احتفل غوغل اليوم بعيد مولد النجمة الأميركية "هيدويغ إيفا ماريا كيزلر"، والتي تُعرف باسم هيدي لامار، فاتنة هوليوود والمخترعة النمساوية الأميركية، وعالمة رياضيات. اشتهرت بجمال ساحر كان بمثابة تذكرتها لدخول عالم الفن الهوليوودي في عصره الذهبي.
لكن إلى جانب ذلك الوجه الجميل والحضور الأنثوي القوي، كانت لامار تتمتع بذكاء حاد وقدرة على الابتكار مكنتها من اختراع تقنية لا تزال مستخدمة حتى وقتنا هذا في الكثير من التطبيقات العلمية الحديثة.
فما هي قصة لامار التي فرت من أوروبا لتصبح نجمة سينمائية لامعة في أميركا، والتي حاولت أن تغير باختراعها مجرى الحرب العالمية الثانية لكن بسبب جمالها وشهرتها، وربما مجرد كونها امرأة، لم تؤخذ على محمل الجد؟
حياتها المبكرة
ولدت ماريا إيفا لامار هيدويغ كيسلر في فيينا، النمسا والمجر، وكانت الابنة الوحيدة لأسرة ثرية، وحققت شهرتها قبل رحيلها إلى مدينة هوليوود من خلال دورها في فيلم «شمشون ودليلة» الذي مثلت به عام 1949م. وتحولت نجمة هوليود بعد ذلك إلى مجال البحث العلمي، فبعض العلماء يرون أنها المخترع الحقيقي لجهاز الهاتف المحمول، وأنها سجلت ذلك في أميركا، وأنها سجلت اختراعاً آخر هو (تحريك الطوربيد باللاسلكي)، وقد فكرت في تحريك الطوربيد عندما تزوجت رجلا يبيع السلاح. حيث أنها تزوجت ستة مرات.
تلقت لامار دروسا في التمثيل في فيينا، وشاركت في مرحلة المراهقة في أدوار صغيرة في بعض الأفلام السينمائية والمسرحيات في النمسا وألمانيا.
لكن دور البطولة الذي لعبته في فيلم "إكستاسي" (Ecstase باللغة التشيكية وEkstase بالألمانية) للمخرج التشيكي غوستاف ماتشاتي وهي في الثامنة عشرة من عمرها هو ما أكسبها شهرة دولية وسمعة سيئة في الوقت ذاته.
اعتُبر الفيلم في غالبية البلدان الأوروبية عملا فنيا مبدعا، وحاز على جائزة بمهرجان فينيسيا (البندقية) السينمائي. لكن بابا الفاتيكان دانه، كما أنه لاقى ردود فعل سلبية في الولايات المتحدة بسبب ظهور لامار عارية في بعض المشاهد، وظهور وجهها في مشهد ذي إيحاءات جنسية.
لامار المخترعة
وجدت لامار سلواها في هوايتها المفضلة، الاختراع، التي كانت تمارسها، بعد انتهاء دوام عملها في الاستوديو.
تعرفت على مصمم الطائرات هاورد هيوز، ونشأت بينهما علاقة رومانسية، كما جمع بينهما حبهما المشترك للعلم والاختراعات. كانت لامار معجبة بعقل هيوز، وكانت تذهب إلى مصنعه وتشاهد كيف يتم تصميم الطائرات وتصنيعها.
ذكرت لامار في حوار صحافي أجري معها في عام 1990 أن هيوز كان يحاول في تلك الفترة إلى زيادة سرعة طائراته وأنها ساعدته على ذلك، حيث اقترحت عليه تغيير تصميم الجناحين، بعد أن عكفت على دراسة صور لأجنحة طيور وزعانف أسماك تشتهر بسرعتها.
اخترعت لامار في أوقات فراغها بضعة أشياء، من بينها حبة تذوب في المياه لتحولها إلى مشروب غازي، ولكن اختراعها لم يكن ناجحا بسبب سوء طعم ذلك المشروب- باعتراف لامار نفسها.
