ضحت الناشطة الحقوقية الإيرانية المسجونة نرجس محمدي التي فازت بجائزة نوبل للسلام بحريتها طوال معظم سنوات رشدها وتواجه سنوات كثيرة أخرى خلف القضبان، لكنها تتعهد بمواصلة تحدي الحكم الديني في طهران.
وأصبحت نرجس ثاني امرأة إيرانية تحصل على الجائزة بعد معلمتها وقدوتها المحامية شيرين عبادي التي فازت بها عن نشاطها الحقوقي في عام 2003.
وكتبت عبادي في مقدمة كتاب لنرجس بعنوان "التعذيب الأبيض" الصادر عام 2020، وهو عبارة عن مجموعة مقابلات مع سجينات "على الرغم من الأصفاد التي ترزح فيها، ما زالت نرجس تزأر كالأسد. ولهذا السبب يريد النظام سحقها".
وقالت جماعات لحقوق الإنسان إن أحدث حكم إدانة أصدرته السلطات الإيرانية ضد نرجس في عام 2022 يعني أنها قد تقضي نحو 12 عاما في السجن. وترددت المرأة البالغة من العمر 51 عاما على السجن تخرج منه وتعود إليه معظم سنوات رشدها.
الناشطة الحقوقية الإيرانية المسجونة نرجس محمدي من الأقلية الأذرية
ولدت نرجس في مدينة زنجان بشمال إيران عام 1972 لعائلة من الأقلية الأذرية في إيران، وبدأت نشاطها حين كانت طالبة تدرس الفيزياء في إحدى جامعات قزوين القريبة.
وجاء في كتابها أنها ألقي القبض عليها مرتين على الأقل أثناء دراستها. واستمرت في نشاطها واستمر الزج بها خلف القضبان.
وكتبت تقول "في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، اعتُقلت للمرة الثانية عشرة وحكم علي بالحبس الانفرادي للمرة الرابعة في حياتي".
وتقبع نرجس حاليا في سجن إيفين سيء السمعة في طهران الذي يضم آلاف المعارضين السياسيين للحكومة في إيران منذ الثورة الإيرانية عام 1979 التي أطاحت بالشاه ودشنت الحكم الديني. وكان سجن إيفين أيضا مكانا لسجن وتعذيب معارضي الشاه.
ويعيش زوجها تقي رحماني الذي ألقي في السجن أيضا في الماضي بسبب نشاطه، وطفلاهما التوأم علي وكيانا البالغان من العمر 16 عاما، في المنفى في فرنسا. وقال رحماني إنه لم ير زوجته منذ 15 عاما وإن طفليهما لم يريا أمهما منذ سبعة أعوام.
وتحدثت نرجس عن متابعتها للاضطرابات التي عمت البلاد من السجن العام الماضي بعد وفاة مهسا أميني (22 عاما) في الحجز لدى شرطة الأخلاق.
وحصلت نرجس على جائزة نوبل بعد أيام فقط من دخول الفتاة أرميتا غيراوند البالغة من العمر 16 عاما المستشفى وهي فاقدة الوعي. وتقول جماعات لحقوق الإنسان إن جيراوند فقدت وعيها نتيجة مواجهة مع أفراد من الشرطة في مترو أنفاق طهران بسبب عدم ارتدائها الحجاب، وتنفي طهران أن يكون هذا هو السبب.
وقالت اللجنة التي تمنح الجائزة إن قرارها يحمل تكريما لكل من ساندوا احتجاجات العام الماضي، ودعت إلى إطلاق سراح نرجس.
وقالت المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، وهي تحالف من المنظمات الحقوقية غير الحكومية إن نرجس متهمة بنشر "دعاية ضد النظام"، والنشاط ضد الأمن القومي والعصيان المدني، من بين اتهامات أخرى.
نرجس تؤكد أنها لن تتوقف أبدا عن النضال من أجل الديمقراطية والمساواة
وجاء في كتاب نرجس أن الناشطة الإيرانية تعاني من مشاكل الأعصاب والرئة وتحدثت عن تعرضها للضرب وسوء المعاملة أثناء سجنها. وأضربت عن الطعام واعتصمت مرات خلال فترة وجودها في السجن.
وتضيف في كتابها أنها تواجه عقوبة السجن لمدة تصل إلى 30 عاما بموجب الأحكام الحالية والسابقة.
ونرجس هي المرأة التاسعة عشرة التي تفوز بالجائزة التي تمنح منذ 122 عاما والأولى منذ فوز الفلبينية ماريا ريسا بالجائزة في 2021 بالمشاركة مع الروسي دميتري موراتوف.
وبعد فوزها، قالت نرجس إنها لن تتوقف أبدا عن النضال من أجل الديمقراطية والمساواة، حتى لو كان ذلك يعني البقاء في السجن.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن نرجس قولها في بيان "سأواصل الكفاح ضد التمييز المستمر والطغيان والقمع الموجه للنساء من الحكومة الدينية المستبدة حتى تتحرر النساء".
رويترز