أكد الزعيم الدرزي وليد جنبلاط أن "المصالحة تكرست بالرغم من أصوات النشاز من هنا وهناك، والتي تصر على نبش القبور وتنسى صفحات العيش المشترك المجيدة للجبل والوطن"، متوجهاً خلال استقباله البطريرك الماروني بشارة الراعي وشيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز سامي أبي المنى، في المختارة، للحضور بالقول: "صاحبة الغبطة، اسمح لي ببعض الملاحظات من مراقب بعيد، أولاً نثمر عالياً كل الجهود المحلية والعربية والدولية التي تقومون بها من أجل حل معضلة الرئاسة، كما نحيي عالياً تأييدكم للحوار بالرغم من العقبات المتعددة".
وأضاف جنبلاط: "في أدبياتنا، كل الشهداء هم شهداء الوطن دون تمييز من أي جهة كانت، وفي ما نسمعه من نظريات ليس هناك أغبى أو أسخف لكن أخطر ممن ينادون بالفراغ، ولا يسهلون موضوع الانتخابات الرئاسية".
وتابع: "في نسخة أخرى من النظريات حول ما يسمى مواصفات الرئيس، وكأن المطلوب أن يتعلم المجلس النيابي دروساً في النحت أو الخياطة، فعندما تريد الدول حل الأمور تحلها، وتذكروا مجلس الإدارة أيام المتصرفية، وتذكروا الاستقلال كما سنة 1985، والطائف وغيرها من المحطات، فكفى وضع عراقيل لتغييب الانتخابات".
ولفت في السياق نفسه إلى أن "يأتينا وزير الخارجية الإيراني حسن أمير عبد اللهيان بالتزامن مع زيارة رجل "الترسيم" آموس هوكشتاين وكليهما صرحا بتأييدهما لإنجاز الانتخابات الرئاسية، ممتاز، كيف؟، فهل يمكن ترسيم حقل بعبدا يا سيد هوكشتاين وهل يمكن تسهيل الانتخابات يا سيد عبداللهيان؟ وتحديد الصندوق السيادي الجديد مع الدول المعنية والقادة المحليين، سؤال مجدداً من مراقب بعيد".
وختم جنبلاط: "من جديد، نثمر جهودكم عالياً، ونحن على استعداد لأي مساعدة مهمة الرئاسة الصعبة ولكن ليست المستحيلة".
بدوره، أكد الراعي أن"هذا اليوم تاريخي وأتينا لكي نُحيي مرة أخرى المصالحة التي قمتم بها مع البطريرك صفير وأردتما أن تشمل جميع اللبنانيين، ولا مصالحة من دون مصارحة".
وأشار إلى أنه "لا يمكن أن يستمر لبنان في هذه الحالة وقد أصبح غريبًا عن ذاته، ولم نقتدي حتى الآن إلى حلول وطنية وبذلك فالأمور تتفاقم"، لافتاً إلى أن "دار المختارة تاريخية"، متوجهاً لجنبلاط بالقول: "أنت حامي هذا التاريخ مع نجلك وتحافظ عليه وعلينا أن نحمل هذا الهم، والمسيرة بدأناها معاً ونكملها يداً بيد للعمل معاً من أجل وحدة الوطن وشفائه والمصالحة أن تشمل كل لبنان"..
وكان بدأ الراعي جولته في الجبل صباح اليوم الجمعة، بلقاء شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى في دارته في شانيه، في حضور فعاليات رسميّة دينية سياسية واجتماعية.
وقال شيخ العقل بعد استقباله الراعي: "في حضوركم رسالة محبّة وأخوّة وترسيخ للمصالحة، ورسالة العيش معاً وهي تعبّر عن حقيقة الجبل الواحد الموحّد".
بدوره، توجه البطريرك الراعي لشيخ عقل الموحّدين الدروز قائلًا: "في قلبك همّ وحدة اللبنانيين وأعرب عن فرحتي وشكري لهذا اليوم الذي يجمعنا ومن خلال هذه الزيارة أعبّر عن روابط المحبّة والصّداقة التي تجمعنا".
وأضافَ الراعي: "نحن دولة التلاقي والحوار والانفتاح وهذا ما يُسمى الحياد اللبناني الايجابي ولا يمكن أن يكون لبنان أرض التنوع والحوار إن لم يكن حيادياً وإلا فقد رسالته، ومن هذا البيت الكريم نتطلع اليوم الى هويتنا الحقيقية".
وتابع "اقول اليوم من هذه الدار التاريخية ان لبنان بحاجة الى الوحدة فلبنان يتميز في البيئة المشرقية بأنه وحدة في التنوع والتنوع مصان من الدستور وعلينا ان نبني الوحدة الداخلية".
وكان للبطريرك الراعي استقبال عفوي في بلدة الباروك حيث أكدّ الولاء للوطن منتقص ونقول من أمام نصب كاتب النشيد الوطني "يجب أن نكون كلنا للوطن" وإيماننا نفسه مع سماحة شيخ العقل.
