يواصل المزارعون في فرنسا تحركاتهم الاحتجاجية المطالبة بتحسين ظروفهم الحياتية وحماية منتجاتهم من منافسة البضائع المستوردة.
وعلى الرغم من وعد السلطات بأخذ مطالبهم بعين الاعتبار، واتخاذ بعض الإجراءات الآيلة لذلك، إلا أن رقعة الاحتجاجات توسعت، حيث اعتبر المزارعون أن الإجراءات الحكومية التي أعلن عنها الأسبوع الماضي، وما تعهد به وزير الزراعة صباح الأربعاء 31 كانون الثاني غير كافية.
وانعكس التوتر بشكل ملحوظ على الطرقات السريعة المؤدية للعاصمة باريس ولعدد من المرافق الحيوية، كطريق A6 الموصل إلى سوق رانجيس المركزي ومطاري شارل ديغول وأورلي، حيث انتشرت سيارات الشرطة لمنع المزارعين من قطع ذلك الطريق أو الوصول إلى أي من تلك المرافق.
وأعلن المزارعون المحتجون إقامة ثماني نقاط لتعطيل حركة السير الإثنين الماضي على الطرق السريعة الرئيسية حول باريس، في حين قامت السلطات بتعبئة 15 ألف فرد من الشرطة، خاصة حول مطاري ديغول وأورلي وسوق رانجيس الحيوي.
وشوهدت صباح اليوم قوافل لجرارات زراعية متجهة لتطويق مدينة ليون (جنوب شرق)، ثالث مدينة في فرنسا.
وكان الأمين العام لنقابة "المزارعين الشباب" المرتبطة بالنقابة الكبيرة للمزارعين FNSEA بييريك أوريل، أعلن استئناف إقامة حواجز على الطرق بداية هذا الأسبوع.
وزير الداخلية جيرالد دارمانان حذر المزارعين "من الدخول إلى رانجيس وإلى المطارات الباريسية وإلى باريس. لكن إذا اضطروا إلى ذلك، فإني أكرر بالطبع، أننا لن نسمح بذلك إطلاقا".
وكانت قافلة مكونة من 200 إلى 300 جرار زراعي قد توقفت بين فييرزون وأورليان جهة الجنوب الغربي إلى رونجيس، لقضاء الليلة من الثلاثاء إلى الأربعاء. وفي وقت سابق، خرج العديد من سكان القرى التي عبرتها تلك لتحيتهم والتصفيق لهم ملوحين بالأعلام الفرنسية.
تدابير دعم غير كافية
وعلى الرغم من تدابير الدعم، بما في ذلك إلغاء الزيادة الضريبية على الديزل الزراعي وتقديم مساعدة لمنتجي النبيذ بقيمة 80 مليون يورو، إلا أن الحكومة فشلت في تهدئة الغضب وتحاول التحرك على الجبهة الأوروبية.
ويتوجه وزير الزراعة مارك فيسنو إلى بروكسل الأربعاء لبحث "الحالات الأوروبية الطارئة" وقررت باريس الدخول في "مواجهة" مع المفوضية الأوروبية لمعارضة إبرام اتفاقية تجارية مع تكتل "ميركوسور" الذي يضم أبرز القوى التجارية في أميركا اللاتينية (البرازيل والأرجنتين وأوروغواي وباراغواي).
وأكد وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير الأربعاء لقناة "سي نيوز" أن اتفاق التجارة الحرة مع دول زراعية مهمة "لا يعود بالفائدة على مربينا ولا يمكن ولا يجب التوقيع عليه في وضعه الحالي".
وكانت باريس قد أعربت صراحة عن معارضتها لإبرام هذا الاتفاق التجاري، مما تسبب في توترات مع المفوضية الأوروبية المسؤولة عن المفاوضات التجارية للدول الأعضاء في التكتل.
"غضب زراعي أوروبي"
وامتد الحراك الغاضب إلى جميع أنحاء القارة، فبعد التظاهرات التي شهدتها ألمانيا وبولندا ورومانيا وبلجيكا وإيطاليا في الأسابيع الأخيرة، أعلنت النقابات الزراعية الرئيسية الثلاث في اسبانيا الثلاثاء انضمامها إلى التحرك، مع عمليات "تعبئة" في كل أنحاء البلاد خلال "الأسابيع المقبلة" للتنديد بالقواعد الأوروبية.
وشهدت إيطاليا أيضا تظاهرات عفوية في الأسابيع الأخيرة حيث احتج الثلاثاء عشرات المزارعين بجراراتهم قرب ميلانو (شمال) قائلين إنهم تعرضوا "للخيانة من أوروبا".
من جهتها، تعهّدت الحكومة اليونانية التي تواجه أيضا احتجاجات متزايدة من القطاع الزراعي، الثلاثاء تسريع دفع المساعدات المالية للمزارعين المتضررين من فيضانات العام الماضي.
وساهمت السياسة الزراعية الأوروبية المشتركة الجديدة التي عززت الأهداف البيئية الملزمة منذ العام 2023، وقانون "الميثاق الأخضر" الأوروبي، وإن لم يدخل حيز التنفيذ بعد، بشكل خاص في اثارة الغضب.