استحضر انقلاب النيجر إعادة تسليط الضوء على المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (إيكواس)، والتي تعقد اليوم قمة طارئة في أبوجا، العاصمة النيجيرية، لبحث الوضع في النيجر، حيث يحتجز الرئيس محمد بازوم منذ الأربعاء الفارط من قبل عناصر من حرسه. فهل من دور مؤثر للمجموعة في حل الأزمة في النيجر؟
تضم "الإكواس" 15 دولة يبلغ مجموع سكانها أكثر من 261 مليون نسمة (إحصائيات 2006)، وتبلغ مساحتها الإجمالية خمسة ملايين كيلومتر مربع، أي 17 في المئة من إجمالي مساحة قارة أفريقيا، وكانت موريتانيا الدولة العربية الوحيدة العضو فيها لكنها انسحبت منها عام 2001. وضمن توجهاتها، ترفع شعارَ تعزيز التعاون الاقتصادي والتبادل التجاري بين دول المنطقة كمدخلٍ إلى اندماج اقتصادي شامل.
النشأة
تعود فكرة إقامة إطارٍ للتعاون الاقتصادي بين دول أفريقيا الغربية إلى خمسينيات القرن العشرين، وقد ترجمها الاتحاد الجمركي الذي قام عام 1959 بين فدرالية مالي (السنغال ومالي) وبين دول الوئام الأربعة، وهي: بوركينا فاسو (فولتا العليا سابقا) وبنين (داهومي سابقا) والنيجر وساحل العاج.
وفي عام 1972، بُعث المشروع مجددا على يد الرئيس النيجيري يعقوب كونْ، والتوغولي نياسينغبي أياديما، فقاما بجولةٍ طويلة في 12 دولة أفريقية لإقناع قادتها بالانخراط في المشروع. وفي أعقاب الجولة، تمت الدعوة إلى اجتماع للخبراء في لومي حيث قُدّم مقترح معاهدة، وبعد ذلك تسارعت الخطوات نحو إقامة الإطار الجديد.
تأُسست المنظمة في 25 أيار/مايو 1975 بموجب اتفاقية لاغوس ، ويقع مقرها في أبوجا عاصمة نيجيريا. يرأس المُنظمة حاليا نانا أكوفو أدو. وتعتمد اللغات الإنكليزية والفرنسية والبرتغالية.
وتعمل الإيكواس أيضًا كقوة لحفظ السلام في المنطقة، حيث ترسل الدول الأعضاء أحيانًا قوات عسكرية مشتركة للتدخل في أوقات عدم الاستقرار السياسي والاضطرابات في إحدى هذه الدول. شملت هذه التدخلات في السنوات الأخيرة في ساحل العاج في عام 2003، وليبيريا في عام 2003، وغينيا بيساو في عام 2012، ومالي في عام 2013، وغامبيا في عام 2017.
وتضم المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا مُؤسسات مفوضية المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، ومحكمة العدل الخاصة بالمجموعة، وبرلمان المجموعة، وبنك إيكواس للاستثمار والتنمية (EBID)، ومنظمة الصحة لغرب أفريقيا (WAHO)، ومجموعة العمل الحكومية الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في غرب أفريقيا . كما تضم تكتلين اقتصاديين نقديين ضمنها هُما الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا (UEMOA)، والمنطقة النقدية لغرب أفريقيا (WAMZ).
عقوبات
وفرضت "إيكواس"، اليوم الأحد، عقوبات اقتصادية وأخرى متعلقة بالسفر على القادة العسكريين الجدد في النيجر، مهددة باستخدام القوة إذا لم يعد الرئيس محمد بازوم الذي أطاحوا به إلى السلطة في غضون أسبوع.
وجاء رد المجموعة على الانقلاب السابع في منطقة الساحل خلال سنوات قليلة تزامنا مع إضرام مؤيدي المجلس العسكري في نيامي عاصمة النيجر النار في الأعلام الفرنسية ورشقهم مبنى سفارة فرنسا بالحجارة، مما دفع الشرطة لإطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.
وأظهرت صور حرائق عند أسوار السفارة الفرنسية ومصابين يُنقلون إلى سيارات إسعاف بينما أرجلهم ملطخة بالدماء.
قمة أفريقيا
وخلال قمة طارئة في نيجيريا لبحث الانقلاب الذي وقع الأسبوع الماضي، دعا قادة إيكواس إلى استعادة النظام الدستوري بالكامل، مهددين باتخاذ إجراءات للرد إذا لم يحدث ذلك.
وقال البيان "هذه الإجراءات قد تتضمن استخدام القوة"، مضيفا أن مسؤولي الدفاع سيجتمعون على الفور لهذا الغرض.
وقالت إيكواس والاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا المكون من ثمانية أعضاء إنه بأثر فوري سيتم إغلاق الحدود مع النيجر وحظر الرحلات التجارية ووقف المعاملات المالية وتجميد الأصول الوطنية وإيقاف المساعدات.
وأضافت أن المسؤولين العسكريين المتورطين في الانقلاب سيُمنعون من السفر وستجمَّد أصولهم.
تنديد
وندد بانقلاب النيجر عدد كبير من دول الجوار والشركاء الدوليين، ومنهم الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي وفرنسا التي استعمرت النيجر في الماضي.
ورفضوا جميعا الاعتراف بالزعماء الجدد بقيادة الجنرال عبد الرحمن تياني.
والنيجر واحدة من أفقر دول العالم وتتلقى مساعدات تنموية رسمية تقدر قيمتها بنحو ملياري دولار سنويا، وفقا للبنك الدولي.
وتنشر الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وألمانيا قوات هناك في تدريبات عسكرية ومهام لمحاربة المتمردين الإسلاميين. والنيجر كذلك سابع أكبر منتج لليورانيوم في العالم، وهو المعدن المشع المستخدم على نطاق واسع في الطاقة النووية والأسلحة النووية، وكذلك لعلاج السرطان.
وشكر بيان إيكواس اليوم الأحد الدول التي عبرت عن مواقف تتماشى مع موقف المجموعة و"ندد بإعلان تأييد (الانقلاب) من بعض الحكومات الأجنبية ومتعاقدين عسكريين أجانب".
رئيس وزراء النيجر
في غضون ذلك، قال رئيس وزراء النيجر في حكومة بازوم حمود محمد إن عقوبات إيكواس ستكون كارثية لأن البلاد تعتمد اعتمادا كبيرا على الشركاء الدوليين لتغطية احتياجات ميزانيتها.
وقال محمد الذي كان في الخارج عندما وقع الانقلاب لقناة "فرنسا 24" من باريس "أعرف هشاشة الوضع في النيجر وأعرف السياق الاقتصادي والمالي فيها بعد أن كنت وزيرا للمالية وفي ظل رئاستي للوزراء الآن".
وأضاف "هذه دولة لن تستطيع مقاومة هذه العقوبات. ستكون كارثية".