أزهقت الفيضانات التي اجتاحت درنة في شرق ليبيا، الشهر الماضي، أرواح آلاف البشر، وأتلفت أطلال مدينة قورينا اليونانية التاريخية في الجبال القريبة، لكنها أماطت اللثام عن آثار جديدة كانت قابعة هناك، بعدما انجرفت التربة والأحجار خلال الكارثة.
وأصبحت المدينة تُعرف حاليا باسم "شحات".
وتقف معابد قورينا ذات الأعمدة الحجرية شامخة على تلة خصبة بالقرب من صخور صخرية، وهي ضمن خمسة مواقع للتراث العالمي في ليبيا، وفقاً لتصنيف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو)، إلى جانب الآثار الرومانية الكثيرة المطلة على البحر المتوسط، في صبراتة ولبدة الكبرى.
ويقول علماء، إن العاصفة دانيال تسببت في هطول أمطار بلغ منسوبها نحو متر على التلال في شرق ليبيا، وهي كمية غير مسبوقة منذ بدء تسجيل البيانات في منتصف القرن التاسع عشر، وكانت المياه لا تزال تتدفق عبر الموقع عندما زارته "رويترز"، الأسبوع الماضي.
وقال المراقب في إدارة آثار شحات عادل بوفجرة، إن الماء تسبب في تراكم الطين والركام في منطقة الحمامات التي تعود للعصر اليوناني، ما يحتاج إلى جهد وفرق متخصصة لإزالتها.
وحذر من أنه على الرغم من أن الأضرار طفيفة حتى الآن، ربما تكون الفيضانات زادت من حالة هبوط التربة التي يمكن أن تؤدي في وقت لاحق إلى انهيار أحد المعالم الأثرية.
وقال "نحن نتوقع أن أحد المعالم هذه سيتعرض للانهيار بسبب المياه".
وقال بوفجرة إنه على الرغم من أن ذلك يهدد بإلحاق أضرار جسيمة بالآثار الساحرة في شحات، والتي كانت نقطة جذب سياحي منذ القرن الثامن عشر، فقد كشفت المياه أيضاً عن نظام صرف روماني لم يكن معروفاً من قبل.
وقال "تعرّضت مدينة شحات لعاصفة شديدة وسيل جرف مكاناً جديداً، وفتح لنا موقعاً جديداً عبارة عن قناة مياه أعتقد تعود للفترة الرومانية. هو اكتشاف مميز للمدينة. نعتبره نحن قيمة من القيم لبقاء المدينة وترسيخها في قائمة منظمة اليونيسكو، وسيزيد من القيمة الاستثنائية الخاصة بها".
وقال علماء في "وورلد ويذر أتربيوشن"، وهي مجموعة بحثية دولية، إن تغيّر المناخ تسبب في زيادة هطول الأمطار بنسبة تصل إلى 50 في المئة خلال العاصفة، ما يسلط الضوء على المخاطر المستقبلة التي تهدد التراث.
وكانت قورينا مستعمرة يونانية، وإحدى الحواضر الرئيسية في العالم الهيليني القديم، قبل أن تصبح مركزاً رئيسياً تحت حكم الرومان حتى دمرها زلزال عام 365 ميلادية.