لطالما أربكت صواريخ حركتي حماس والجهاد الإسلامي الجيش الإسرائيلي المتفوق من الناحية التكنولوجية. وتحمل تلك الصواريخ أسماء قادة إسلاميين راحلين وتُصنع في الغالب من مواد بدائية في ورش سرية بغزة.
ويشهد القتال الحالي عبر الحدود أسلوبا جديدا من جانب الفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة، وهو إطلاق أعداد كبيرة من الصواريخ بهدف استغلال معدل الفشل الإحصائي للدفاعات الجوية الإسرائيلية وزيادة احتمالات التسبب في سقوط قتلى أو جرحى بمدن إسرائيل.
ويتسبب إطلاق الصواريخ في دوي شبه مستمر لصفارات الإنذار في التجمعات الإسرائيلية القريبة من حدود غزة ويدفع عشرات آلاف السكان إلى البحث عن ملجأ وملاذ. وقُتل 12 في إسرائيل منذ اندلاع القتال في العاشر من مايو أيار.
وتقصف إسرائيل بشدة غزة، ذات الكثافة السكانية المرتفعة، حيث يقول مسؤولون إن 219 فلسطينيا قُتلوا، وكثير منهم مدنيون. وتقول إسرائيل إن 160 مسلحا على الأقل قتلوا بينهم مشغلو ومصنعو صواريخ.
ويقول مسؤولون إسرائيليون إن ترسانة غزة المكونة من نحو 29 ألف صاروخ أو قذيفة مورتر قبل بدء القتال تقلصت إلى النصف حاليا. ولم تؤكد حركتا حماس والجهاد الإسلامي ذلك.
وتظهر لقطات مصورة دعائية للفصائل الفلسطينية صواريخ محملة مسبقا في صوامع صغيرة خاصة بعمليات إطلاق عن بُعد، وهي وسيلة لحماية مشغليها من ضربات إسرائيلية مضادة.
وتقول إسرائيل إن الضربات المضادة قد تتأخر أو تُلغى ضد أطقم إطلاق الصواريخ في وسط المناطق السكنية.
وقال أوفير أكونيس، الوزير في مجلس الوزراء الإسرائيلي والمتحدث السابق باسم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لراديو الجيش الإسرائيلي يوم الأربعاء إن إطلاق ما يصل إلى 140 صاروخا خلال بضع دقائق على تل أبيب وأماكن أخرى "شكل تحديا لأنظمتنا الاستثنائية".
وكان يشير إلى نظام القبة الحديدية لاعتراض الصواريخ الذي تبين إحصاءات إسرائيلية أكدها مراقبون عسكريون أمريكيون أن فرصة إسقاطه الصواريخ التي تُظهر الرادارات أنها في مسارات تهدد مناطق مأهولة بالسكان تبلغ 90 في المئة.
وفي الأوقات الأهدأ، تتم برمجة نظام القبة الحديدية لإطلاق صاروخين من طراز تامير على صاروخ قادم مما يزيد فرصة اعتراضه إلى نحو 99 في المئة. لكن جنرالا في سلاح الجو الإسرائيلي قال إن القبة الحديدية أصبحت مقتصرة الآن، وفي الغالب، على إطلاق صاروخ اعتراضي واحد فقط من طراز تامير، وهو ما يعني أن 10 في المئة من الصواريخ القادمة قد تمر عبرها.
صواريخ عالية الجودة
قال الجنرال للصحفيين في مقر القوات الجوية بتل أبيب يوم السبت "لن تعترض 140 صاروخا بعدد 280 صاروخ تامير. العدد كثير جدا". وأضاف أن إسرائيل كانت تزود الصواريخ، وقيمة كل منها 50 ألف دولار، ولا ترى أي مشاكل في الإمداد.
ومر 20 عاما منذ أطلق نشطاء غزة الصواريخ لأول مرة على إسرائيل. وكانت تلك الصواريخ، التي حملت اسم الداعية السوري عز الدين القسام الذي حارب البريطانيين في فلسطين في ثلاثينيات القرن الماضي، قصيرة المدى ولها رؤوس حربية تزن بضعة كيلوجرامات.
وسعت حماس والجهاد الإسلامي لتعزيز ترسانتيهما بصواريخ عالية الجودة يجري تهريبها عبر سيناء. وتسببت حملات شنتها القاهرة في تضييق الخناق على ذلك إلى حد بعيد.
وتقول مصادر إسرائيلية وفلسطينية الآن إن النشطاء يستخدمون تمويلا وتوجيهات من إيران لإنتاج صواريخ داخل غزة يصل مداها 200 كيلومتر أو أكثر، وبعضها مزود برؤوس حربية تحمل مئات الكيلوجرامات من مادة (تي.إن.تي) الشديدة الانفجار وشظايا.
ولا تكشف إيران علنا تفاصيل دعمها للجماعات المسلحة الفلسطينية واللبنانية المناهضة لإسرائيل. لكن قائد الحرس الثوري الإيراني الميجر جنرال حسين سلامي قال في كلمة بثها التلفزيون يوم الأربعاء إن إيران تدعم قتال الفلسطينيين ضد إسرائيل. وقال سلامي "الفلسطينيون ظهروا كأمة مجهزة بالصواريخ".
وقال المرشد الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي في 2020 إن ميزان القوى في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يتحول بالتخطيط الإيراني و"بهداية الله تعالى ومدده" بعد أن لاحظت إيران أن "المناضل الفلسطيني يتحلى بالدين والإباء والشجاعة، ومشكلته الوحيدة هي خلو يده من السلاح".
وغالبا ما تبدو الترسانة بدائية. ويُظهر مقطع مصور لحماس صواريخ مصنوعة من مواسير مياه مهملة. وأظهرت لقطات لكاميرات مراقبة أن صاروخا ضرب بئر السبع الواقعة على بعد 50 كيلومترا من غزة سقط على طريق بعدما لم ينفجر.
ويقول الجيش الإسرائيلي، مستشهدا ببيانات التتبع نفسها التي استخدمها في عمليات الاعتراض التي ينفذها نظام القبة الحديدية، إن ما بين 20 في المئة وثلث الصواريخ الفلسطينية في أحدث قتال سقطت داخل غزة مما تسبب في مقتل 17 مدنيا على الأقل.
رويترز