من بين اللقاءات المتنوعة التي عقدها الرئيس سعد الحريري خلال وجوده في بيروت، بَدا استقباله لعضو تكتل لبنان القوي النائب آلان عون لافتاً للانتباه، ربطاً بالتراكمات التي تنوء تحتها علاقة تيار المستقبل بالتيار الوطني الحر وصولاً الى القطيعة السائدة بين الحريري وجبران باسيل.
من هنا، أتت النكهة الخاصة للقاء الحريري مع آلان عون الذي كان قد وجّه رسالة إيجابية الى الأول خلال جلسة مناقشة الموازنة في مجلس النواب حيث خاطبه بالقول: نفتقدك كثيراً هذه الأيام ونعترف لك، مهما اختلفنا معك في السياسة، بشجاعتك على فتح الثغرات وإنتاج التسويات في اللحظات الحاسمة كما في العام 2016. وأضاف: اشتقنالك، ولو كنت اليوم موجوداً لكانت الأمور قد اختلفت كثيراً وفق ما ورد في "الجمهورية".
ولكن هل زيارة عون الى الحريري لمدة نصف ساعة هي توطئة لفتح صفحة جديدة بين التيارين المتباعدين ام لا يجوز تحميل الأمر اكثر مما يتحمّل؟
من الواضح أن اللقاء يشكّل أقل من بداية جديدة وأكثر من زيارة عابرة، وهو يعكس خليطاً بين البعدين الشخصي والسياسي، إذ وبمعزل عن الخلافات المعروفة ورواسبها، هناك علاقة ودية تجمع الرجلين اللذين سبق لهما أن التقيا أيضاً العام الماضي في المناسبة نفسها، بعيداً من الإعلام.
لكن ذلك لا يعني بطبيعة الحال أنّ لقاءهما المتكرر هو محض شخصي، بل انه يختزن حُكماً دلالات سياسية ترتبط بموقع عون في التيار وبما يمثّله الحريري في بيئته.
على كلٍ، لا يزال من المبكر الذهاب بعيداً في الاستنتاجات حول مستقبل علاقة التيارين، ما دام الحريري نفسه لم يتراجع بعد عن قراره بتعليق نشاطه السياسي. وبالتالي، فإنّ أهم ما في اجتماعه مع عون هو إبقاء خيط التواصل ممدودا، في انتظار اللحظة الملائمة التي تسمح بتطويره، علماً انّ مصالحة الحريري - باسيل ليست سهلة، وتحقيقها يحتاج إلى بذل جهد كبير وخطوات متبادلة لإعادة بناء الثقة المفقودة.
ويقول عون لـ"الجمهورية" انه زار الحريري بمبادرة شخصية منه وليس بتكليف رسمي من قبل قيادة التيار، لافتاً الى انّ ذلك لا يمنع إمكان توظيف هذا الجسر في خدمة ترميم العلاقة الأوسع بين التيار والحريري في الوقت المناسب، إذ لا أنا مقطوع من شجرة ولا الحريري يجهل ما أمَثّله، من دون أن نُنكر في الوقت نفسه تأثير العامل الشخصي الايجابي في حصول اللقاء.
ويشدد على انّ مبادرته الى زيارة الحريري لا تتعارض أصلاً مع أدبيات التيار وثوابته، بل تنسجم معها وتترجمها الى فعل وطني، موضحاً انّ التيار الحر ينادي بالميثاقية والشراكة ويعتبر ان الحريري يمثّل إحدى المكونات الاساسية التي لا يجوز تجاوزها، وانّ عودته الى العمل السياسي ضرورة لتصحيح الخلل في توازن المعادلة الوطنية، بمعزل عن الاتفاق او الخلاف معه في السياسة. وبالتالي، فإنّ اجتماعي به يصبّ في سياق تلك الخيارات والاقتناعات، لافتاً الى ان الإبقاء على هذا التواصل يمكن ان يمهّد الأرضية لتقارب التيارين لاحقاً.
ويوضح عون انه سيُطلع التكتل والتيار عند أول اجتماع لهما على حصيلة لقائه بالحريري، مضيفاً: صحيح انّ لي خصوصيتي وهامشي، بس مش مقطوع من شجرة.