لبنان

بالأرقام.. خسائر الاقتصاد اللبناني من التصعيد على الحدود

بالأرقام.. خسائر الاقتصاد اللبناني من التصعيد على الحدود

يوماً بعد يوم، تتزايد الآثار السلبية الناتجة عن تصاعد وتيرة الأعمال القتالية في جنوب لبنان على اقتصاد البلاد.

فعمليات القصف المتبادلة التي تشهدها يومياً الحدود اللبنانية الإسرائيلية شارفت على دخول أسبوعها الثالث، دون أي بوادر تُبشّر بقرب انتهائها، بل أن المخاوف تتزايد من احتمال توسع هذه الاشتباكات، ليشمل اتساع التصعيد للعاصمة بيروت ومختلف الأراضي اللبنانية.

وهذا الجو المتشائم بات يخيم على معظم اللبنانيين ودفعهم لتغيير نمط حياتهم، والتصرف كما وأن البلاد باتت في حالة حرب فعلية، ما انعكس بشكل سريع على معظم القطاعات الاقتصادية في لبنان، لتؤثر بشكل سلبي على اقتصاد البلاد المتأزم من نحو 4 سنوات.

وتجمع آراء معظم المراقبين على أن دخول لبنان في حرب جديدة واسعة النطاق، ستكون له تداعيات كارثية على ما تبقى من الاقتصاد الوطني، فلبنان وفي وضعه الراهن، أضعف من أن يتحمل كلفة إعادة إعمار البنية التحتية في حال تعرضها لضرر، إذ أن الموارد المالية التي تمتلكها الدولة شحيحة وهي بالكاد باستطاعتها تأمين رواتب العاملين في القطاع العام.

ويعاني لبنان منذ نهاية عام 2019، من أسوأ أزمة اقتصادية ونقدية ومصرفية في تاريخه الحديث، ما أدى إلى سقوط دعائم الاقتصاد الوطني، وتفكك مؤسسات الدولة، حيث لم تنجح القوى السياسية في البلاد وطيلة 4 سنوات، في إيجاد حلول إنقاذية للحد من التدهور وإعادة الحياة الاقتصادية إلى عجلة النمو.

وفقدت العملة الوطنية أكثر من 90 بالمئة من قيمتها، أمام الدولار الأميركي، في حين سجّلت الاحتياطات بالعملات الأجنبية، مستوى متدن بلغ نحو 8.7 مليار دولار، كما وارتفع الدين العام للبلاد إلى أكثر من 102 مليارات دولار، ما وضع لبنان ضمن قائمة الدول الأكثر مديونية في العالم في 2023.

ويعاني لبنان أيضاً من تضخم كبير في أسعار السلع والخدمات، إذ أظهرت البيانات الحديثة لإدارة الإحصاء المركزي، أن مؤشر أسعار الإستهلاك في لبنان سجل ارتفاعاً نسبته 208.5 بالمئة في شهر سبتمبر 2023، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2022، وهو ما يعود إلى إرتفاع أسعار مختلف المواد والخدمات الأساسية في البلاد.

وفي هذا السياق كشف رئيس الهيئات الإقتصادية في لبنان الوزير الأسبق محمد شقير، في حديث خاص لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، أن الوضع الاقتصادي في لبنان يتدهور بشكل دراماتيكي، من سيء إلى أسوأ بعد بدء التصعيد في غزة والأحداث الدائرة في جنوب البلاد.

وأضاف أن الأمر بات ينذر بانهيار كافة القطاعات الإقتصادية بعد أربع سنوات من المعاناة من جراء الأزمة الإقتصادية، مشيراً إلى أن لبنان منهك على مختلف المستويات، السياسية والاقتصادية.

وأكد أن لبنان لا يستطيع تحمل فاتورة اتساع رقعة الصراع بتاتاً في ظل ظروفه الراهنة.

الخسائر بالأرقام

ولفت شقير وهو رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان، إلى أن كل ما جنته القطاعات الإقتصادية في لبنان خلال موسم الصيف الماضي يجري استنزافه حالياً، كاشفاً أن ما لم تستطع عليه الأزمة الاقتصادية في أربع سنوات، يحدث الآن، لناحية التهديد بالقضاء على القطاع الخاص اللبناني، فالأرقام المبنية على معطيات وإحصاءات، تم جمعها من المعنيين في مختلف القطاعات الإقتصادية في لبنان أظهرت التالي:

قطاع المطاعم، سجل إنكماشاً كبيراً حيث تراجع حجم الأعمال بين 80 و90 بالمئة.

