يتعاظم كل يوم دور المملكة العربية السعودية، ويتأكد دورها العالمي المحوري، في مواجهة التحديات، والعمل الدبلوماسي الجاد لإيجاد حلول للمشكلات السياسية المعقدة، فقد شهدت الأيام القليلة الماضية استضافة ثلاث قمم عربية وإفريقية وإسلامية، تتقاطع جميعها في التنديد الشديد بالعدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، وحرب الإبادة في قطاع غزة، والرفض القاطع لسياسة التهجير الصهيوني لتفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها، وسط صمت وتحيز عالمي للمعتدين، فكان القرار بحشد رأي عالمي كبير يواجه تلك الأزمة المعقدة.
ولم تكن القضية الفلسطينية وحدها على طاولة المناقشات، بل هناك قضايا تنموية، تمسك بزمامها السعودية، من واقع مكانتها وتاريخها السياسي والاقتصادي، وتأثيرها العالمي، وكان نتاج ذلك العمل من القارة الإفريقية، بهدف زيادة الخطط التنموية التي ترفع مستويات تلك الدول اقتصادياً، حتى تستفيد من ثرواتها، ويصبح للقارة الإفريقية التأثير الدولي الذي تستحقه، وتفاعلاً مع هذا النهج الرائد تم إطلاق مبادرة خادم الحرمين الشريفين الإنمائية في إفريقيا، من خلال تدشين مشروعات وبرامج إنمائية في دول القارة بقيمة تتجاوز مليار دولار على مدى عشر سنوات، إضافة لما تقوم به المملكة من ضخ استثمارات سعودية جديدة في مختلف القطاعات، والعمل الحثيث على زيادة عدد سفاراتها في إفريقيا لأكثر من 40 سفارة.
إن العلاقات السعودية - الإفريقية راسخة قوية وتحظى بتقدير متبادل، فلم تنفصم المملكة عن محيطها الإفريقي، بل كانت ومازالت، فقد قدمت المملكة أكثر من 45 مليار دولار لدعم المشاريع التنموية والإنسانية في 54 دولة إفريقية، وزادت مساعدات مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية إلى أكثر من 450 مليون دولار في 46 دولة إفريقية.
إن المملكة بحسب ما جاء في صحيفة الرياض، عازمة على تطوير علاقات التعاون والشراكة مع الدول الإفريقية وتنمية مجالات التجارة والتكامل، فقد كانت السعودية من أولى الدول التي قدمت دعمها المعلن لحصول الاتحاد الإفريقي على عضوية دائمة في مجموعة العشرين إيماناً منها بدور إفريقيا، وحرصها على دعم الحلول المبتكرة لمعالجة الديون الإفريقية التي تثقل كاهلها، وتعطل المشروعات التنموية، وتتجلى المواقف الرائدة للمملكة بالتزامها بتوفير الغذاء لأكثر من 750 مليون إنسان إفريقي.
وتظهر القمة السعودية الإفريقية الأولى الحرص المشترك على تعزيز التعاون بما يسهم في إرساء الأمن والسلام في المنطقة والعالم، والتوافق على إدانة ما يشهده قطاع غزة من اعتداء عسكري واستهداف المدنيين واستمرار انتهاكات سلطة الاحتلال الإسرائيلية للقانون الدولي الإنساني؛ والتأكيد على ضرورة وقف هذه الحرب والتهجير القسري، وتهيئة الظروف لعودة الاستقرار وتحقيق السلام.
إن الجهود السعودية الدبلوماسية تعمل جاهدة على إزالة الشقاق بين أبناء الشعب السوداني، من خلال المباحثات المباشرة بين جميع الأطراف؛ للوصول إلى حل يجنّب البلاد العربية ويلات الدمار، والتدهور الاقتصادي، والحفاظ على وحدة الأراضي السودانية وأمن شعبها ومقدراته، ويعزز ذلك الموقف الإفريقي الداعم للجهود الرامية لتحقيق الأمن والاستقرار.
ومن مكانة المملكة وتأثيرها تتعاظم استراتيجيتها الدبلوماسية في عقد قمة إسلامية جنباً إلى جنب مع القمة العربية الطارئة؛ لحشد رأي إقليمي عالمي داعم للقضية الفلسطينية، والعمل على إخراج القرارات الأممية من الأدراج، وتنفيذها على أرض الواقع ليصبح للشعب الفلسطيني دولته المستقلة.