التهدئة المقنعة سقطت بين

"ولعت" بين "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" على هامش الجلسة العامة التي مددت للمجالس البلدية والاختيارية، وما كان مستترا او مؤجلا، ظهر الى العلن فطار ستاتيكو التهدئة المقنعة تحت عنوان وحدة الصف المسيحي لمواجهة تشريع الضرورة، وسقطت الجبهة الواحدة بعدما ذهب "الوطني الحر" لتأمين الميثاقية المسيحية لجلسة التمديد.

تبريرات حضور "الوطني الحر" جلسة التمديد اختلفت وتنوعت، فرئيسه وضعها في خانة عدم مراكمة الفراغ البلدي على الفراغ الرئاسي والحكومي، مهاجما الحكومة ووزير الداخلية، فيما اعتبر نواب "التيار" ان لا إمكان لإنجاز الانتخابات بغياب الترشيحات، وفي ظل عدم جهوزية الدولة والخشية من الفراغ، متهمين الآخرين بالمزايدة والشعبوية، في حين اعتبرت مصادر "القوات" ان الاعتمادات المالية مؤمنة، وما اقترف في التمديد جريمة وطنية، وان التيار لا مصلحة له بإجراء الإنتخابات لأن نتائجها مخيبة له.

الاختلاف في مقاربة موضوع التمديد كبير، الا انه عكس الانقسام المسيحي وتموضع الفريقين المسيحيين في مواقع متناقضة، فالتيار الرافض لإجراء الاستحقاق البلدي انضم الى الثنائي الشيعي المؤيد تأجيلها، فيما تموضعت "القوات" الى جانب "التغييريين" والمعارضة برفض التأجيل.

ما جرى في الانتخابات البلدية تعبير عن العلاقة الملتبسة بين التكتلين المسيحيين، وانعدام الانسجام والأمان في العلاقة، على ان "الوطني الحر" سيكون أمام تحدي مصارحة الرأي العام المسيحي وإقناعه بالأسباب والموجبات، خصوصا انه ساهم في حياكة جلسة التمديد، وكان من المتحمسين بقوة لها، ووفق مصادر سياسية مسيحية، فان التيار راكم الازمات بأزمة اخرى الى رصيد ازماته الكثيرة. فباسيل محاصر بالأزمات، وأحرق مراكبه وقطع علاقاته السياسية مع الجميع، فيما أزمته الكبرى تتمثل بالملف الرئاسي مع اصرار الثنائي الشيعي وتمسكه بسليمان فرنجية، الأمر الذي جعله يرفع مستوى خطابه كل فترة للم الشمل والتأييد المسيحي حوله.

الإنتخابات الرئاسية محطة مفصلية بالنسبة الى "الوطني الحر"، ولهذا السبب افتعل باسيل معارك جانبية كثيرة بسبب الرئاسة بأهداف مختلفة، فتوترت العلاقة مع حارة حريك ومع السراي وعين التينة، مع التركيز حاليا على التصعيد ضد ميقاتي لشد العصب المسيحي المتراخي، تحت عنوان الحقوق المسيحية والميثاقية والشركة.

وفق مصادر سياسية، فان المسألة المحورية والاساسية للخلاف بين "التيار" و"حزب الله"، انحصرت وتتعلق اليوم بملف واحد وهو الانتخابات الرئاسية، وتأييد ترشيح فرنجية طبعا، والى ما يشكو منه الفريق العوني من محاولة عزله، وتكوين جبهة سياسية لمحاصرته وضرب صورته الشعبية.

مع ذلك، ثمة من يعتبر ان الافتراق الإنتخابي بين حارة حريك وميرنا الشالوحي قد لا يطول، وليس من الصعب أبدا عودة المياه الى مجاريها الطبيعية بين الحليفين، فالعلاقة بين قيادات الحزبين قائمة، وتسجل إشارات كثيرة إيجابية، فقبل فترة توجه الرئيس السابق ميشال عون الى الضاحية الجنوبية للمشاركة في قداس مار يوسف، وتمّ تفسير ذلك بانه استدارة عونية الى الحليف، خصوصا ان الرئيس ميشال عون كما تقول المعلومات، يتولى شخصيا محاولة إنقاذ ما تبقى من علاقة بين "التيار" و"حزب الله"، ويتردد أيضا ان "التيار" يتدخل في الفترة الأخيرة في إعلامه وعلى وسائل التواصل لضبط انفعالات مناصريه، ومنع الناشطين من كلام يسيء الى العلاقة مع "حزب الله".

التمديد للمحالس البلدية والاختيارية أعاد التموضعات السياسية الى ما كانت عليه، فعاد "الوطني الحر" الى التنسيق مع الثنائي وحلفائه، فيما غردت "القوات" في سرب مختلف بعدما اجتمعت في الأشهر الأخيرة مع "التيار" على مقاطعة المجلس والحكومة. 

صحيفة الديار

يقرأون الآن