بعد أيام من إطلاق سراحه من السجن الذي قضى فيه 27 عاما في شباط/فبراير 1990، عانق نلسون مانديلا، أيقونة مناهضة سياسة الفصل العنصري، الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات بحرارة في رمز لمناصرته لقضية ما زال يدعمها حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم في جنوب أفريقيا.
كانت تلك البادرة مثيرة للجدل حينئذ مثلما يثير دعم جنوب أفريقيا للقضية الفلسطينية الجدل اليوم، لكن مانديلا لم يعبأ بالانتقادات.
كانت منظمة التحرير الفلسطينية التي تزعمها عرفات داعما مخلصا لكفاح مانديلا ضد حكم الأقلية البيضاء، ويرى الكثير من سكان جنوب أفريقيا تشابها بينه وبين المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي.
وقال ماندلا مانديلا، حفيد الزعيم الراحل، في مقابلة قبيل الذكرى العاشرة لوفاته "كنا محظوظون بدعمهم، تمكنا من نيل حريتنا. جدي قال إن حريتنا منقوصة بدون الكفاح الفلسطيني".
واستضاف ماندلا، وهو عضو برلمان من حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، مؤتمرا للتضامن مع الفلسطينيين في جوهانسبرغ. وحضر هذا المؤتمر أعضاء من حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) التي تعهدت إسرائيل بالرد على هجومها في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر على بلدات في جنوب إسرائيل.
ومنذ ذلك الهجوم تقصف إسرائيل قطاع غزة، وأعلنت حكومة حماس التي تدير القطاع أن القصف أسفر عن مقتل أكثر من 15500 فلسطيني ونزوح أكثر من 75 بالمئة من السكان البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.
وفي الشهر الماضي دعم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي تحركا في البرلمان لتعليق العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل لحين موافقتها على وقف إطلاق النار في غزة.
وانتقد بعض أفراد الجالية اليهودية في جنوب أفريقيا موقف حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، وأشاروا إلى أن مانديلا نفسه حاول في نهاية المطاف بناء علاقات مع إسرائيل.
وذكر ديفيد ساكس المؤرخ ومؤلف كتاب "الذكريات اليهودية عن مانديلا" (جيويش ميموريز أوف مانديلا) أن مانديلا كان الرئيس الوحيد لجنوب أفريقيا الذي زار إسرائيل منذ 1994، وإن فعل ذلك بعد ترك منصبه، وأنه "قوبل بحفاوة من الشعب الإسرائيلي" . وأشار إلى رئيس الوزراء حينئذ إيهود باراك والرئيس حينئذ عيزر فايتسمان على أنهم "أصدقائي".
وأضاف ساكس: "أشار إلى الطريقة التي يتعين أن تكون الأشياء عليها (من الناحية الدبلوماسية مع إسرائيل)، لكن (الأمور) لم تمض على هذا المنوال".
رويترز