شهدت رسالة منسوبة لزعيم تنظيم "القاعدة" السابق أسامة بن لادن ونُشرت قبل أكثر من 20 عاماً، انتشاراً واسعاً في الولايات المتحدة عبر تطبيق "تيك توك"، ما دفع بالبيت الأبيض إلى اعتبار ذلك "إهانة" لضحايا هجوم 11 أيلول/ سبتمبر.
والرسالة الطويلة التي نشرها بن لادن بعد عام من هجمات 11 سبتمبر 2001، تحت عنوان "رسالة إلى أميركا"، انتقد فيها ما وصفه بـ"التدخلات الغربية في الدول الإسلامية"، و"سياسات أميركا في الأراضي الفلسطينية"، مبرراً هذه الهجمات بـ"الدعم الأميركي لإسرائيل".
كما انتقد بن لادن ما وصفها بـ"أكاذيب وفجور" الغرب، وتفشي "المثلية الجنسية والمواد المسكرة، والقمار والربا"، معتبراً أن الهجمات ضد المدنيين والولايات المتحدة "مبررة بسبب ذلك"، وفق "واشنطن بوست".
وانتشرت هذه الرسالة بشكل كبير على تطبيق "تيك توك"، وتم مشاركة مقاطع فيديو تدعمها وتدعو إلى قراءتها، وسط انتقادات لواشنطن بسبب دعم إسرائيل في الحرب التي تشنها على قطاع غزة.
وقالت الشركة القائمة على تطبيق "تيك توك" في بيان، إن مقاطع الفيديو التي تروج لرسالة بن لادن تنتهك قواعدها "الرافضة لدعم أي شكل من أشكال الإرهاب". وأوضحت أن عدد مقاطع الفيديو التي تروج للرسالة كان "صغيراً"، وأوضحت أن "التقارير التي تفيد بأنها منتشرة على منصتنا غير دقيقة".
وأشارت الشركة إلى أنها تحذف "بشكل استباقي وقوي" كل مقاطع الفيديو التي تروج لرسالة بن لادن، مؤكدة أنها فتحت تحقيقاً بشأن كيفية وصول هذا المحتوى إلى المنصة.
وقالت شبكة "سي إن إن" إن المقاطع التي تداولت رسالة بن لادن حققت أكثر من 14 مليون مشاهدة.
ويحظى تطبيق "تيك توك" بشعبية كبيرة بين الشباب الأميركيين، حيث يستخدم غالبية الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً التطبيق مرة واحدة على الأقل في الأسبوع، وفقاً لمسح أجرته منظمة "كي إف إف" الأميركية.
ولكن "واشنطن بوست" أشارت إلى أن بيانات موقع "جوجل" تشير إلى أن البحث عن هذه الرسالة ظهر الأسبوع الماضي، أي قبل أيام من بدء انتشارها على تطبيق "تيك توك".
كما تم تداولها على منصات أخرى، مثل "تويتر". ورغم أن منصة "إنستغرام" حظرت البحث عن الرسالة عبر "الهاشتاغ"، إلا أن العديد من المقاطع المصورة التي تروج لها، ظلت منتشرة على المنصة المملوكة لشركة "ميتا" .
ورغم أن رسالة بن لادن كُتِبَت قبل عقدين، إلا أنها انتشرت على "تيك توك" بشكل واسع خلال الأيام الماضية، وفق "واشنطن بوست".
وقال أحد مستخدمي "تيك توك" في مقطع فيديو حصل على 1.2 مليون مشاهدة في أقل من 24 ساعة: "لقد قرأت للتو (رسالة إلى أميركا)، لم أعد أنظر إلى الحياة بالطريقة نفسها بعد اليوم، لن أنظر إلى هذا البلد بالطريقة نفسها أبداً".
وقال شخص آخر: "نحاول العودة إلى حياتنا بأسلوب عادي، بعد أن أدركنا بأن كل ما تعلمناه عن الشرق الأوسط، وأحداث 11 سبتمبر، والإرهاب، كان كذبة". وكتب آخر أن تجربة قراءة النص "غيرت وجهة نظري بالكامل تجاه الحكومة الأميركية".
وفي أحد مقاطع الفيديو التي لم تعد متاحة على المنصة، بعدما شُوهدت أكثر من 1.6 مليون مرة، شجّع أحد المؤثرين من نيويورك على قراءة الرسالة، وقال: "إذا كنت قد قرأتها، فأخبرني إذا كنت تمر أيضاً بأزمة وجودية في هذه اللحظة بالذات، لأنه في آخر 20 دقيقة، تغيرت وجهة نظري الكاملة حول الحياة التي آمنت بها وعشتها".
وفي مقطع فيديو آخر شوهد أكثر من 100 ألف مرة، قال أحد مستخدمي "تيك توك" الذي ينشر بانتظام انتقادات للحكومة الأميركية: "إذا كنا سنسمي أسامة بن لادن إرهابياً، فكذلك الحكومة الأميركية".
وانتقد متحدث باسم البيت الأبيض انتشار هذه الرسالة، واصفاً ذلك بأنه إهانة لضحايا هجمات 11 سبتمبر.
وقال نائب المتحدث باسم البيت الأبيض أندرو بيتس لـ"سي إن إن": "لا يوجد أبداً مبرر لنشر الأكاذيب البغيضة والمعادية للسامية التي أصدرها زعيم القاعدة بعد أن ارتكب أسوأ هجوم إرهابي في التاريخ الأميركي، مسلطاً الضوء عليها كدافع مباشر لقتل 2977 أميركياً بريئاً".
وأضاف بيتس: "لا ينبغي لأحد أن يهين 2977 أسرة أميركية لا تزال في الحداد، من خلال تداول كلمات دنيئة لأسامة بن لادن، خصوصاً الآن، في الوقت الذي يتصاعد فيه العنف المعادي للسامية في العالم".