أقر الكنيست أو البرلمان الإسرائيلي مشروع قانون "المعقولية" المثير للجدل، اليوم الإثنين، بأغلبية 64 صوتًا مقابل لا شيء.
وصوّت جميع أعضاء الائتلاف الحاكم لصالح مشروع القانون، الذي من شأنه أن يجرد المحكمة العليا من سلطة إعلان قرارات الحكومة "غير معقولة".
بينما غادر جميع أعضاء المعارضة غرفة الكنيست أثناء إجراء التصويت عن طريق نداء الأسماء.
كان المشرعون الإسرائيليون أنهوا نقاشهم الماراثوني حول مشروع قانون "المعقولية"، وانتقلوا إلى ما يسمى بـ"القراءة الثانية"، وهي سلسلة من التصويت على التحفظات التي قدمها المشرعون، في محاولة لتأخير التمرير النهائي لمشروع القانون.
نتنياهو
وفي مؤتمر صحافي عقده رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، قال: "نأمل في أن يتوصل الائتلاف الحاكم المكون من أحزاب دينية وقومية إلى اتفاق مع المعارضة حول خطة التعديلات القضائية المثيرة للخلاف بحلول نهاية تشرين الثاني/نوفمبر". ودعا جنود الاحتياط الى أن يفكروا في مصلحة المواطنين وأمنهم بعيدا عن السياسة، مؤكدا أن المحكمة العليا ستظل مستقلة. وطلب من وزارة الدفاع أن تكون خارج الاختلافات السياسية، في وقت هدد فيه وزير الدفاع يوآف غالانت بأن كل التعديلات القضائية التي أقرت في عهد نتنياهو سوف تمحى بشطبة قلم لاحقا.
وتابع: "نحن نحترم حقوق الأقلية لكن يجب أن يسود الاحترام بين الجميع"، مشيرا: "الائتلاف عمل بكل الطرق للتوصل الى تفاهم يرضي الجميع".
في وقت سابق من اليوم الاثنين، وصل رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إلى مقر الكنيست الإسرائيلي، عقب خروجه من المستشفى بوقت قصير، حيث تم زرع جهاز لتنظيم ضربات القلب له نهاية الأسبوع الماضي، وفقا لما أظهرته صور من الكنيست.
كانت الشرطة الإسرائيلية أعلنت اعتقال ما لا يقل عن 12 متظاهرا خارج الكنيست الإسرائيلي تزامنا مع القراءة الثانية لمشروع القانون.
البيت الابيض
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير إن "الرئيس الأميركي جو بايدن سيواصل الضغط من أجل التوصل إلى توافق عريض بين السياسيين الإسرائيليين حول خطة التعديلات القضائية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بعدما أقر الكنيست أول قانون بها".
واضافت: "بايدن لم يتخل عن هدفه المتمثل في التوصل إلى توافق عريض بعد انهيار المساعي التي بذلت في اللحظات الأخيرة من أجل التوصل إلى تسوية وإخفاقها في تهدئة أزمة دستورية تعصف بالبلاد منذ شهور".
كما وذكر المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض أن إدارة بايدن تعتبر إقرار الكنيست الإسرائيلي لبند في خطة التعديلات القضائية لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو "أمرا مؤسفا".
وقال المسؤول الأميركي "نعتقد أنكم بحاجة للعمل للوصول إلى توافق من أجل إجراء تغييرات ديمقراطية كبيرة... نحث القادة الإسرائيليين على العمل على التوصل إلى نهج قائم على التوافق من خلال حوار سياسي".
تظاهرات
وطوق متظاهرون الكنيست منذ الصباح الباكر، حاملين السلاح ويجلسون في الشوارع لإظهار معارضتهم لمشروع القانون.
يعد مشروع القانون هو الجزء الأول من خطة الحكومة متعددة الجوانب لإضعاف سلطة القضاء.
ويقول نتنياهو وحلفاؤه، بحسب "سي أن أن" إنه من الضروري إعادة توازن السلطة بين محكمة واسعة الصلاحيات والحكومة المنتخبة، بينما يقول المعارضون إنها تزيل أحد الضوابط الوحيدة على سلطة الحكومة في بلد لا يوجد فيه دستور مكتوب.
وأثارت الخطة تهديدات من جنود الاحتياط العسكريين بوقف التطوع للخدمة إذا تم تمرير مشروع القانون، وتضع نقابة المحامين الإسرائيلية بالفعل خططًا للطعن في ذلك في المحكمة.
دعوى أمام المحكمة
وأعلنت جماعة "الحركة من أجل جودة الحكم في إسرائيل"، وتلعب دورا مراقبا أنها ستقدم طعنا لدى المحكمة العليا ضد قانون جديد معدل يحد من سلطة المحكمة في مراجعة قرارات الحكومة.
وأضافت: "التعديل، الذي قدمه الائتلاف القومي الديني وتمت المصادقة عليه اليوم الاثنين، يعد بمثابة إلغاء فعلي للسلطة القضائية ويجب أن تلغيه المحكمة".
نقابات النقل
وكشف اتحاد النقابات الرئيسي في إسرائيل أنه سيجتمع مع مسؤولين نقابيين آخرين لمناقشة إمكانية إعلان إضراب عام بعدما أقر الكنيست مشروع قانون رئيسيا في خطة تعديلات قضائية مثيرة للجدل.
