عربي

فلسطينيون هاربون من القتال إلى الجنوب.. سنعود يوما

فلسطينيون هاربون من القتال إلى الجنوب.. سنعود يوما

مع تكثيف إسرائيل الضربات الجوية على قطاع غزة الذي تديره حماس وأمرها السكان بالتحرك إلى جنوبي القطاع صوب الحدود مع مصر، اعتقد البعض مثل فادي دلول الأب لستة أبناء أن ذلك سيكون خيارا آمنا وحزم أغراضه.

ويسعى الفلسطينيون لإيجاد مخبأ آمن وسط استعداد الجيش الإسرائيلي لشن ما يُتوقع أن يكون هجوما بريا في غزة مصحوبا بضربات جوية لا تتوقف.

والرحلة إلى الجنوب محفوفة بالمخاطر أيضا، إذ تهاجم إسرائيل حماس في أعقاب شن الحركة هجوما مباغتا على إسرائيل، وهو الهجوم الأعنف منذ حرب عام 1973.

وأطلقت إسرائيل بالفعل أعنف موجة قصف على الإطلاق على قطاع غزة الذي يعاني من الفقر ويعد أحد أكثر الأماكن اكتظاظا بالسكان على وجه الأرض. والأسوأ متوقع، ما حمل السكان على البحث عن ملاذ آمن.

ورفض كثير من سكان قطاع غزة مغادرة منازلهم والتوجه إلى جنوبه مخافة تكرر "النكبة" التي فر فيها كثير من الفلسطينيين أو أُجبروا على الخروج من منازلهم خلال حرب 1948 التي تمخضت عن قيام دولة إسرائيل.

وجُرد نحو 700 ألف فلسطيني هم نصف تعداد فلسطين إبان الانتداب البريطاني من ممتلكاتهم ونزحوا، وتوجه كثير منهم إلى دول عربية مجاورة حيث يمكثون أو يمكث كثير من نسلهم. وما يزال كثيرون يعيشون في مخيمات للاجئين.

وتعارض إسرائيل حقيقة أنها طردت الفلسطينيين قائلة إن خمس دول عربية هاجمتها عقب قيامها.

وبالنسبة لدلول، فإن الأولوية هي نجاة أسرته، إذ تسوي الضربات الجوية الإسرائيلية المباني بالأرض في قطاع غزة الذي تحاصره إسرائيل بينما تفرض مصر إجراءات مشددة على الحدود في ظل تفاقم أزمة إنسانية ونفاد مخزونات الأدوية في المستشفيات.

ودلول واحد من آلاف الفلسطينيين الذين فروا من شمال القطاع أمس السبت خشية ما يُنذر أنه سيكون اجتياحا بريا شرسا مصحوبا بضربات جوية لا هوادة فيها.

وقال دلول "نعيش تحت ضغط ولم نشهد مثل هذا الأمر من قبل... إنه تهديد هائل. الأطفال، مثلما ترون... إلى أين ينبغي أن نأخذهم؟". وأضاف "خاصة عندما غادرنا منزلنا، رأينا في طريقنا أشخاصا محروقين وتعرضوا للضربات الجوية. حمدا لله أننا سالمون ووصلنا إلى الجنوب".

حماس: لا ترحلوا

وطالبت حماس السكان بألا يرحلوا وتقول إن الطرق غير آمنة. وتقول أيضا إن العشرات قُتلوا في ضربات على سيارات وشاحنات كانت تقل لاجئين يوم الجمعة، وهو ما لم يتسن لرويترز التحقق منه بشكل مستقل.

وتقول إسرائيل إن حماس تمنع السكان من الرحيل من أجل استخدامهم كدروع بشرية، وهو ما تنفيه حماس.

ويسكن قطاع غزة نحو 2.3 مليون شخص يعيشون في حصار منذ سيطرة حماس على القطاع في 2007.

وقالت إسرائيل إنها ستبقي طريقين مفتوحين أمام الفلسطينيين لمغادرة القطاع، لكن النازحين الذين سلكوا ذلك المسار قالوا إن القصف الإسرائيلي على المناطق الشرقية المحيطة لم يتوقف قط.

في طريقنا الى الجنوب

ويحكي دلول "كيف لنا أن ننقذهم؟ حينما غادرنا المنزل، قبَّلنا الجدران في طريقنا إلى الخروج. هذا تهجير ولا نعلم إلى متى سيمتد. نأمل أن يتمكن العالم من رؤيتنا ورؤية كيفية عيشنا. انظروا، كان لدينا منزل وجدران ومياه، لكننا الآن نعيش في خيمة".

وتصف إسرائيل أمر الإجلاء بأنه لفتة إنسانية لحماية السكان بينما تقضي على مقاتلي حماس. وتقول الأمم المتحدة إنه لا يمكن تحرك هذا العدد الضخم بأمان داخل غزة من دون وقوع كارثة إنسانية.

وقالت سحر دلول ابنة فادي إنه لا يوجد مكان للاختباء من الضربات الجوية.

وذكر دلول "نعيش طوال حياتنا في شقاء. لا نعلم كيف نعيش. لا يوجد من ينقذنا... كيف سنعيش؟ كيف؟".

ويتعرض للقصف الإسرائيلي على غزة الفلسطينيون الذين بقوا في منازلهم والآخرون الذين قاموا بالرحلة المحفوفة بالمخاطر إلى الجنوب وهم يعلمون أن مصر من غير المرجح بشدة أن تفتح معبر رفح.

ووصفت جينا (20 عاما)، خلال حديثها مع رويترز عبر الهاتف من غزة، أهوال سلوك طريق صلاح الدين الشرقي الرئيسي، وهو أحد طريقين يؤديان إلى المناطق الجنوبية.

وتابعت جينا باكية عبر الهاتف وهي تصف الرحلة إلى الجنوب "كنت مذعورة واعتقدت أنني على وشك الموت".

وأضافت "أمرونا بالهروب ثم قصفوا الناس على الطريق. عاد أبي بالسيارة إلى مدينة غزة. قال إذا كنا سنموت على أي حال، فلنمت في منزلنا في غزة".

وحتى إن أراد سكان القطاع الفرار منه بالكلية، فإنه لا يوجد مكان يتوجهون إليه إذ أن أبرز مخرج من خلال مصر، وهو أمر ترفضه القاهرة.

القاهرة

ودائما ما تصر القاهرة، وهي وسيط أساسي متكرر بين إسرائيل والفلسطينيين، على أن يحل الطرفان الصراعات داخل حدودهما، قائلة إن هذه هي السبيل الوحيدة التي ستضمن للفلسطينيين حقهم في إقامة دولتهم.

وقال شاهد إنه رأى سيارات مدمرة وشاحنة محترقة تماما في طريقه إلى الجنوب. وتبدلت آراء بعض الذين أملوا في أن يجدوا ملاذا في الجنوب وعادوا مجددا صوب الشمال.

وقال أبو داود الذي يعمل محاسبا في غزة، "سأعود بأسرتي إلى غزة. لا يمكنني مواصلة العيش في مدرسة أو خارج منزلي، فعندما لا يكون أي مكان آمنا على أي حال، يكون منزلي أفضل".

يقرأون الآن