دولي آخر تحديث في 
آخر تحديث في 

إغراق أنفاق غزة بدأ لكن هل هو فعّال؟

إغراق أنفاق غزة بدأ لكن هل هو فعّال؟

"فكرة جيدة، لكنني لن أعلق على تفاصيلها"، هكذا رد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي، على سؤال عن تقارير تفيد بأن هناك خطة تم الإعداد لها لإغراق شبكة أنفاق حركة حماس في قطاع غزة، ما أدى إلى تساؤلات بشأن إمكانية تطبيقها عمليا، في ظل تحذيرات من مخاطر بيئية ستظل موجودة لعقود.

وكان تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، قد ذكر قبل أيام، نقلا عن مسؤولين أميركيين، أن الجيش الإسرائيلي قام الشهر الماضي بنصب خمس مضخات مياه ضخمة بالقرب من مخيم الشاطئ للاجئين في مدينة غزة، قادرة على غمر الأنفاق خلال أسابيع عن طريق ضخ آلاف الأمتار المكعبة من المياه في كل ساعة.

وقال المسؤولون إن إسرائيل أبلغت الولايات المتحدة بشأن الخطة الشهر الماضي، لكنها لم تقرر بعد ما إذا كانت ستنفذها أم لا. في المقابل كان هناك تباين في الآراء بشأن الفكرة داخل الإدارة الأميركية، بحسب الصحيفة.

لكن أعلنت اسرائيل وبشكل مفاجئ انها بدأت فعلا بضخ المياه في الانفاق.

ضابط المخابرات الإسرائيلي السابق والخبير الأمني الاستراتيجي، آفي ميلاميد، أكد أن "تطبيق فكرة إغراق الأنفاق أمر ممكن جدا إذا استنزف الجيش الخيارات والبدائل الأخرى".

وينفي آفي علمه "إن كان يمكن تطبيق الفكرة من الناحية الفنية عندما نتحدث عن شبكة أنفاق ضخمة جدا بنتها حركة حماس تحت الأرض، لكن بالتأكيد، الخبراء الهندسيون يعملون على تطبيق أفضل الأفكار وأقلها ضررا على البيئة".

ضابط المخابرات المصرية السابق والخبير الاستراتيجي، محمد عبد الواحد، أكد أن الترويج لهذه الفكرة يندرج تحت إطار "الحرب النفسية"، لكنها ليست مستحيلة عمليا، حيث أن مصر طبقتها عندما أغرقت الأنفاق بين شمال سيناء وقطاع غزة قبل سنوات قليلة، بسبب استخدامها من قبل مهربين وإرهابيين.

وقال عبد الواحد: "مصر أغرقت الأنفاق بمياه البحر في ساعات وليس أيام، لكن الفرق أنه كان لدينا علم وخرائط بكل الأنفاق، بعكس إسرائيل".

وأوضح أن الأزمة هنا لدى إسرائيل أنها لم تتمكن أصلا من معرفة خرائط الأنفاق ولم تكتشف معظمها.

وقال الجيش الإسرائيلي، مؤخرا إن قواته عثرت على "أكثر من 800 نفق تحت الأرض" تابع لحركة حماس في قطاع غزة، مضيفا أنه دمر 500 منها.


"معقدة للغاية"

ويرى عبد الواحد أن "الأنفاق في غزة مسألة معقدة للغاية وتم تصميمها بطريقة ذكية لم تكتشفها إسرائيل ولا شركاؤها حتى الآن، بدليل أن أفضل الطائرات البريطانية تدخلت منذ أيام بعد الطائرات الأميركية للبحث عن الأنفاق الموجود فيها الرهائن".

يشير الجيش الإسرائيلي إلى الأنفاق التي بنتها حماس على مدار الخمسة عشر عاما الماضية أو نحو ذلك باسم "مترو غزة".

وتشكل الأنفاق شبكة واسعة تُستخدم لتخزين الصواريخ ومخابئ الذخيرة، فضلاً عن توفير وسيلة للمسلحين للتحرك دون أن يلاحظهم أحد.

ويقول الجيش إن تلك الأنفاق تحتوي على مراكز قيادة وسيطرة حيوية لحماس.

لكن عبد الواحد، اعتبر أن ترويج فكرة "إغراق الأنفاق" من قبيل "الحرب النفسية وتدمير الروح المعنوية لدى الشعب الفلسطيني لإنهاء آي آمال له في المستقبل".

"مخاطر بيئية"

وبحسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل"، فإن خبراء بيئيين حذروا الجيش من الإقدام على إغراق الأنفاق بمياه البحر "بسبب آثار بيئية سلبية خطيرة ستمتد لأجيال".

في الظروف العادية، تسقط الأمطار على الأرض وتنتشر إلى مناطق التخزين الجوفية، أو طبقات المياه الجوفية. ويتم ضخ هذه المياه الجوفية إلى الآبار لتوفير مياه الشرب.

ويعيش في غزة أكثر من مليوني شخص، وهي واحدة من أكثر الأماكن كثافة سكانية على وجه الأرض. وتأتي معظم مصادر المياه العذبة في القطاع من المياه الجوفية الضحلة.

وفي السنوات الأخيرة، انخفضت مستويات المياه الجوفية إلى حد كبير، مما أدى إلى دخول مياه البحر إلى طبقة المياه الجوفية واختلطت مع بعض من المياه العذبة المتبقية، لدرجة أن 97 في المئة من المياه العذبة في غزة لم تعد تلبي معايير جودة المياه التي حددتها منظمة الصحة العالمية، بحسب الصحيفة.

وحتى قبل الحرب، كان معظم سكان غزة يعتمدون على صهاريج المياه الخاصة وعلى إنتاج محطات تحلية المياه الصغيرة للحصول على مياه الشرب.

في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، والذي قتل فيه عناصر حركة حماس، المصنفة كمنظمة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى، حوالي 1200 شخص واختطفوا 240 آخرين، قامت إسرائيل بإغلاق ثلاثة خطوط أنابيب تحمل مياه الشرب إلى القطاع. وتحت ضغط أميركي، أعادت فتح اثنتين منها.

ومع ذلك، لا يزال سكان غزة يعانون من نقص شديد في المياه النظيفة.

ونقلت الصحيفة عن الخبير معهد زوكربيرغ لأبحاث المياه في جامعة بن غوريون، في إسرائيل، إيلون أدار، أنه إذا تم ضخ عدة ملايين من الأمتار المكعبة في الأنفاق وتسربت إلى طبقة المياه الجوفية، فإن "التأثير السلبي على نوعية المياه الجوفية سيستمر لعدة أجيال، اعتمادا على الكمية التي تتسرب إلى باطن الأرض"، مشيرا إلى أن إسرائيل لن تتأثر، لأن المياه الجوفية الساحلية تتدفق من إسرائيل إلى غزة وليس العكس.

وأضاف: "كمواطن إسرائيلي، على الرغم من الكارثة التي مررنا بها في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، ما زلت أعتقد أنه على المدى الطويل، وبما أننا نفكر في المستقبل، سيكون من غير الصحيح سياسيا وأخلاقيا أن يكون لدينا جار عطشان". 

يقرأون الآن