تحت عنوان "صيف لاهب في العراق ولا كهرباء.. غضب سنوي يتجدد"، نشر موقع العربية خبرًا اشار فيه إلى إن العراقيين يعيشون صيفا لاهبا كل عام، لكن هذه المرة مع ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة، وصل في بعض المناطق لا سيما في المحافظات الجنوبية إلى 52 درجة مئوية، وترافق هذا الأمر مع غرق البلاد في ظلام دامس بسبب انقطاع الكهرباء وتوقف أجهزة التكييف والمراوح وبرادات المياه.
دفعت تلك المستجدات إلى خروج العديد من التظاهرات خلال الأيام الماضية، وتجددت أمس السبت أيضا في الناصرية احتجاجا على انقطاع التيار الكهربائي المستمر، وسط استهدافات عدة طالت عددا من المحطات، ما دفع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى تكليف الجيش حماية خطوط نقل الطاقة.
وتتجدد التظاهرات والاحتجاجات مع بداية كل فصل صيف، وسط استمرار تدهور قطاع الكهرباء في هذا البلد الغني بالنفط، رغم المليارات التي أنفقت على هذا القطاع سنويا.
60 دولارا شهرياً
وفي السياق، قال أبو طه أحد سكان محافظة ديالى للعربية نت، إن انقطاع التيار الكهربائي بصورة مستمرة أثر بشكل مباشر على حياة الناس، لا سيما أن ارتفاع درجات الحرارة زاد من معاناتهم، أضيف إليها عدم وجود كميات كافية من المياه في الأنهر بسبب تقليل حصة العراق من الماء من قبل دول الجوار، خاصة تركيا.
ويبلغ سعر "الأمبير" الواحد من الطاقة الكهربائية في العراق شهريا نحو 25 ألف دينار (20 دولاراً) لكنه لا يكفي حتى لتشغيل لمبات الإنارة، كما أكد أبو طه الذي اشترك بثلاث أمبيرات شهريا، اضطره لدفع 60 دولارا بالشهر فقط للكهرباء.
عراقيون يلجأون إلى الأنهر والمياه هربا من حر الصيف وسط انقطاع الكهرباء (فرانس برس)
الكهرباء والسياسة
من جهته، اعتبر الصحافي وليد الصالحي أن "ملف الطاقة في العراق يستخدم سياسيا لتأجيج الاحتجاجات الشعبية كل صيف".
كما أضاف أن هذه المشكلة ليست وليدة اليوم، إنما بدأت منذ احتلال العراق عام 2003، حيث لم تستطع الطبقة السياسية الحاكمة بناء منظومة جيدة للطاقة الكهربائية رغم هدر مليارات الدولارات على هذا القطاع الحيوي .
إلى ذلك، رأى أن هناك جهات سياسية داخليا ودولا إقليمية ومنها إيران لا تريد للعراق أن يصبح منتجا للطاقة الكهربائية من خلال نفوذها وأحزابها.
أزمة الكهرباء في العراق (فرانس برس)
فساد مزمن
من جانبه، قال المحلل السياسي والباحث في الشأن العراقي حيدر سلمان للعربية.نت إن الكهرباء تعتبر من أهم المشاكل المزمنة التي تواجهها البلاد. وأضاف أن وزارة الطاقة أعلنت سابقا أن الإنتاج حاليا بلغ 18 إلف ميغاواط لكنه لا يتجاوز 14 ألفا في أحسن الظروف.
إلى ذلك، أكد أن ارتفاع الحرارة شكل أيضا سببا رئيسيا لزيادة غضب الناس وتنظيم احتجاجات، فضلا عن الفساد المزمن في هذا الملف، بالإضافة إلى تصرف المواطنين أحيانا ورفضهم نصب العدادات وجباية الأموال المتوجبة عليهم للدولة، وكذلك تدخلات بعض الدول في التعاقد مع كبريات شركات الكهرباء في العالم على حساب شركات أخرى.
فيما أشار (أ. م) وهو موظف في وزارة الكهرباء رفض الكشف عن اسمه إلى أن مافيات الفساد في الوزارة بدأت تعمل بطرق جديدة عبر تخريب مدروس لأبراج نقل الطاقة في بعض المدن لكي تتشكل لجان جديدة لإعمارها وتصرف عليها ملايين الدنانير العراقية من خلال مقاولين ومتنفذين في هذا المجال.
عراقيون يلجأون إلى الأنهر والمياه هربا من حر الصيف وسط انقطاع الكهرباء (رويترز)
يذكر أن عدة محافظات عراقية شهدت منذ يوم الثلاثاء الماضي، تظاهرات للمطالبة بتحسين وضع الطاقة الكهربائية.
وتجمع عشرات المواطنين أمام محطة الطاقة الكهربائية الحرارية في الناصرية احتجاجا على تردي الكهرباء، مطالبين بعزل إنتاج المحطة عن المنظومة الوطنية.
فيما منحت محافظة البصرة الجنوبية عطلة لموظفيها بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
يشار إلى أن العراق يحتاج إلى أكثر من 25 ألف ميغاواط/ ساعة من الطاقة الكهربائية، لتلبية احتياجات السكان والمؤسسات دون انقطاع، بينما الإنتاج الحالي هو أقل من 15 ألفا، بحسب العديد من التقديرات والدراسات.
العربية