إعتنى ابراهيم الضيقة بكلبته ليكسي من نوع الراعي البلجيكي، منذ أن كانت جرواً صغيراً، لكن الأزمة الاقتصادية في لبنان جعلته عاطلاً من العمل، فاضطر إلى بيعها لسداد قرض مصرفي.
ويقول الشاب اللبناني، 26 عاماً: "وصل الأمر إلى النقطة التي لم أعد فيها قادراً على شراء الغذاء لها، وكان المصرف يضغط علي، فأصبحت أمام حائط مسدود".
ويضيف "لم أبع سيارة ولا هاتفاً، بعت روحاً. بعت جزءاً مني".
يلاحظ النشطاء في مجال الدفاع عن حقوق الحيوانات أن تحمل تكاليف العناية بالحيوانات الأليفة بات معضلة يواجهها عدد متزايد من اللبنانيين الذين يحتفظون بها في بيوتهم، بعد تراجع قدرتهم الشرائية.
فعشرات الآلاف من اللبنانيين فقدوا وظائفهم، أو تراجع دخلهم إلى مبلغ زهيد، بسبب أسوأ أزمة اقتصادية، عرفها لبنان منذ عقود.
وفي ظل هذا الواقع، تكافح عائلات كثيرة للصمود والاستمرار، ما حدا بعدد متزايد من أصحاب الحيوانات الأليفة إلى طلب المساعدة لتأمين الطعام لحيواناتهم، فيما يطلب بعضهم، من آخرين إيواءها، أو يبيعونها، أو حتى يتخلون عنها في أسوأ الحالات.
فقد ابراهيم الضيقة وظيفته في العام الماضي، بعدما قرر متجر الملابس الذي كان يعمل فيه أن يقفل أبوابه في لبنان،مما حد من قدرته على إعالة والدته وشقيقه، بعد وفاة والده بسبب المرض.
ومع أن ابراهيم بقي نحو عام يعتني بليكسي ويدربها على الجلوس، والوقوف، واللعب ومد قائمها للمصافحة، لم يكن أمامه خيار سوى بيعها عندما بدأ المصرف يتصل به لتسديد دينه.
وتوجه بسيارته بعد بضعة أيام للاطمئنان عليها حيث أصبحت الآن، فاعتقدت الكلبة أنه جاء ليعيدها إلى المنزل.
ويقول إنها "ركضت فوراً" إلى سيارته ودخلتها وكأنها تقول: "أريد أن أذهب معك". ويضيف "حطمت قلبي الطريقة التي نظرت بها إلي".
ونظراً إلى أن أكثر من نصف سكان لبنان باتوا يعانون الفقر، أصبح كثيرون منهم يعول على دعم الجمعيات الأهلية لتأمين متطلبات الحياة، وحتى لإطعام حيواناتهم الأليفة.
وتقول أمل رمضان، إنها دَرجَت على التبرع لجمعية "بيربيتشويل أنيمال ووتش" الخيرية للحيوانات، لكنها أصبحت اليوم تتلقى من الجمعية مجاناً أكياساً من الطعام لكلبيها نيللي، وفلافي، من نوعَي "بيتبول" و"بيشون".
فبعد تدهور العملة اللبنانية، تراجع راتبها الشهري من عملها في مجال تأجير السيارات، وأصبح يساوي فعلياً 120، بدل ألف دولار.
وتشير رمضان، وهي أرملة وأم لطفلين، إلى أنها لجأت إلى عمل إضافي لتغطية نفقاتها، وتضيف "ليس لي دخل كافٍ لإطعام حيواني الأليفين".
وتؤكد أنها تفضل الجوع على التخلي عن نيللي وفلافي.
لكن حظ بعض الحيوانات الأخرى لم يكن مماثلاً، مع ارتفاع أسعار اللحوم، والأغذية المستوردة للكلاب، وبدلات الرعاية الطبية، على ما يفيد نشطاء.
وأكد كثيرون استطلعت آراءهم وكالة فرانس برس، أن سعر الطعام المستورد للحيوانات الأليفة، ارتفع خمسة أضعاف مقارنةً مع فترة ما قبل الأزمة، حتى أن سعر كيس من هذه الأطعمة من علامة تجارية عالمية يتخطى أحياناً الحد الأدنى للأجور في لبنان، أي 675 ألف ليرة لبنانية (450 دولاراً وفق سعر الصرف الرسمي).
وفي مأوى للكلاب في جنوب لبنان، تشير المتطوعة غادة الخطيب إلى كلبة مستلقية على جانبها تتنفس بصعوبة، عُثر عليها في مكب النفايات في المنطقة.
وتوضح الخطيب أن التخلي عن الحيوانات الأليفة في ازدياد.
وتقول مصففة الشعر، والمتطوعة في مأوى "ووف أن واغز" إن أحداً لم يعد قادراً على تأمين الطعام لكلبه بسبب ارتفاع كلفة المعيشة.
ويعكس وضع الحيوانات الأليفة في لبنان وضع أصحابها في ظل انهيار اقتصاد بلدهم.
وتروي ثريا معوض، التي تعمل على إنقاذ الكلاب في العاصمة بيروت، أن شخصين أو ثلاثة يطلبون منها كل أسبوع إيجاد مأوى لحيواناتهم.
وارتفعت منذ 2019 أعداد الشباب الذين غادروا لبنان للعمل في دول أخرى، خاصةً بعد الانفجار الهائل في مرفأ بيروت في الصيف الماضي، الذي أوقع أكثر من مئتي قتيل ودمّر أنحاء واسعة من العاصمة.
ويبذل عدد من النشطاء جهوداً لتمكين العشرات من الحيوانات الأليفة من الهجرة أيضاً.
24.ae/أ ف ب