ومن المكتبة الوطنية في بعقلين، لفتَ أبي المنى إلى أننا "نلتقي وإياكم بحضور زعامة وطنية راعية لهذا الجبل الحبيب ونخبة الوطن في رحاب سجن تحوّل إلى مكتبة"، متوجهاً للبطريرك الراعي بالقول: "زيارتكم اليوم خطوة مباركة إذ إنّها زيارة تأكيد على نهج المصالحة وتجديد لمسيرة العمل المشترك من أجل نهضة الجبل وتطلّعات الوطن في ظلّ التحديات الكثيرة".
وأضاف: "مصالحة الجبل التاريخيّة لم تكن ورقة تفاهم موقّعة من زعيم وبطريرك وشيخ وشهود بل كانت عهد الحكماء والأبطال الرجال وكانت عهداً من القلب إلى القلب يقول إنّ الجبل تاريخ والتاريخ لا يُمحى بحادثة هنا ومواجهة هناك"، سائلاً: "لماذا لا نتّحد لتعزيز الأمل بالمستقبل في ظلّ انهيار الدولة؟ ألا يستوجب الأمر مصالحة من نوع آخر؟ مصالحة على شكل مبادرات عمليّة لبناء المؤسسات وإقامة المشاريع المنتجة... ألا يجدر بنا أن نضع خطة استراتيجيّة للنهوض والاعتماد على أنفسنا؟".
وفي ما يتعلّق بالاستحقاق الرئاسي، أشارَ أبي المنى إلى أنَّ "الحوار سبيل وليس غاية فلماذا لا ندعو إليه ونشارك به لإحداث خرق في جدار التعطيل سعياً إلى جمال التسوية النافعة المجدية؟".
بدوره، أشارَ الراعي إلى أنَّ "الأساس في لبنان هو الوحدة في التنوّع فنحن معاً نشخّص مشكلتنا، ونبحث عن العلاج لمَا نُعانيه وهذا ما نصبو إليه مع شيخ العقل وذوي الإرادة الحسنة، ولن نتراجع عن هذا العمل لأنّه واجبٌ وطنيّ علينا"، مضيفاً "صحّة لبنان من صحّة الجبل وهذه مسؤولية مشتركة تقع على عاتقنا جميعاً كلمة مصالحة تتطلّب أعمالاً ومبادرات وعلى عاتقنا مسؤوليّة مشتركة لنعمل معاً من أجل وحدة شعبنا وهذا لن أتراجع عنه".
كنيسة سيدة الخلاص
واعتبر الراعي أن " لبنان لا يستطيع أن يكمل طريقه من دون مصالحة ومصارحة، ونصلي أن تتواصل المصالحة - المصارحة على المستوى السياسي، ونطلب من الله أن يمكن الجميع من القيام بها بشجاعة".
وقال في عظته خلال ترؤسه قداس عيد سيدة الخلاص في باحة مطرانية بيت الدين في الشوف: "إنها ذبيحة شكر لله على هذا اليوم الجميل، الذي عشتنا فيه جمال المصالحة التي تمت في الجبل في العام 2001".
ورأى أن "لبنان لا يستطيع أن يكمل طريقه من دون مصالحة ومصارحة، ونصلي أن تتواصل المصالحة - المصارحة على المستوى السياسي، ونطلب من الله أن يمكن الجميع من القيام بها بشجاعة".
وقال: "البداية كانت في شاناي مع شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز سامي أبي المنى، وكانت الغاية تجديد روابط المحبة والصداقة والتعاون في خدمتنا معا على المستوى الروحي. بعدها كانت لنا وقفة في الباروك، تحية لشعبنا هناك، ووقفة في هذا الكرسي".
وتابع: "ثم زرنا بعقلين، حيث تكلمنا أبي المنى وأنا عن ثمار المصالحة التاريخية التي أجراها البطريرك الماروني الراحل مار نصرالله بطرس صفير والنائب السابق وليد جنبلاط، لنؤكد أننا ملتزمون بمواصلة هذه المصالحة التاريخية، لأن عليها ترتكز وحدة شعبنا ووحدة سياسيينا في مسيرة الوطن".
وبعد ذلك، انتقلنا إلى دارة المختارة، وتقاسمنا مادئة المحبة وتبادلنا الكلام مع جنبلاط. والآن نحن هنا، لنشكر الله على هذا النهار الجميل، ونوجه تحية لكل من رافقونا"، مشددا على "أننا نشكر الرب على هذه النعم، ونجدد إيماننا بمسيرة المصالحة، ونصلي أن تشمل المصالحة كل السياسيين والأحزاب والجماعات المسؤولة، لكي يسلم الوطن".
ورأى أن "لبنان لا يستطيع أن يكمل طريقه من دون مصالحة ومصارحة، ونصلي أن تتواصل المصالحة- المصارحة على المستوى السياسي، ونطلب من الله أن يمكن الجميع من القيام بها بشجاعة".