من المقرر أن يدخل اتفاق وقف إطلاق النار، الذي وقعه الجيش وقوات الدعم السريع بعد محادثات في مدينة جدة السعودية، حيز التنفيذ مساء اليوم الاثنين ويخضع لآلية مراقبة مدعومة دوليا. كما يسمح بتوصيل المساعدات الإنسانية.
ولم تنجح اتفاقيات متكررة لوقف إطلاق النار منذ بدء الصراع في 15 نيسان/ أبريل في وقف القتال، لكن اتفاق جدة يمثل المرة الأولى التي يوقع فيها الجانبان اتفاقية هدنة بعد مفاوضات.
ويقول محللون إنه لم يتضح ما إذا كان باستطاعة قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان أو قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، تنفيذ وقف إطلاق النار على الأرض. وأشار كل منهما من قبل إلى أنه يسعى لتحقيق النصر، ولم يسافر أي منهما إلى جدة.
مجلس الأمن
وعقدت اليوم الاثنين جلسة في مجلس الأمن في نيويورك، للتباحث في تطورات السودان، حيث دعا المبعوث الأممي الخاص بالسودان فولكر بيرتيز الى وقف فوري لإطلاق النار، مبينا أن أكثر من 190 طفلا لقوا حتفهم في هذا النزاع وهناك أكثر من مليون شخص تشردوا.
وأشار المبعوث الأممي الى أن طرفي النزاع لم يلتزما بقوانين الحرب وعملا على استهداف المدنيين والمنشآت المدنية، وأن ما حصل هو انتهاك للقانون الانساني الدولي، محذرا من مخاطر اندلاع حرب قبلية.
وشدد المبعوث على السعي الى حماية المدنيين والسماح بالمرور الآمن للمدنيين والالتزام بالهدنة والانتقال الى الحوار".
وتحدث مفوض الاتحاد الأفريقي بانكول أديوي إلى أن تدخلات خارجية قوضت الفترة الانتقالية في السودان، مثنيا على الدور السعودي في الوصول الى اتفاق الهدنة.
وأسف ممثل منظمة "إيغاد" ووركينه جيبيهو الى انقطاع الخدمات الأساسية في السودان تاركا الشعب في حالة مأساوية. وتحدث عن مباحثات تجرى للتوصل الى تسويات بالاتفاق مع جنوب السودان.
ورأى أن السبيل الوحيد لوقف الاقتتال في أقرب فرصة يكون بالسعي الى هدف مشترك والتآزر الاقليمي دعما للشعب السوداني نحو الوصول الى السلام المستدام.
وأكد مندوب السودان لدى الأمم المتحدة الحارث الحارث أن اتفاق وقف اطلاق النار يشمل جميع المناطق. وأشار الى تنسيق عمليات الإغاثة مع المنظمات الانسانية من خلال ميناء ومطار بورتسودان ضمن مسارات آمنة.
وتحدث عن إحراق 27 بنكا والعديد من الأسواق من قبل الميليشيات، إضافة الى 16 مصنعا، كما تلقت السلطات أكثر من 50 بلاغا باتسهداف البعثات الدبلوماسية".
وطالب المندوب المجتمع الدولي بإدانة العدوان على المؤسسات الحكومية والمدنيين والبعثات الدبلوماسية.
وتابع: "أكثر من 3568 سوداني وصلوا الى أثيوبيا منذ بداية القتال".
حميدتي
ونفى مستشار قائد قوات الدعم السريع في السودان حافظ الزين ما تردّد حول وفاة محمد حمدان دقلو "حميدتي" أو إصابته.
وأعلن أنّ حميدتي يقود المعارك بنفسه في أم درمان وبحري والخرطوم.
وأكد حميدتي في تسجيل صوتي أنّ قواته لن تخرج من المواقع التي سيطرت عليها منذ اندلاع القتال في 15 نيسان/أبريل الماضي، وأنّ الجيش هو من نفّذ "انقلاباً" ضد قوات الدعم السريع.