وحاول ريس الاتحاد أرنون بار دافيد، (هستدروت)، التوسط بين الحكومة والمعارضة للتوصل إلى توافق. وقال إن الخلافات بسيطة لكن جهود الوساطة فشلت بسبب الأهواء السياسية.
وأضاف بار ديفيد "من هذه اللحظة فصاعدا، أي تقدم أحادي الجانب في التعديل (القضائي) ستكون له عواقب وخيمة... فإما أن تمضي الأمور للأمام مع وجود اتفاق واسع أو أنها لن تتقدم على الإطلاق".
وقال بار دافيد إنه سيلتقي بمسؤولي الهستدروت لإعلان "نزاع عمالي عام" وسوف يقوم "بتفعيله إذا لزم الأمر إلى أن يتحقق الإغلاق الكامل (للاقتصاد)".
البورصة
وبعد اقرار قانون التعديلات اليوم، تراجعت بورصة تل أبيب 1.6% الشيقل 0.3% أمام الدولار .
احتجاجات
واستخدمت الشرطة خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين المعارضين لحملة ائتلاف نتنياهو القومي الديني، واقتاد الضباط بعيدا متظاهرين قيدوا أنفسهم بالسلاسل وأغلقوا الطريق أمام البرلمان.
وقال زعيم المعارضة يائير لابيد لقنوات تلفزيونية إسرائيلية في الكنيست قبل دقائق من بدء التصويت "لا يمكنك التوصل إلى اتفاقات تحمي الديمقراطية في إسرائيل مع هذه الحكومة".
ومع انضمام البنوك والشركات إلى الاحتجاج، تصاعد الضغط على نتنياهو الذي غادر المستشفى صباح اليوم بعد إقامة لمدة ليلتين تم خلالهما تركيب جهاز لتنظيم ضربات القلب.
وكانت واشنطن قد حثت نتنياهو على التوصل إلى توافق في الآراء بشأن أي تعديلات قضائية، بينما ضغط شركاؤه المتشددون في الائتلاف للمضي قدما في إجراء التعديل على أن يتبعه المزيد من التغييرات القضائية.
وتشعبت الأزمة وصولا إلى الجيش، حيث قال قادة الاحتجاج إن الآلاف من متطوعي الاحتياط هددوا بعدم أداء الخدمة إذا مضت الحكومة قدما في خططها وحذر كبار الضباط السابقين من أن جاهزية إسرائيل لخوض الحروب قد تكون في خطر.
* "كارثة"
وقبيل التصويت قال لابيد للمشرعين في مناقشة عاصفة "نحن في طريقنا إلى كارثة... إذا تم التصويت لصالح هذا القانون فستضعف دولة إسرائيل وشعب إسرائيل وجيش الدفاع الإسرائيلي".
وسيمثل هذا خطوة أولى ضمن حزمة من التعديلات القانونية التي يخشى منتقدون من أنها تهدف إلى الحد من استقلال القضاء، لكن نتنياهو،الذي يحاكم بتهم فساد ينفيها، يصر على أهميتها من أجل تحقيق التوازن بين سلطات الحكم.
ودافع وزير العدل ياريف ليفين، الذي يقود عملية التعديلات، عن مشروع القانون، الذي سيعدل قانون يمكّن المحكمة العليا من إبطال القرارات التي تعتبرها "تفتقر للمعقولية".
وقال "لا يوجد سبب للخوف من هذه التعديلات. هناك أسباب عديدة تجعلك تراها خطوة مهمة باتجاه إعادة التوازن بين دوائر الحكم من حيث احترام اختيار الناخبين".
وأضاف: "اتخذنا خطوة أولى في العملية التاريخية المهمة لإصلاح النظام القضائي واستعادة الصلاحيات التي أُخذت من الحكومة والكنيست (البرلمان)".
وكان ائتلاف نتنياهو قد عقد العزم على مقاومة ما يصفه بأنه تجاوز من قبل المحكمة العليا التي يقول إنها أصبحت تتدخل في السياسة بشكل أكثر من اللازم.
ويقول منتقدون إن تعديل اليوم الاثنين تم الدفع به بسرعة من خلال البرلمان وسيفتح الباب أمام إساءة استعمال السلطة من خلال إزالة أحد الضوابط الفعالة القليلة على سلطة السلطة التنفيذية في بلد لا يوجد فيه دستور رسمي مكتوب.
وأعلنت الحكومة عن خططها لإدخال تعديلات على النظام القضائي في يناير كانون الثاني بعد فترة وجيزة من أدائها اليمين، مما أدى إلى اندلاع احتجاجات غير مسبوقة في الشوارع وأثار قلق الحلفاء في الخارج بشأن سلامة الديمقراطية في إسرائيل وألحق أضرارا بالاقتصاد.
وقال أكبر بنكين في إسرائيل، وهما لئومي وهبوعليم إنهما سيسمحان لموظفيهما بالتظاهر اليوم الاثنين من دون الخصم من رواتبهم.
وشارك منتدى يضم حوالي 150 من أكبر الشركات الإسرائيلية في الإضراب وقال اثنان من أكبر مراكز التسوق وهما وعزرائيلي وبيغ إن المتاجر في مراكز التسوق الخاصة بهما ستظل مغلقة.
رويترز