الجزائر تبدي "قلقا عميقا" بعد تقارير عن استخدام المغرب برنامج "بيغاسوس" للتجسس على مسؤولين جزائريين

الجزائر تبدي

امرأة تحمل هاتفا أمام مقر شركة ان اس او التي أنتجت برنامج التجسس في هرتسيليا بإسرائيل بتاريخ 28 آب أغسطس 2016 - أ ف ب

أعربت الجزائر الخميس عن "قلقها العميق" إثر تقارير عن استخدام المغرب برنامج "بيغاسوس" الإسرائيلي للتجسّس على "مسؤولين ومواطنين جزائريّين"، في وقت يتصاعد التوتّر بين البلدين الجارين على خلفيّة قضيّة الصحراء الغربيّة.

وقالت وزارة الخارجيّة في بيان إنّ الجزائر تُبدي "القلق العميق بعد الكشف (...) عن قيام سلطات بعض الدول، وعلى وجه الخصوص المملكة المغربيّة، باستخدام واسع النطاق لبرنامج التجسّس المسمّى +بيغاسوس+ ضدّ مسؤولين ومواطنين جزائريّين".

وقالت صحيفة "لوموند" الفرنسيّة وموقع "كلّ شيء عن الجزائر" (تي إس آه) الناطق بالفرنسيّة، إنّ تحقيقاً لمنظّمتَي "فوربيدن ستوريز" والعفو الدوليّة، أظهر أنّ آلافاً من أرقام الهواتف الجزائريّة - يعود بعضها إلى مسؤولين سياسيّين وعسكريّين كبار - قد حُدّدت على أنّها أهداف محتملة لبرنامج "بيغاسوس" الذي طوّرته شركة "إن إس أو" الإسرائيليّة عام 2019.

وقد أثار هذا سخطاً واسعاً في الجزائر، خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي.

ردّاً على ذلك، قرّر المغرب رفع دعوى قضائيّة أمام المحكمة الجنائيّة في باريس ضدّ منظّمتَي "فوربيدن ستوريز" والعفو الدولية بتهمة التشهير.

وشدّد بيان الخارجيّة الجزائريّة على أنّ الجزائر "تُدين بشدّة هذا الاعتداء الممنهج والمرفوض على حقوق الإنسان والحرّيات الأساسيّة الذي يُشكّل أيضاً انتهاكاً صارخاً للمبادئ والأسس التي تحكم العلاقات الدوليّة"، معتبراً أنّ "هذه الممارسة غير القانونيّة والمنبوذة والخطيرة تنسف مناخ الثقة الذي ينبغي أن يسود التبادلات والتفاعلات بين المسؤولين وممثّلي الدول".

وقال بيان الخارجيّة إنّ الجزائر، وبما أنّها "مستهدفة بشكل مباشر بهذه الهجمات"، فإنّها "تحتفظ بالحقّ في تنفيذ استراتيجيّتها للردّ، وتبقى مستعدّة للمشاركة في أيّ جهد دولي يهدف إلى إثبات الحقائق بشكل جماعي وتسليط الضوء على مدى وحجم هذه الجرائم التي تُهدّد السلم والأمن الدوليّين، فضلاً عن الأمن الإنساني".

وخلُص بيان الخارجيّة إلى أنّ "أيّ إفلات من العقاب من شأنه أن يُشكّل سابقةً ذات عواقب وخيمة على سير العلاقات الودّية والتعاون بين الدول وفقاً للقانون الدولي".

تحقيق

وفي وقتٍ سابق الخميس، أمرت نيابة الجمهوريّة لدى محكمة سيدي أمحمد الجزائرية بفتح تحقيق ابتدائي بعد تقارير إعلاميّة حول عمليّات تجسّس تعرّضت لها الجزائر باستخدام برنامج "بيغاسوس" الإسرائيلي، حسب ما أفاد بيان للنائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر.

وجاء في بيان النائب العام أنّ "نيابة الجمهوريّة لدى محكمة سيدي أمحمد أمرت بفتح تحقيق ابتدائي" كُلّفت به "مصالح الضبطيّة القضائيّة المختصّة في مكافحة الجرائم السيبرانيّة والمعلوماتيّة".

وأشار البيان إلى أنّ التحقيق يأتي على أثر "ما تناولته بعض وسائل الإعلام الوطنيّة والدوليّة، وتقارير واردة عن حكومات بعض الدول، حول عمليّات جوسسة تعرّضت لها مصالح الجزائر وتنصّت طالت مواطنين وشخصيّات جزائريّة عن طريق برامج تجسّس مصمّمة لهذا الغرض".

وتابع بيان النائب العام أنّ "هذه الوقائع، إن ثبُتت، تشكّل جرائم يُعاقب عليها القانون الجزائري" بسبب "جناية جمع معلومات بغرض تسليمها لدولة أجنبيّة يؤدّي جمعها واستغلالها للإضرار بمصالح الدفاع الوطني" و"جنحة الدخول عن طريق الغشّ أو بطرق غير مشروعة في منظومة للمعالجة الآلية للمعطيات" وكذلك "جنحة انتهاك سرّية الاتّصالات".

الجزائر تستدعي سفيرها بالرباط

وتأتي هذه القضيّة في وقتٍ بلغت العلاقات بين الجزائر ومملكة المغرب أدنى مستوياتها بسبب النزاع في الصحراء الغربيّة.

وأعلنت الجزائر الأحد أنّها استدعت سفيرها في الرباط "فوراً للتشاور"

وبالنسبة إلى المغرب فإنّ السبب الرئيسي للتوتّر بين البلدين هو دعم الجزائر جبهة بوليساريو التي تطالب باستفتاء لتقرير المصير.

وكان المغرب رابع دولة عربية تستأنف علاقاتها مع إسرائيل أواخر العام الماضي بموجب اتفاق رعته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وينصّ كذلك على اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على الصحراء الغربيّة المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو. وقد أدّى ذلك إلى تصعيد التوتّرات مع الجزائر التي ندّدت بـ"مناورات خارجيّة" هادفة إلى زعزعة الاستقرار.

ويُسيطر المغرب على نحو 80 بالمئة من المنطقة الصحراويّة الشاسعة والثريّة بالفوسفات والموارد البحريّة، ويقترح منحها حكماً ذاتيّاً تحت سيادته.

أما جبهة بوليساريو التي أعلنت عام 1976 قيام "الجمهوريّة العربيّة الصحراويّة الديموقراطيّة"، فتطالب بتنظيم استفتاء لتقرير المصير أقرّته الأمم المتحدة تزامناً مع إبرام وقف لإطلاق النار بين طرفي النزاع عام 1991.

ولم تصل كلّ مساعي تسوية النزاع إلى نتيجة حتّى الآن.

أ ف ب

يقرأون الآن