تترقّب السوق المالية موعد إطلاق المنصّة الجديدة المعروفة بإسم منصّة "بلومبرغ"، والتي ستبدأ معاملاتها اعتبارًا من أواخر أيلول/سبتمبر الجاري. إذ تحل "بلومبرغ" الدولية مكان "منصة صيرفة" المحلية، التي أوقف حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري ونوابه عملها في آب/أغسطس الماضي.
والهدف من إنشاء منصّة "بلومبرغ"، هو اعتماد السعر الحقيقي لصرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية في الإقتصاد، وأن تتمتّع بشفافية أكثر لجهة العرض والطلب، أقله معرفة مصادرهما وأن تكون عملياتهما شفافة.
ومع توقف صيرفة، كانت قد انهمرت العروض "لقوننة" سعر الصرف، فطرح الأمين العام لجمعية مصارف لبنان الدكتور فادي خلف في افتتاحية التقرير الشهري للجمعية، استخدام بورصة بيروت لإدراج الليرة اللبنانية عليها بدل شراء منصة من بلومبرغ. إذ عدد خلف عددًا من النقاط الإيجابية لهذا الطرح، ومنها الكلفة الزهيدة التي ستتحمّلها الدولة، نظام التداول، سرية التداول، التشابك مع المؤسسات المالية والمصارف وشركات الوساطة، وكلفة الإدراج على البورصة، وشفافية الأسعار التي يؤمّنها نظام التداول..".
ولفت خلف إلى أنّ هناك "خصوصيات في سوق الدولار في لبنان، تتطلب تعديلات كبيرة على المنصات العالمية قد تأخذ وقتًا لا يستهان به، كما تتطلب فترة تجربة وتدريب قد تطول، فيما بورصة بيروت مربوطة بعدد لا بأس به من المصارف، التي تدرّب موظفوها على مدى عقود من الزمن، على استعمال تقنياتها من دون أي شوائب، فلا حاجة إلى إضاعة الوقت بفترات من التدريب والإختبار".
نائب حاكم مصرف لبنان سابقا الدكتور غسان العياش، كشف أن المركزي يخطط منذ ثلاثة أشهر تقريبا لإلغاء النظام المعروف باسم "صيرفة" واستبداله بتبادل العملات عن طريق مؤسسة Bloomberg العالمية. ويقول في حديث لـ"وردنا" إن هذا الاتفاق مع Bloomberg "يحقق الشفافية في سوق القطع حيث يظهر العمليات إلى العلن ويوقف النزف السرّي في الموجودات الخارجية" ويضمن تحديد سعر الصرف على أساس العرض والطلب.
ويرى أن سبب اعتماد هذا الخيار، أي Bloomberg، هو أن "صيرفة" التي استحدثت تحت ضغط الظروف، كانت "بعيدة كليا عن الشفافية". وتميزت عملياتها بالغموض وكانت "تغطّي تدخّلا مقنّعا لمصرف لبنان في سوق القطع بائعا للدولار ممّا أدّى إلى استنزاف موجودات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية". الى جانب لجم سعر صرف الليرة اللبنانية خصوصا عند احتساب رواتب الموظّفين ولو على حساب رصيد العملات الأجنبية في مصرف لبنان الذي تراجع إلى حدود خطيرة.
وفي شق آخر، يجزم العياش أن تحسن قيمة الليرة اللبناية مرتبط جذرياً بالاصلاحات، التي يطالب بها صندوق النقد الدولي. ويشدد هنا على أن هذا "الحلّ صعب لأنه يقوم على عنصرين غير مقبولين شعبيا وهما زيادة الإيرادات الضريبية وتخفيض النفقات، لاسيما رواتب القطاع العام".
ومن الأسباب لضعف العملة الوطنية والاقتصاد على حد سواء، بحسب النائب السابق لحاكم مصرف لبنان، "هو انعدام الثقة بالنظام السياسي الذي يغامر بوضع المؤسّسات الدستورية ويقامر بالقضاء ويمنع سيادة القانون".
بورصة بيروت خاضعة لسوق المحاصصة السياسية الطائفية
وفي هذا السياق، أوضح الرئيس السابق لجمعيّة الرقابة على المصارف، سمير حمود، لـ"وردنا" أنّ "إعادة إحياء بورصة بيروت يتطلب أولاً إحياء القطاع المصرفي"، إضافة الى أن البورصة تتم التعيينات فيها على أساس المحاصصة الطائفية اللبنانية.
الصحافي الاقتصادي جاد غصن، شارك حمود رأيه لناحية أن النظام الطائفي اللبناني جعل من بورصة بيروت منصة ضعيفة وتفتقر للشفافية، نظرا لخضوعها "لسوق المحاصصة السياسية الطائفية". ويقول في حديث الى موقعنا أنّ "التداول بالعملة من خلال البورصة أو أي منصة اخرى إنما يخضع لشروط العرض والطلب"، ما يعني تحرير الليرة وإخضاعها للسوق فقط.
ويوضح في هذا الإطار، أن الفرق بين منصة بلومبرغ و بورصة بيروت، هو من سيكون "صاحب القرار بوقف التداول في حال حدوث مضاربات مشبوهة".
ففي حال كانت بورصة بيروت هي المعتمدة، وفي ظل المحاصصة وواقع المضاربات الحالية، وطريقة تدخل مصرف لبنان في خضم الأزمة الاقتصادية والمالية الحالية من سيتدخل لوقف المضاربة على الليرة؟
أما في حال كانت بلومبرغ، فهي قادرة على ذلك على اعتبار أنها جهة خارجية.
ويتابع، "إن وجود منصة داخلية، هو حكما أفضل لأي دولة سيادية ولديها سياسة مالية واضحة وتتمتع بورصتها بكامل الشفافية، وهذا ليس الواقع الحال في لبنان".
وبالتالي، قدرة القوى الداخلية القادرة على المضاربة على العملة المحلية والتدخل بسعر الصرف، "سيكون من الصعب عليها فعل ذلك مع جهة خارجية".
يعوّل مصرف لبنان على منصة بلومبرغ لتحديد سعر الصرف
والجدير بالذكر، أنّ مصرف لبنان وحده من يمتلك صلاحيات اتخاذ القرارات المتعلقة بـ"بلومبرغ". وبانتظار أن يكشف مصرف لبنان معلومات أكثر عن المنصّة الجديدة، وتحديدًا تاريخ انطلاقها.
ويعوّل مصرف لبنان على منصة بلومبرغ، لتحديد سعر الصرف المعتمد فعليًا في لبنان، وتوحيد أسعار الصرف إلى حد كبير، إذ أنها ستسهل على البنك المركزي ممارسة أحد أدواره في ضبط عمليات التداول والمضاربة وتدخله في مسألة سعر الصرف.
بورصة بيروت
بورصة بيروت هي سوق الأوراق المالية الوحيدة العاملة في لبنان. تعود بداياتها إلى عام 1920. وشهدت السوق فترتها الذهبية في الخمسينيات والستينيات، قبل أن تشهد ركودًا بسبب الحرب. وأغلقت السوق عام 1983 بسبب الوضع الأقتصادي والأمني المتدهور. ليعيد فتحها في أيلول/سبتمبر 1995، لتعود التعاملات فيها في كانون الثاني/يناير 1996.
ويبلغ عدد الشركات المدرجة في بورصة بيروت، 11 شركة إلى جانب أدوات دين عدّة وصنادق استثمارية.