في ذكرى ميلاد "الفريد هيتشكوك"... عندما أصبح لافلام الرعب "عراب"

ولد الفريد جوزيف هيتشكوك في 13 آب/أغسطس 1899 في مدينة ليدز في إنجلترا. في مراهقته، حبس في سجن قسم الشرطة لتأديبه، بأمر من أبيه الصارم. ما سبب له خوفا مرضيا من الأماكن المغلقة وقلقا من السجن، وظهر أثره في أفلامه التي جعلته "سيد التشويق" فقد عمل في مجال صناعة الأفلام منذ سنوات العشرينات، حيث بدأ مسيرته كمصمم للرسوم المتحركة، ثم مساعد مخرج، حتى اتيحت له الفرصة للتألق كمخرج رئيسي.

لم يكن هيتشكوك مجرد مخرج عادي، بل كان رائدا في استخدام تقنيات سينمائية مبتكرة لخلق جوّ من الإثارة والتشويق، وأفلامه كانت تشبه رحلة مثيرة داخل عقول الشخصيات وطبيعتهم المعقدة. من أعظم أعماله "Rear Window" (النافذة الخلفية) الذي صدر عام 1954، ويروي قصة شخص مصاب بكسر في ساقه يجلس في شقته ويصبح شاهدا على جريمة قتل تحدث في المبنى المجاور. أثرت أفلامه في شكل السينما الجديد، وأصبحت معيارا للتشويق والدراما. 

لم يقتصر إبداع هيتشكوك على نوع واحد من الأفلام، فقد قدم أيضا أعمالا رائعة في نوعية الرعب منها فيلمه "The Birds" (الطيور) الذي صدر  عام 1963، ويعتبر واحدا من أهم الأعمال في تاريخ السينما. حيث قدم  هذا الفيلم تصويرا مرعبا لهجوم الطيور على سكان بلدة صغيرة، ونجح في تجسيد الرعب من خلال تهديد للبشر من مصدر طبيعي و غير متوقع.

اما فيلم "سايكو"الذي اخرجه عام (1960، لايزال حتى اليوم يعدّ بمثابة مرجع أو مفصل في تاريخ أفلام الرعب لاسيما من خلال مشهد القتل في حوض الاستحمام التي استمرت مدة 45 ثانية على الشاشة، لكن تصويرها استغرق أسبوعاً كاملاً، و78 زاوية مختلفة للكاميرا. 

ومن المميز في أفلام هيتشكوك أنه كان يظهر في لقطات قصيرة في معظم أفلامه، أو ما يعرف بعالم السينما بـ cameo appearance كما وصف  بـ"سيد الظلال" كونه قدم معظم مشاهده وأكثرها تشويقا ورعبا في جو من الإضاءة الخافتة والظلام. كما رأى النقاد ان عبقرية هذا المخرج كانت في قدرته المدهشة على سرد القصة بالصورة دون الحاجة الى الحوار. و "سيد الرعب" كانت له قدرة مميزة كذلك في المزج بين مشاهد الرعب ومشاهد أخرى فيها نكهة من الكوميديا. 

امتدت حياة هيتشكوك المهنية لستة عقود أخرج خلالها أكثر من 50 فيلما، لكن 5 من أفلامه فقط فازت بجوائز أوسكار مختلفة، منها واحد منها بجائزة أفضل فيلم و هو "ريبيكا" عام 1940، دون أن يحالفه الحظ بالفوز في جائزة أفضل مخرج في أي منها. 

واعتبر غرايم روس المحرر الفني لصحيفة إندبندنت البريطانية، أن "حرمان هيتشكوك من الفوز بجائزة أوسكار، لا يزال يشكل وصمة عار في تاريخها". دون أن يقلل منحه جائزة أوسكار الفخرية عام 1968، من ذلك.

توفي هيتشكوك في 29 نيسان/ أبريل 1980 في لوس أنجلوس، ورغم رحيله إلّا أن أفلامه ما زالت حية في عقول وقلوب الناس. يعتبر الفريد هيتشكوك أحد أبرز رموز السينما العالمية، وتأثيره لا يزال واضحا في أعمال مخرجين حديثين وجمهور السينما على حد سواء. إنه الإرث الذي لن يمحى، والدروس التي نستمدها من أعماله ستستمر في إلهام الجيل القادم.