وأضاف أنّ قواته تتمركز بشكل قانوني لحماية المستشفيات وتقدّم خدمات للطواقم الطبية في المستشفيات ولسكان العاصمة، مضيفاً أنّ ما يتردّد غير ذلك هو للنيل من الدعم السريع.
أزمة نزوح
وأسفر الصراع عن فرار 1.1 مليون شخص من ديارهم، سواء داخل البلاد أو إلى الدول المجاورة، مما أجج أزمة إنسانية تهدد بزعزعة استقرار المنطقة.
كما ترك الصراع أولئك الذين بقوا في الخرطوم يكابدون من أجل البقاء وسط جرائم النهب المستشرية وانهيار الخدمات الصحية وتناقص إمدادات الغذاء والوقود والكهرباء والمياه. وتحدث شهود عن اشتباكات في وسط وجنوب الخرطوم اليوم الأحد.
وقالت صفاء إبراهيم (35 عاما)، وهي موظفة في شركة وتعيش في الخرطوم، لرويترز عبر الهاتف إنها تأمل في أن ينهي الاتفاق هذا الصراع.
وقالت "نتمنى نجاح هذا الاتفاق، تعبنا من هذه الحرب وتشردنا من منازلنا إلي خارج الخرطوم وتشتتت الأسرة بين مدن السودان ومصر... نريد أن نعود للحياة الطبيعية والأمان. علي البرهان وحميدتى أن يحترما رغبة الناس في الحياة".
"انتظار الهدنة"
اندلعت الحرب في الخرطوم بسبب خلافات بين قائدي طرفي الصراع، اللذين استوليا على السلطة في انقلاب عام 2021، بشأن المرحلة الانتقالية التي كان من المقرر أن تفضي إلى إجراء انتخابات بإشراف حكومة مدنية.
وشغل البرهان منصب رئيس مجلس السيادة وكان حميدتي نائبا له منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير خلال انتفاضة شعبية عام 2019.
وتركز محادثات جدة على السماح بوصول المساعدات واستعادة الخدمات الأساسية. ويقول وسطاء إن هناك حاجة إلى مزيد من المحادثات لسحب القوات من المناطق الحضرية من أجل إبرام اتفاق سلام دائم تشارك فيه قوى مدنية.
وقال محمد حامد وهو ناشط سياسي في العاصمة إن أهالي الخرطوم ينتظرون الهدنة وفتح ممرات إنسانية مضيفا أن الوضع الصحي يزداد سوءا يوما بعد يوم.
وصرح الفريق ركن ياسر العطا عضو مجلس السيادة للتلفزيون الرسمي بأن الجيش يحاول إخراج قوات الدعم السريع من المنازل والمدارس والمستشفيات.
محاصرون
ووجد ملايين المدنيين أنفسهم محاصرين مع لجوء الجيش للضربات الجوية والقصف من أجل استهداف قوات الدعم السريع التي انتشرت في مناطق سكنية في بداية القتال.
ولدى سؤاله عن دعوات بعض زعماء القبائل لتسليح المدنيين، قال العطا "الآن الموقف إطلاقا لا يتطلب تسليح المواطنين ولكن بالشيء اللي أنا أشهده من اغتصابات ومن هجوم على منازل المواطنين والاعتداء عليهم وعلى ممتلكاتهم وأعراضهم فمن يتسلح ليتسلح لحماية نفسه وهذا حق طبيعي".
ومنذ نشوب الصراع، امتدت الاضطرابات في أجزاء أخرى من السودان وخاصة إقليم دارفور في الغرب.
وقُتل نحو 705 أشخاص وأصيب ما لا يقل عن 5287، وفقا لمنظمة الصحة العالمية، على الرغم من أن العدد الحقيقي للقتلى يُعتقد أنه أعلى من ذلك بكثير.
رويترز