الضياع، هو عنوان الملف الرئاسي، فلا شيء في الأفق يؤشر الى الدفع به الى بّر الانتخاب. اللجنة الخماسية تحرّكت اواخر الشهر الماضي عبر سفراء دولها في بيروت، واستطلعت إمكان تحريك هذا الملف، قبل اجتماعها على المستوى الوزاري في واحدة من عواصم دولها قبل زيارة موفدها جان ايف لودريان الى بيروت. فلا اللجنة اجتمعت، ولا حضر لودريان. ولا جديد حول تحرّكها سوى ما قيل عن اجتماع سيعقده سفراء الخماسية اليوم في مقر السفارة الفرنسية في قصر الصنوبر.
حيال هذا التحرّك، أبلغت مصادر مواكبة لحراك الخماسية الى "الجمهورية" قولها، انّها لا تملك اي معطيات حول ما تقوم به اللجنة في هذه الفترة، وفي كلّ الاحوال، اي حراك للجنة يؤكّد انّ الملف الرئاسي ما زال في دائرة المتابعة والاهتمام، لكن المهمّ هو ان يكون حراكاً مجدياً وأن نصل الى نتيجة في نهاية هذا الحراك.
ولفتت المصادر الى أنّ اللجنة الخماسية، وكما اكّد سفراؤها في لقائهم الاخير مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، على ما مفاده انّ اللجنة كناية عن مجموعة دعم ومساندة للبنانيين لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، وان لا مرشح لها ولا تضع فيتو على أيّ من المرشحين. ما يعني أنّ الأساس في تحرّكها هو لبننة الملف الرئاسي. وفي ذلك تأكيد على حلّ رئاسي بالتوافق ما بين المكونات السياسية في لبنان، لكن مع الأسف المناخ الداخلي حتى الآن غير مشجع على الاطلاق. وتؤكّد ذلك مواقف الاطراف واشتراطاتها التعطيلية ورفضها الإنخراط في حوار يمهّد لمثل هذا التوافق.
في هذا الجو، لا تعكس عين التينة وجود أي مبادرات جديدة لدى الرئيس بري، كما لا تؤكّد ما قيل عن مشاورات يجريها رئيس المجلس النيابي تمهيداً لدعوته الى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية في ما سُمّيت سيبانة رمضان. وحسمت ذلك مصادر موثوقة بقولها لـ"الجمهورية": لا في مشاورات ولا في سيبانة او ام قليبانة.
ولفتت المصادر الى انّ الأولوية لدى الرئيس بري هي الحسم الايجابي للملف الرئاسي وانتخاب رئيس على وجه السرعة، وقام بما عليه بسلسلة دعوات اطلقها للتفاهم والتوافق على رئيس منذ ما قبل الشغور الرئاسي، وهذا التوافق اكّد عليه امام سفراء الخماسية، وأبدى استعداده للمواكبة الايجابية لأي مسعى من جانبها يساهم في تقريب وجهات النظر بين اللبنانيين، ويطلق حواراً في ما بينهم لبلوغ التوافق المنشود.
ومن هنا، تؤكّد المصادر عينها، انّه لا توجد لديه ايّ مبادرة جديدة، بل انّ دعوته دائمة ومفتوحة الى تلاقي كل المكونات السياسية تحت اي عنوان، سواءً أكان تشاوراً او حواراً للتفاهم على حسم هذا الملف وانتخاب رئيس في جلسة يدعو اليها بدورات انتخابية متتالية.
واكّدت المصادر انّ الرئيس بري على استعداد للدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية اليوم قبل الغد، اذا ما لمس أنّ 86 نائباً فما فوق سيحضرون هذه الجلسة ويوفّرون نصاب الانعقاد والانتخاب، ولكن تأمين الـ86 نائباً في ظل الواقع الخلافي القائم أمر مستحيل.
وفي هذا السياق، يقول بري: ليتأمَّن نصاب الثلثين الآن، فأدعو الى الجلسة فوراً. ويؤكّد انّ التوافق ممكن بين اللبنانيين وليس مستحيلاً، ولدينا تجربة قريبة تجلّت في التفاهم الذي أفضى الى التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون وقادة الاجهزة الأمنية. فكما استطعنا ان نتوافق على هذا الامر في امكاننا ان نجلس ونتحاور ونتوافق على انتخاب رئيس للجمهورية. والشرط الأساس هو ان تصدق النوايا ونملك القرار الحقيقي والإرادة الحقيقية للتوافق وحسم انتخاب رئيس للجمهورية في اقرب وقت ممكن.
وفي سياق رئاسي متصل، أشارت معلومات "الجمهورية" الى انّ تكتل الاعتدال الوطني النيابي سيباشر هذا الاسبوع تحركاً بعيداً من الإعلام تجاه الكتل النيابية، لاستطلاع رأيها في إمكانيات التوافق على قواسم مشتركة بين الداعين الى جلسات حوار وبين الكتل الاخرى الداعية الى عقد جلسات انتخابية متتالية لإنتخاب الرئيس.
واكّد عضو التكتل النائب احمد الخير لـ"الجمهورية" صحة هذا التوجّه، موضحاً انّه يأتي بعد زيارات التكتل الى رئيسي المجلس والحكومة والمرجعيات الدينية، ضمن مساعي التكتل لتقريب وجهات النظر بين الكتل النيابية والقوى السياسية، علّنا نصل الى توافق يواكب حركة اللجنة الخماسية التي ستجتمع على مستوى السفراء في بيروت (اليوم الثلثاء)، والتي تدفع نحو ايجاد فرصة لإنجاز الاستحقاق الرئاسي بمعزل عن الحرب في غزة والتوترات الاقليمية القائمة.
واضاف: في حال توصلنا خلال جولتنا على الكتل النيابية الى افكار او تفاهمات ما، او حققنا نتيجة ايجابية ونجحت اتصالاتنا، يمكن ان يرتقي تحركنا الى إطلاق مبادرة رئاسية تجتمع حولها اغلبية الكتل، علّنا نوفق في إحداث خرق في جدار الاستحقاق الرئاسي".