صحة

مصابو المهق يسردون معاناتهم: "لسنا من أكلة لحوم البشر"

مصابو المهق يسردون معاناتهم:

علمي بيلي محمد يحكي معاناته مع المهق

يكافح علمي بيلي محمد البالغ من العمر 25 عاما، بسبب إصابته بالمهق: "يصفني الناس بأني آكل لحوم البشر، ويقولون إنني سآكل أطفالهم. ولذلك يخافون مني". ومن أجل العثور على مكان يعيش فيه في العاصمة مقديشو، بعد أن غادر منزله الريفي في منطقة هيران الوسطى، يعاني وإخوته من هذه الحالة. ولـ"بي بي سي"، يحكي محمد معاناته التي تقفل أبواب الرزق في وجهه.

يقول محمد: "نتعرض للإهانة والتعذيب بشكل مستمر من المجتمع. تعرضنا للضرب والسخرية بسبب لون بشرتنا الشاحب ولون شعرنا وأعيننا".

ويضيف: "اعتقدت أنني سأجد حياة أفضل في مقديشو، لكنني كنت مخطئا".

بحث محمد كثيرا عن غرفة في منزل مشترك، ولكن لم يقبله أحد ووجه بالرفض في كل مكان.

وانتهى به الأمر إلى دفع 30 دولارا شهريا للعيش في مخزن (سقيفة للتخزين) في منطقة هامار وين، وهي أقدم جزء من المدينة.

ويقول: "يعتقد الناس أنني ملعون. وغالبا ما يلقون خليطا من الماء المالح والبيض النيئ على عتبة باب المخزن، لأنهم يعتقدون أن هذا سيحميهم مني".

وعثر محمد أيضا، في نهاية المطاف، على عمل، عاملَ نظافة في مطعم، يكسب منه ما بين 1.40 دولارا و4 دولارات في اليوم.

لكن ذلك لم يدم طويلا.

فقد فصل من عمله بعد أن توقف العملاء عن تناول الطعام في المطعم، قائلين إنهم يخشون أن يعدوا بالمهق، مع أنه ليس مرضا معديا، بل حالة صحية وراثية.

ويقول محمد: "كنت أذهب من مطعم إلى مطعم بحثا عن وظيفة أخرى، لكن لم يوظفني أحد. وانتهى بي الأمر إلى التسول في الشوارع، رافعا لافتة كتب عليها رقم هاتفي حتى يتمكن الناس من التبرع لي بالدفع عبر الهاتف المحمول".

ولم يكن ما يكسبه من التسول كافيا لتغطية تكاليف وجباته وإيجاره، ناهيك عن الواقي من الشمس والنظارات التي يحتاجها لحماية بشرته الحساسة وعينيه.

ما الذي يعانيه مصابو المهق؟

يوضح تقرير "بي بي سي" أن المصابين بالمهق يعانون من قلة الصبغة التي تلون العيون والشعر والجلد وتوفر الحماية من الشمس، أو انعدامها لديهم بالمرة، وتعرف تلك الصبغة بالميلانين.

ويقول محمد: "لا أستطيع شراء نظارات شمسية. ويوجد الكثير من الغبار، وحركة المرور الملوثة للغاية في السوق حيث أتوسل. وتتألم عيناي باستمرار، ويتدهور بصري بسرعة."

ويضيف: "في بعض الأحيان يعطيني الناس بقايا طعامهم لآكله. وفي أحيان أخرى لا يكون لدي أي شيء".

وتحطمت أحلام محمد في الهروب إلى مقديشو لكسب المال ومساعدة أسرته، خاصة إخوته المصابين بالمهق.

ولا يعرف عدد المصابين بالمهق الذين يعيشون في الصومال، فليس هناك بيانات. تأثرت البلاد بالصراع وعدم الاستقرار لأكثر من ثلاثة عقود، ولذلك فمن المستحيل جمع معلومات موثقة.

وفي وقت سابق من هذا العام، اجتمعت حوالي 80 أسرة تعيش مع المهق في مقديشو لتشكيل جمعية، اسمها (الصوماليون المهق)، التي يأملون أن تساعد في رفع مستوى الوعي بشأن محنتهم، والمساعدة في الحد من الوصمة.

وأرسلت صوماليات يعشن في الشتات عبوات من كريم الحماية من الشمس لأعضاء الجمعية، وأرسلن حتى الآن 86 عبوة.

ومن المستحسن أن يرتدي المصابون بالمهق واقيا من الشمس شديد الفعالية، وملابس واقية، ونظارات شمسية للحد من التعرض لأشعة الشمس.

ويعني افتقار المصابين بالمهق إلى الميلانين أنهم أكثر عرضة للإصابة بحروق الشمس وسرطان الجلد.

كما يؤدي ذلك إلى مشكلات في العيون، لأن الميلانين يشارك في تطور شبكية العين، وهي الطبقة الرقيقة من الخلايا الموجودة في الجزء الخلفي من العين.

ويقول محمد أبو بكر عبد القادر، رئيس المجموعة، البالغ من العمر 40 عاما: "شكل صوماليون آخرون من ذوي الإعاقة منظمات تسعى إلى الحصول على المساعدة من الحكومة والمنظمات الدولية. ولديهم الآن حقوق. أما نحن فلا."

ويضيف عبد القادر: "انتخبت رئيسا لجمعيتنا لأنني بطل، ولن أستسلم أبدا". وهو أب لستة أطفال مصابين بالمهق مثله.

ويكسب عبد القادر لقمة عيشه من بيع الأطعمة المجففة والمعلبة على عربة في سوق حمر وين. ويرتدي دائما قبعة لحماية نفسه من أشعة الشمس القاسية.

ويقول: "السبب الذي يجعل الناس يكرهوننا ويخافوننا هو الجهل".

يقرأون الآن