتون، الوحدة الأساسية للضوء، وهو عبارة عن جسيم يتحرك باستمرار في الفراغ بسرعة الضوء. وكلما تسري هذه الفوتونات بشكل أسرع، وبسرعة الضوء، يتوقف الوقت، ومن ثم تمتصها العين لتختفي تماما. بعد ذلك ومن خلال الثقوب الافتراضية، ونسج علاقة بين الفوتون المتحرر من الزمان والمكان مع نظام يحيا بـ"ترتيب عكسي"، أي من الموت الى الولادة، يقترب العلم من إنشاء آلة الزمن من زوايا مختلفة، ويحتاج ذلك الى عقود لتصبح حقيقة.

ثلاث طرق علمية لإنشاء آلة الزمن

ينطلق العلماء في مهمة إنشاء آلة الزمن من فرضيات ثلاث: زيادة السرعة لتقترب من سرعة الضوء، وفقا لنظرية إبنشتاين التي خلصت الى أن الوقت أبطأ بـ2.6 مرة منه على الأرض.

تتمحور الفرضية الثانية حول إبطاء إدراك الانسان للزمن، من خلال ايقاف العمليات الحيوية للجسد، ومن ثم اعادتها للعمل في وقت لاحق. وهنا يعمل العلماء على تحريض حالة سبات قصير الامد لكسب المزيد من الوقت للوصول الى الشفاء من أمراض لم يصل الطب الى علاجها بعد.


البحث عن مصدر هائل للجاذبية محور الفرضية الثالثة، إذ يتباطأ الزمن كلما زادت الجاذبية. وبناء على ذلك، يمكن توظيف الجاذبية في السفر الى المستقبل. وهنا يجب البحث عن مصدر للجاذبية من مثل الثقوب السوداء التي تختزل المسافات. وعالج فيلم "انترستيلر" مسألة تمدد الزمن، منطلقا من فرضية أن ساعة واحدة على كوكب قريب من ثقب أسود تعادل سبعة أعوام على الأرض.

وفي المعادلات الحسابية: كلما اقتربت سرعة جسم ما من سرعة الضوء، والتي تساوي 300 ألف كلم في الثانية، يتباطأ الزمن بالنسبة اليه. وعندما تصل سرعة أي جسم الى سرعة الضوء عندها يتوقف الزمن. وعندما يتجاوز هذا الجسم سرعة الضوء، وهو امر لازال مستحيلا، يمكن رؤية الماضي.

"الآلة سينمائيا"

يبقى السفر عبر الزمن من أكثر الأفكار الخيالية التي تشغل بال الانسان، ولذلك تناولتها الأفلام والأعمال الروائية في العديد من الأعمال الشهيرة. وهناك مئات الأفلام التي عالجت المسألة العلمية بكثير من الافتراضية والحماسة والتشويق، بينها فيلم "العودة الى المستقبل"، الذي أطلق عام 1985، باعتباره أحد أجمل أفلام السفر عبر الزمن، وتدور أحداثه حول "مارتي" الذي يستخدم آلة الزمن الخاصة بالباحث إيميت براون، ويسافر بها إلى عام 1955.

وهناك الفيلم الكوميدي "مغامرات بيل وتيد"، وفيلم "إثنا عشر قردا"، وتدور أحداثه حول سجين تعرض عليه صفقة مقابل الحصول على الحرية، وهي الانتقال بآلة الزمن إلى الماضي لتحذير البشرية من أسباب ستؤدي إلى انتشار فيروس خطير، ولكن تتعقد الأمور عندما يتم اتهامه بالجنون.


ويعالج فيلم "حكم البلهاء" فكرة تجميد ضابط لمدة 500 سنة، وعندما يعود مرة أخرى لحياته يجد أنه أصبح في عام 2505 وسط بشر مختلفين عنه تماما، ويجد نفسه أصبح ذكيا جدا بالمقارنة بهم، ولكن سرعان ما يكتشف أن البشر هم من أصبحوا في قمة الغباء.

ويأتي فيلم "ذا تيرمينايتر"، أو "المدمر"، ضمن أشهر افلام السفر عبر الزمن لعشاق الاكشن، حيث تدور أحداثه حول حرب تنشأ في المستقبل بين البشر والروبوتات، وعندما تفشل الأخيرة باغتيال البطل، يتم إرسال قاتل محترف إلى الماضي لاغتيال والدته قبل أن تلده.


ماذا في خبايا قوانين الفيزياء؟

لطالما حلم الأنسان أن يعود الى طفولته، أو يسافر الى المستقبل ليختبر ما يخبئه من مفاجآت ومغامرات، الأمر الذي مهّد للطفرة العلمية الأخيرة في السباق نحو إنشاء آلة زمن حقيقية. وبعيدا عن السؤال: هل يمكن أن تسمح قوانين الفيزياء بهذه الأمور؟، بينت الكتب السماوية ومن بينها القرآن إمكانية السفر عبر الزمن من خلال "الاسراء والمعراج"، ونوم أهل الكهف لـ 309 سنوات، ظنا أنها 12 ساعة.

ربما يستطيع الانسان يوما ما الوصول الى تقنيات تمكنه من تجاوز هذه العقبات والسفر عبر الزمن. من يعلم؟

ويبقى السؤال: هل سيكون سفرا بلا عودة؟ 

يقرأون الآن