يحقق اليوان الصيني أداءً جيداً خلال الفترة الحالية، ولكن الأمر قد يختلف مستقبلاً، حتى لو امتنع بنك الشعب الصيني عن اتخاذ المزيد من الخطوات لتهدئة ارتفاعه.
قد يكون من الصعوبة للعملة استمرار الصعود، إذ من المتوقع أن تتضخم مدفوعات الأرباح الموسمية من الشركات الصينية المدرجة في بورصة هونغ كونغ، ومن المحتمل أيضاً أن يتعرض اليوان للضغط، حيث سيحصل الدولار على تعزيز نتيجة الجدل المتزايد بين مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي حول توقيت خفض عملية التحفيز.
ويتركز الجدل حول مستقبل اليوان على دور بنك الشعب الصيني، بعد أن رفعت السلطات متطلبات احتياطي النقد الأجنبي وأطلقت العنان لتيار من البيانات حول التحقق من مكاسب العملة. وسوف تعزز العقبات المتزايدة من قوة البنك المركزي، الذي يحاول كبح جماح العملة، مع التمسك بهدفه المتمثل في تحريك سوق الصرف بشكل أكبر.
قال تشي لو، كبير خبراء اقتصاد الصين الكبرى لدى "بي إن بي باريبا" (BNP Paribas Asset Management) في هونغ كونغ: "بلغت قوة اليوان ذروتها". ومن المتوقع أن يتم تداول اليوان في نطاق من 6.4 إلى 6.6 للدولار هذا العام، ما يعني انخفاضاً بنسبة 3% عن المستويات الحالية.
عملة متفوقة
ارتفع اليوان إلى أعلى مستوى له في خمس سنوات مقابل سلة من عملات الشركاء التجاريين الأسبوع الماضي، مدعوماً بتدفق الأموال إلى الأسهم والسندات، إضافة إلى تحسن التوقعات الاقتصادية، ما يعني أنه تفوق على معظم أقرانه الآسيويين هذا الربع.
في المقابل، قد تكون المكاسب بلغت ذروتها في الوقت الحالي، مع انخفاض العملة بنسبة 0.4% يوم الخميس الماضي، ولم يتغير الوضع كثيراً عند مستوى 6.4063 بعد ظهر يوم الجمعة في آسيا.
وقالت صحيفة "تشاينا سيكيوريتيز جورنال" في تقرير على صفحتها الأولى، نقلاً عن محللين لم تذكر أسماءهم، إن التوقعات بارتفاع قيمة اليوان "في اتجاه واحد" تراجعت بعد التصحيح الأخير.
تزامنا مع ذلك، من المتوقع أن تدفع الشركات الصينية المدرجة في هونغ كونغ أرباحاً بحوالي 16.8 مليار دولار في يونيو، بزيادة 10 مليارات دولار تقريباً عن الشهر السابق، وفقاً لحسابات "بلومبرغ" اعتمادا على ملفات الشركات. إضافة إلى ذلك، من المرجح أن يتم تحويل ما إجماليه 50.6 مليار دولار من أرباح الأسهم في شهري يوليو وأغسطس، ما يعني أن تأثير مبادلة الشركات لليوان بدولار هونغ كونغ في فترة ثلاثة أشهر اعتباراً من يونيو سيكون الأعلى لهذا العام.
ومن غير المرجح أن يؤدي موسم توزيع الأرباح إلى انخفاض كبير في العملة، ويكمن السبب في أنه ليس جميع الشركات بحاجة إلى بيع اليوان في السوق الفورية مقابل دولار هونغ كونغ، حيث قد تفضل بعض الشركات امتلاكه بالفعل واستخدامه في مدفوعات الأرباح. كذلك ستستمر الصناديق الأجنبية في التزاحم على السندات الصينية، خاصة مع الإدراج المرتقب للأوراق المالية في مؤشر "إف تي إس إي" (FTSE) الرئيسي، ما يوفر مصدراً آخر لدعم اليوان.
الخلاف التجاري
في الوقت الحالي، يمكن أن تشكل التوترات التجارية خطراً آخر على اليوان. وقّع الرئيس جو بايدن على أمر يوم الخميس الماضي بتعديل الحظر المفروض على الاستثمار الأمريكي في الشركات الصينية، وهو الأمر الذي بدأ في عهد سلفه، بتسمية 59 شركة لها علاقات مع الجيش الصيني أو في صناعة المراقبة.
قد تواجه العملة أيضاً ضغوطاً من المنصة الجنوبية لرابط تداول السندات الحالي بين الصين وهونغ كونغ، والتي من المتوقع أن تبدأ العمل قريباً.
قال جو وانغ، كبير محللي العملات في "إتش إس بي سي" (HSBC Holdings): "مع مرور الوقت، سيحوّل المستثمرون في "ساوث بوند كونيكت" (Southbound Bond Connect) اليوان المحلي إلى دولار هونغ كونغ والعملات الأجنبية الأخرى للاستثمار.. في البداية، يمكن للبنوك المؤهلة استخدام ودائع العملات الأجنبية الخاصة بها والمتاحة للإقراض واستثمارات الحافظة".
تأتي تلك التحركات في الوقت الذي رفعت فيه بكين حصة الاستثمار للتجار المحليين لشراء الأوراق المالية من الخارج مرة أخرى في نهاية مايو، ما سيمهد الطريق لزيادة التدفقات الخارجية.
كذلك سيكون تأثير الدولار حاسماً، بعد أن ارتفع اليوان إلى أعلى مستوى في ثلاث سنوات مقابل الدولار الأسبوع الماضي. وتتزايد التكهنات بأن الاحتياطي الفيدرالي قد يبدأ في تقليص برنامجه لشراء السندات هذا العام - وهي خطوة من شأنها أن تعزز العملة الأمريكية - حيث يكتسب الانتعاش الاقتصادي الأمريكي زخماً.
بلومبرغ الشرق