العراق

كردستان مركز للقوة العسكرية وبغداد للنفوذ الناعم

كردستان مركز للقوة العسكرية وبغداد للنفوذ الناعم

يدرس العراق حاليا مسألة الوجود العسكري الأميركي على أراضيه وهو يتفاوض مع مسؤولين أميركيين لهذا الغرض، مع اصرار بغداد على انهاء هذا الوجود.

في الغضون من المتوقع أن يتم سحب معظم القوات الأميركية أو نقلها إلى إقليم كردستان دون الإضرار بمصالح الولايات المتحدة في العراق، فيما رجح أن يكون لواشنطن المزيد من النفوذ في بغداد، لكن من دون وجود لقواتها.

وذكّر تقرير "ميدل إيست ترانسبارينت"، بالضربات الأميركية الأخيرة في بغداد، ردا على مقتل ثلاثة جنود أميركيين في الأردن في أواخر كانون الثاني/ يناير ، والتي رأى أنها كانت خروجاً كبيراً عن ضبط النفس طويل الأمد لإدارة بايدن تجاه القوات الموالية الإيرانية في العراق، وكيف ولدت رد فعل سياسي عنيف كبير في العاصمة العراقية، مع عواقب غير معروفة على الوجود العسكري الأميركي في في هذا البلد.

وبحسب التقرير، أثارت الضربات الأميركية ردا قويا في العراق من "الصديق والعدو" على حد سواء، كما رأت الحكومة الاتحادية في بغداد، أن الإجراءات الأميركية التي "تعرض السلام المدني للخطر" تجبرها على "إنهاء مهمة التحالف الدولي"، الذي "يهدد بتوريط العراق في دورة الصراع".

ورأى التقرير، أن مطالب إنهاء الوجود العسكري الأميركي في العراق ليست جديدة، فإنها ولدت منذ أن اعتمدت إدارة ترامب حملة الضغط القصوى ضد إيران في عام 2018، وبعد عملية المطار التي نتج عنها اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، مطلع 2020، إذ تعرضت سلامة الجنود الأمريكيين المنتشرين في العراق، وكذلك الدبلوماسيين الأميركيين للخطر ليس فقط من قبل الميليشيات، ولكن بسبب تقاعس الحكومة العراقية، التي لم تظهر الإرادة ولا القدرة على حماية الأفراد الأميركيين.

ووجد التقرير، أن "مفهوم مواجهة القوات الأميركية ليس فقط من قبل الميليشيات في العراق، بل حتى من التحالف الحكومي الذي تشكلت بموجبه حكومة السوداني.

لكن، وبحسب التقرير، ما يزال من غير الواضح ما إذا كان السوداني نفسه يفضل انسحاب قوات التحالف، أو كما قال أحد المستشارين لرويترز، كان بيانه يهدف فقط إلى "استرضاء الأحزاب الغاضبة داخل الائتلاف الشيعي الحاكم"، وفق التقرير.

وفي حين انتقد السوداني الضربات الانتقامية الأميركية الأخيرة في العراق، إلا أنه لم يكن يحمل نفس ازدراء الحشد للوجود الأميركي، على الرغم من تردد حكومته في التصرف تجاه منفذي الهجمات على القواعد العسكرية بسبب "الخوف من فقدان الدعم السياسي لها، أو الانتقام الإيراني"، بحسب "ميدل إيست ترانسبارينت".

وبينما كرست الولايات المتحدة الكثير من الدماء والكنوز للعراق، وبينما ما تزال بغداد ذات أهمية كبيرة لواشنطن، إلا أن الأولى قد تقرر في نهاية المطاف أن الوقت قد حان لمغادرة الولايات المتحدة والتحالف من البلاد، لذا فمن الواضح أن الوجود العسكري الأميركي الكبير في هذا البلد أصبح لا يمكن الدفاع عنه، وفق التقرير.

وأشار التقرير، إلى أن "بعد 20 عاما من غزو العراق، حان الوقت لإدارة بايدن للبدء في التفكير في أفضل طريقة لتقليص البصمة العسكرية الأميركية في العراق، حيث لا تستفيد الولايات المتحدة من وجودها في العراق للتراجع عن توسيع النفوذ الإيراني في بغداد".

وبحسب التقرير، فبما أن القوات الأميركية في إقليم كردستان العراق تعمل كعقدة حاسمة للدعم اللوجستي لقوات البيشمركة في مكافحة تنظيم داعش، فقد تتمكن واشنطن من ترك وجود صغير في الإقليم الكوردي شمال العراق، لدعم مهمة مكافحة الإرهاب هذه.

وحذر التقرير، من من الانسحاب المتسرع والفوضوي على غرار أفغانستان، من العراق، والذي من شأنه أن يضر بمصداقية الولايات المتحدة، وكذلك، فإن المغادرة تحت النار، يمكن أن يعزز مغادرة العراق أيضاً تصوراً إقليمياً خبيثاً للتراجع العسكري الأميركي في المنطقة.

ورأى التقرير، أن الانسحاب التام من العراق، سيجعل من السفارة الأميركية في بغداد، أكثر عرضة للهجوم، وهو مصدر قلق حقيقي للغاية بالنظر إلى ميل الحكومة العراقية إلى تجاهل التزامها باتفاقية جنيف بالدفاع عن البعثات الدبلوماسية.

ولفت إلى أن "استمرار وجود القوات الأميركية لا يفعل الكثير لمنع التقدم الإيراني نحو فرض الهيمنة على العراق، وفي الوقت نفسه، تقدم القوات الأميركية هناك لإيران والفصائل الموالية لها، رهائن في كل شيء".

وأشار تقرير "ميدل إيست ترانسبارينت"، إلى أن "إخراج غالبية القوات الأميركية من طريق الأذى في العراق يمكن أن يضع واشنطن في وضع أفضل تجاه الحكومة العراقية التي تهيمن عليها إيران، خاصة إذا بقيت القوات في إقليم كردستان، حيث ما تزال الولايات المتحدة موضع ترحيب، وستكون واشنطن أكثر حرية في إشراك العراق بشأن علاقته مع إيران، وانتهاكات العقوبات، والفساد المتوطن، غير مثقلة بالمخاوف بشأن حماية القوة".

وخلص التقرير، إلى القول: إن "العراق المستقر والسيادي ما يزال أولوية للولايات المتحدة، بالتالي سيتعين على واشنطن الاعتماد على أدوات أخرى للقوة الوطنية وخاصة النفوذ الاقتصادي، للحفاظ على مصالحها في العراق، لذا لا يعني التخلص التدريجي من وجود القوات الأميركية أو تقليص حجمها، نهاية المشاركة العسكرية الأمريكية مع العراق، أو التقشف الأميركي في المنطقة، أو القبول للهيمنة الإقليمية الإيرانية".

يقرأون الآن