في بداية أربعينيات القرن الماضي، كانت قوات المحور تحقق تقدما كبيرا على عدة جبهات، وكانت بريطانيا، بأسلحتها التقليدية، تجد صعوبة بالغة في درء الأسلحة الألمانية المتقدمة.
كانت الزوارق البحرية بحاجة إلى التحكم في صواريخ الطوربيد المضادة للسفن والغواصات وتغيير مسارها في بعض الأحيان، ومن ثم كان الاتصال بينها وبين تلك الصواريخ أمرا ضروريا. لكن الاتصال اللاسلكي ليس آمنا، وبإمكان العدو رصد تردده والتشويش عليه.
خطر للامار فكرة ابتكار طريقة سرية للاتصال لا يمكن التشويش عليها: بدلا من استخدام تردد واحد، اقترحت استخدام الكثير من الترددات التي تتغير باستمرار بالتزامن مع بعضها بعضا، ومن ثم لا يمكن التشويش عليها، وهي تقنية أُطلق عليها اسم "القفز الترددي".
تقول لامار في مقابلة صحفية أجرتها في عام 1990: "جاءتني فكرة هذا الاختراع عندما كنت أفكر في ابتكار شيء يساعد في تحقيق بعض التوازن لبريطانيا".
لم تكن لامار تعرف كيف تطبق هذه الفكرة التي وصفها خبراء لاحقا بالعبقرية، فاستعانت بمؤلف موسيقي مبتكر يدعى جورج أنثيل.
لم يكن أنثيل مهندسا، ولكنه كان خبيرا بطريقة عمل أجهزة البيانو وكيفية ضبطها. اقترح أنثيل استخدام اسطوانتين صغيرتين تشبهان أسطوانات تشغيل البيانو، تبدآن في الدوران في نفس الوقت وبنفس نمط التردد لإنتاج ما يشبه شفرة سرية تمكن السفن من الاتصال بالطوربيدات.
عرض الاثنان الفكرة على مجلس المخترعين الوطني الأمريكي الذي اعتبرها عبقرية، ونصحها بالتواصل مع البروفيسور سام ماك أوين الذي صمم المركّب الالكتروني للاختراع.
سُجلت براءة الاختراع باسم هدفيج كيزلر ماركي (وهو اسم لامار خلال زيجتها الثانية من مؤلف السيناريو جين ماركي)، وجورج أنثيل في عام 1942.
يشير فيلم "Bombshell: The Hedy Lamarr Story" الوثائقي الذي عرض في أواخر عام 2017 إلى أن لامار وأنثيل تبرعا باختراعهما لمجلس المخترعين الوطني، الذي أعطاه بدوره للبحرية الأميركية.
وينقل الفيلم عن أنثيل قوله إن البحرية رفضت الاختراع وسخرت من فكرة "وضع أسطوانات بيانو على متن قذائف التوربيدو".
ويشير الفيلم إلى أن لامار كانت ترغب في مواصلة تطوير الاختراع بعد رفض البحرية له، لكن أنثيل لم يتحمس.
الوفاة
توفيت في ولاية فلوريدا في 19 كانون الثاني/يناير 2000، عن عمر ناهز 86 عاما، ولقد قالت الشرطة الأميركية أن اصدقاء هيدي عثروا عليها متوفية في سريرها بمنزلها في «التامونت سبرينغ» بعد أن انتابهم القلق عليها حين لم ترد على اتصالاتهم الهاتفية. ولم يعرف بالتحديد موعد وفاتها. وقال ستيف اولسون المتحدث باسم الشرطة: «يبدو أنها توفيت في سريرها. ولقد شاهدها لآخر مرة عدد من الاصدقاء منذ بضعة أيام. وكانوا قد اعتادوا التردد عليها من حين لآخر للاطمئنان عليها» مشيراً إلى أن هيدي كانت تعيش بمفردها.