أكّد البطريرك الماروني بشارة الراعي أنّه في موضوع رئاسة الجمهوريّة، "لا نُفضّل أحداً على أحدٍ بل نأمل وصول رئيس يكون على مستوى التحديات".
ولفت الراعي في اختتام سينودس أساقفة الكنيسة المارونية الى "اننا أُصبنا بألمٍ معنوي وجُرحنا في كرامتنا الوطنيّة نتيجة كيفية إيقاف جلسة انتخاب الرئيس عن مجراها الدستوري والديمقراطي".
ورأس البطريرك الراعي، قداس ختام سينودس الكنيسة المارونية ومناسبة مرور ١٥ سنة على انطلاق اعمال المؤسسة المارونية للانتشار في لبنان وبلدان الانتشار، في كنيسة السيدة في الصرح البطريركي في بكركي، بمشاركة السفير البابوي المونسينيور باولو بورجيا والقائم بأعمال السفارة المونسينيور جيوفاني بيكياري، اساقفة الطائفة في لبنان وبلدان الانتشار والرؤساء العامين، في حضور الرئيس الفخري للمؤسسة المارونية للانتشار النائب نعمت افرام، رئيس المؤسسة شارل الحاج، رئيس الرابطة المارونية السفير خليل كرم، رئيس المجلس العام الماروني ميشال متى، واعضاء المؤسسة.
وبعد الانجيل، ألقى الراعي عظة، قال فيها:"أمام الواقع السياسيّ الشاذ الذي يمرّ فيه لبنان، بحيث تتهدّم مؤسّساته الدستوريّة ويُفقّر الشعب ويُهجّر إلى بلدان أخرى يلجأ إليها حاملًا جراحه، ترى الكنيسة نفسها مصابة في صميم فؤادها وإيمانها بابن الله الذي بتجسّدِه والفداء صار قريبًا من كلّ إنسان. فلا يحقّ لنا كأساقفة أن نصمت عن المظالم، بل علينا أن نتسلّح بالجرأة ونعطي صوتًا لمن لا صوت لهم، ونعيد دائمًا صرخة الإنجيل في الدفاع عن المستضعفين في هذا العالم والمهدّدين والمحتَقرين والمحرومين من حقوقهم الإنسانيّة."
وأضاف: "وفيما شعبنا يعيش مأساته الإقتصاديّة والماليّة والمعيشيّة والإجتماعيّة، جاءت جلسة انتخاب رئيس للجمهوريّة الأربعاء الماضي بكيفيّة إيقافها عن مجراها الدستوريّ والديمقراطيّ، لتزيده وتزيدنا ألـمًا معنويًّا، وتجرحنا في كرامتنا الوطنيّة، وتخجلنا بوصمة عار على جبيننا أمام الرأي العام العالميّ، لا سيما والجميع يتطلّعون إلى لبنان بأمل انتخاب الرئيس، لكي يتمكّن من الخروج من أزماته".
وختم الراعي، بالقول: "أمّا من جهتنا فلا نفضّل أحدًا على أحد، بل نأمل أن يأتينا رئيس يكون على مستوى التحديات وأوّلها بناء الوحدة الداخليّة، وإحياء المؤسّسات الدستوريّة، والمباشرة بالإصلاحات المطلوبة والملحّة".
البيان الختامي: لصحوة ضمير لدى المسؤولين
صدر بيان ختاميّ لسينودس أساقفة الكنيسة المارونية، وجاء فيه: "إن تراكم الأحداث في لبنان والأخطاء السياسية والجرائم المالية والتمادي في سياسة الفساد خلال العقود الثلاثة الأخيرة أدّى إلى تهالك الأخلاق والقيم على صعيد الحياة الاجتماعية والسياسية والإعلامية، وإلى تفكك الدولة على صعيد سلطاتها ومؤسساتها وإداراتها حيث تمكّنت طبقة سياسية غالبًا ما تقوم على الزعاماتية الزبائنية من وضع يدها على الدولة اللبنانية مسخّرةً مؤسساتِها ومقدراتها لمصالحها الخاصة ولو على حساب الشأن العام وحقوق المواطنين. وأدى أيضًا إلى ارتفاع نسبة الهجرة لدى الشباب اللبناني وإلى الافتقار إلى فرص العمل وتثقيل المهجّرين السوريين الأعباء على خزينة الدولة وعلى المواطنين في سوق العمل والهدر الخدماتي والتهديدات التربوية والأمنية والديموغرافية. وبات لبنان اليوم يعاني من أزمة مصيرية تكمن عقدتُها الكبرى في الاستهتار المتمادي عند البعض بوجوب إتمام استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية يتبعه تشكيلُ حكومة تضع في أولوياتها تنفيذَ الإصلاحات الملحة".
ودعا الاساقفة في بيانهم" السادة النواب إلى القيام بواجبهم الوطني والدستوري وانتخاب رئيس للجمهورية، ثم الإسراع في تشكيل حكومة مؤهلة وقادرة تمتلك برنامجًا إصلاحيًا ديناميًا بحيث يكتمل عقد السلطات ويتأمّن توازنها وتعاونها بإرادة وطنية جامعة".
وأكد الاساقفة على مواقفهم "الداعية إلى وعيٍ وطني وصحوة ضمير لدى جميع المسؤولين السياسيين ليتعالوا عن مصالحهم الشخصية والفئوية الضيّقة، ويعملوا للخير العام ومصلحة لبنان العليا في الظروف الراهنة التي تشهد تحوّلات جيوسياسية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط والعالم. كما يؤكدون على تمسّكهم بالثوابت الوطنية، أي العيش المشترك والميثاق الوطني والدستور والصيغة التشاركية بين المكوّنات اللبنانية في النظام السياسي وتطبيقها بشكل سليم. فيعملون معًا على بناء دولة حديثة بكل مقوماتها، أي دولة وطنية لبنانية جامعة، دولة قانون وعدالة، دولة مشاركة، ودولة مواطنة يتساوى فيها الجميع في الحقوق والواجبات، دولة تحترم تنوّع الانتماءات الدينية تحت سقف الانتماء الوطني والولاء للوطن، كما كان يردّد البطريرك الياس الحويك".