عربي مقالات

خاص - القمة العربية المقبلة استثنائية... بمفاعيل تطورات ومنعطفات اقليمية إيجابية

تنعقد القمة العربية في دورتها الـ32 في الرياض خلال شهر أيار/مايو المقبل، وتكتسب أهمية سياسية استثنائية لأنها تأتي بعد الاتفاق السعودي – الإيراني، وعودة العلاقات الديبلوماسية بين الرياض وطهران، وتجاوز الخلافات السياسية بينهما، اذ أن النتائج الايجابية لهذا الاتفاق، تتبلور بسرعة قياسية خصوصا لناحية تحويل الهدنة الراهنة في اليمن إلى حلّ سلمي دائم وسط رهان على انفراجات سياسية تدريجية في العراق ولبنان، وإفساح المجال أمام إيران ودول الخليج للتفاوض الجاد حول الترتيبات الأمنية في الخليج حتى قيل أن المنطقة ما قبل الاتفاق ليست كما بعده. مع العلم أنه غالبا ما كانت تتضمن القمم العربية، مواقف مدينة لسلوك إيران في دول المنطقة. كما تكمن أهمية القمة هذه السنة، في إمكانية مشاركة سوريا فيها، بعد عزل دام حوالي 12 عاما.

خاص - القمة العربية المقبلة استثنائية... بمفاعيل تطورات ومنعطفات اقليمية إيجابية

إذا، غدا لناظره قريب، ولا يفصلنا عن القمة التي لم تتسلم الدول المشاركة فيها جدول أعمالها بعد، سوى شهر وسط معلومات صحافية تحدثت عن امكانية مشاركة وزير الخارجية السورية فيصل المقداد في اجتماعاتها فيما يغيب رئيس جمهورية لبنان بسبب الشغور، إذ من المتوقع أن يشارك رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أو وزير الخارجية عبدالله بو حبيب. 

وفيما أجمع كثيرون على إستثنائية ظروف القمة ، وعلى أهمية التطورات الاقليمية الايجابية التي تتزامن وانعقادها في الرياض، من التقارب التركي- الاماراتي الى التقارب التركي -السعودي والتقارب التركي -المصري، فإن إمكانية توقف الصراع السني الشيعي، والصراع الإيراني السعودي في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وغيرها من الدول، أصبح أمرا واردا أي "هناك معادلة إقليمية جديدة ترى النور، وتبدلا كبيرا لا بل تاريخيا في هذه المنطقة. وبالتالي، القمة العربية المقبلة ستطرق إلى عناوين جديدة"، بحسب ما قال وزير الخارجية الأسبق فارس بويز لموقع "وردنا".

وفي وقت تتواصل المساعي واللقاءات التي تصب في اتجاه إعادة سوريا الى الحضن العربي وإلى الجامعة العربية بحيث هناك خمس دول عربية تعارض عودتها، وأكثرها تشددا قطر إذ تحاول السعودية أقله ضمان عدم اعتراضها في حال التصويت، لفت بويز الى أننا لا نعرف اذا كان خلال الوقت القصير المتبقي، يمكن حل العقد التي تحول دون مشاركة سوريا في القمة العربية على مستوى رئيسها، "لكن ما هو أكيد انه سيتم التحضير لعودتها، و وجود سوريا خارج الجامعة العربية أمر غير طبيعي، وعودتها أمر مرحب به، ومؤسف جدا عدم مشاركة رئيس الجمهورية اللبنانية بسبب الشغور."

هذا التقارب الموجود اليوم بين دول المنطقة، يأتي انسجاماً مع النهج المتبع حاليا في تصفير المشاكل، وانهاء كل الملفات العالقة، ما يشير إلى أن القمة ستكون تصالحية بين القادة العرب، وإذا سارت الأمور وفق ما هو مخطط، ستبلور القمة بداية جديدة، لواقع عربي جديد يتطلب حلولا لمشاكله وأزماته.  

وفي هذا السياق، اعتبر مدير "المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات" حسان قطب أن "هناك قناعة بضرورة أن تصبح هذه المنطقة هادئة ومستقرة، وتعاد اليها التنمية. إذا استمرت المفاوضات بهذا النجاح، فإن السلام القريب سيحل على المنطقة". أما لناحية مشاركة سوريا، فستكون لها تداعيات ايجابية على لبنان، سواء في الانتخابات الرئاسية او حتى لتغيير الواقع السياسي نحو التهدئة، واعادة انتاج الاستقرار المالي، بحسب قطب. ويقول متسائلاً، "هل ستلتزم إيران بالاتفاق؟ الايجابيات مرهونة بهذا الإلتزام".

هذا، وتبذل السعودية، جهوداً حثيثة من أجل لمّ الشمل العربي قبل انعقاد القمة على أراضيها. وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، قد أكد في السابع من آذار/ مارس الماضي أن "زيادة التواصل مع سوريا قد تمهد الطريق لعودتها إلى جامعة الدول العربية مع تحسن العلاقات بعد عزلة تجاوزت عشر سنوات، لكن من السابق لأوانه في الوقت الحالي مناقشة مثل هذه الخطوة."

ولفتت معلومات صحافية، نقلتها وكالة رويترز عن مصادر مطلعة، الى أن السعودية تعتزم دعوة الرئيس بشار الأسد الى حضور القمة العربية، وهي خطوة من شأنها إنهاء عزلة النظام الإقليمية رسميا، كاشفة أن وزير الخارجية السعودي، سيتوجه إلى دمشق في الأسابيع المقبلة لتسليم الأسد دعوة رسمية لحضور القمة المقرر عقدها في 19 أيار/ مايو.

وخلال زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الى جدة حيث استقبله نظيره السعودي فيصل بن فرحان، جرى الاتفاق على إعادة فتح سفارتي البلدين بعد قطيعة دامت 12 عاما.

وقبل ذلك، برزت الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس السوري إلى الإمارات، والتي أتت بعد زيارته لسلطنة عمان. 

كما عقد اجتماع لدول مجلس التعاون الخليجي في جدة الاسبوع الماضي، شارك فيه أيضا العراق ومصر والأردن للبحث في مسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربية، لكن لم يتم التوصل خلاله الى أي قرار في هذا الاتجاه، بالإضافة إلى النقاش الهام الذي جرى بين وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان ونظيره السوري فيصل المقداد حول "الخطوات اللازمة لتحقيق تسوية سياسية شاملة للأزمة السورية تنهي كافة تداعياتها، وتحقق المصالحة الوطنية، وتساهم في عودة سوريا إلى محيطها العربي واستئناف دورها الطبيعي في الوطن العربي".

وسيكون على طاولة القادة العرب المشاركين في القمة المقبلة، الملف الاقتصادي والتحديات التي تواجه الدول نتيجة الأزمات العالمية، إلى جانب الملفات السياسية كالقضية الفلسطينية التي تشهد تصعيداً إسرائيلياً في ظل حكومة متطرفة. كما من المتوقع التطرق الى الأزمة السياسية اللبنانية، وعدم نجاح الأطراف المختلفة في انتخاب رئيس للجمهورية. الى جانب التقارب السعودي- الإيراني الذي سيكون مطروحا على الطاولة، وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط قد سبق أن أكد أن الاتفاق بين الرياض وطهران "ينهي حالة الاحتدام ومؤشر لمرحلة إيجابية في العلاقات الثنائية".

يقرأون الآن