قطاع الفنادق سجل تراجعاً هائلاً حيث تقدر نسبة الإشغال حالياً بين 5 و10 بالمئة، في حين أن هناك فنادق شاغرة تماماً.

قطاع السهر مشلول بشكل شبه كامل، ونسبة التراجعات فيه بلغت نحو 90 بالمئة.

قطاع الفعاليات والمؤتمرات سجل إلغاء معظم الحجوزات والنشاطات والمؤتمرات.

قطاع تأجير السيارات سجل تراجعاً فاقت نسبته الـ 90 بالمئة.

القطاع الصناعي سجل تراجعاً بنسبة تراوحت بين 30 و35 بالمئة.

القطاع التجاري شهد طلباً على المواد الغذائية والمواد الضرورية اليومية، نتيجة توجه مستهلكين للتخزين. أما بالنسبة للسلع الأخرى والكماليات، فقد سجلت انخفاضاً بنسبة تتراوح بين 50 و70 في المئة.

حركة السفر عبر مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت سجلت انخفاضاً بحركة الوصول بلغت نسبته 33 بالمئة في الأيام العشرة الأخيرة، أما حركة المغادرة فارتفعت بنسبة 28 بالمئة.

قطاع النقل البحري عبر مرفأ بيروت، سجل انخفاضاً في حجوزات بضائع الاستيراد الجديدة غير النفطية، إضافة إلى تعليق بعض عقود التصدير بفعل قلق المستوردين.

قطاع التأمين شهد إنكمشاً بالنسبة لبوالص التأمين على البضائع (استيراد وتصدير)، إضافة الى توقف الزبائن عن تسديد الأقساط للشركات، نتيجة توجه الناس نحو الحفاظ على السيولة.

اتساع الصراع ينذر بتحديات الكارثية

ودعا شقير جميع القوى السياسية والمسؤولين للعمل على تدارك الأمور، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنع تدهور الأمور وسقوط البلد في الهاوية، فكلفة الحرب كارثيّة.

وشدد على ضرورة إعطاء الأولوية المطلقة للاستقرار، مما يحمي لبنان من مخاطر الحروب والدّمار، إذ أن اندلاع حرب سيؤدي إلى تأجيج التحديات الكارثية التي يواجهها لبنان حالياً، ولذلك يجب على القوى السياسية تحمل مسؤولياتها الوطنية ونبذ الخلافات والإلتقاء لمنع الإنزلاق إلى المجهول.

من جهته يقول رئيس نقابة المؤسسات السياحية البحرية في لبنان جان بيروتي، في حديث لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، إن احتمال توسع حدود المواجهة وانزلاق لبنان نحو حرب شاملة مع إسرائيل، لا يزال يثير مخاوف كبيرة، لا سيما أن البلاد لا قدرة لها على الاستمرار في ظل الوضع المنهار على كافة الأصعدة، معتبراً أن القطاع السياحي في البلاد عاش فترة من الإنتعاش في موسم صيف 2023، وذلك بعد فترة مأساوية بسبب جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية اللبنانية.

تجميد العمل في 400 مطعم جديد

وبحسب بيروتي فإن الصيف الواعد الذي شهده لبنان، أسس لحجوزات سياحية لاحقة، ولكن الأحداث الأمنية غير المتوقعة، التي شهدها الجنوب اللبناني بعد عملية "طوفان الأقصى"، أدت إلى إلغاء جميع هذه الحجوزات، خصوصاً مع توالي التحذيرات من سفارات مختلف الدول من السفر إلى لبنان، كاشفاً أن موسم الصيف شهد افتتاح نحو 400 مطعم جديد في لبنان، في حين باشرت بعض الفنادق التي كانت مقفلة، عمليات الترميم على أمل افتتاح أبوابها مجددا، ولكن ما يحصل راهناً قد يؤدي إلى تجميد هذه الأمور.

وأكد بيروتي أنه لا يمكن للبنان تحمّل تبعات أي حرب، حيث يدرك المسؤولون هذا الموضوع، وانطلاقاً من هنا، يجب إقرار خطة تساعد في تمرير المرحلة بأقل أضرار ممكنة، مشيراً الى أنه كلما طال الوضع على ما هو عليه حالياً، فإن ذلك سيؤدي إلى مزيد من التدهور الاقتصادي.

يقرأون الآن