عبر معبر كرم أبو سالم استطاعت الولايات المتحدة والمغرب إدخال شاحنات مساعدات إلى غزة، في الأيام الماضية، الأمر الذي أعاد تسليط الضوء على أهمية هذا المعبر ودوره في تخفيف معاناة الفلسطينيين المحاصرين في القطاع.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميللر للصحفيين، إن نحو 250 شاحنة مساعدات دخلت غزة عبر معبري رفح وكرم أبو سالم الحدوديين.
وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، سمحت إسرائيل بعبور شاحنات مساعدات إلى غزة من خلال معبر كرم أبو سالم " كيرم شالوم" لأول مرة منذ هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر على مناطق ومواقع محاذية للقطاع، إلا أن وتيرة دخولها لا تزال بطيئة، حيث تقول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" إن محتجين إسرائيليين يمنعون أحيانا إدخال الشاحنات عبر معبر كرم أبو سالم.
بينما يقول نشطاء إسرائيليون إن شاحنات المساعدات تذهب مباشرة إلى حركة حماس، المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة وبعض الدول، مطالبين بمنع وصول المساعدات حتى يتم الإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حماس منذ هجوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر.
ومؤخرا، أعلن المغرب عن إرسال شحنة مساعدات إنسانية إلى غزة، من خلال معبر كرم أبو سالم الحدودي.
وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن الشاحنات دخلت قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم لتفادي تعقيدات إدخالها عبر معبر رفح على حدود غزة مع مصر أو الإسقاط الجوي، مشيرا إلى أن المساعدات تم شحنها جوا إلى إسرائيل قبل تحميلها عند المعبر على شاحنات يديرها الهلال الأحمر الفلسطيني لضمان وصولها إلى من هم بحاجة إليها في شمال غزة.
وذكرت شبكة "سي إن إن" الإخبارية أن مواطنين إسرائيليين غاضبين يعملون على عرقلة إمدادات المواد الغذائية المتجهة إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم وسط تساهل ضباط الحدود الإسرائيليين معهم.
وفي 6 آذار/ مارس الماضي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، ماثيو ميللر للصحفيين، إن نحو 250 شاحنة مساعدات دخلت غزة، عبر معبري رفح وكرم أبو سالم الحدوديين.
وأضاف أن توزيع المساعدات يشهد بعض التحسن لكن ما يدخل غزة ما زال غير كاف. ومضى يقول "يتعين علينا أن نشهد زيادة كبيرة فيما يدخل" إلى غزة من مساعدات.
معبر كرم أبو سالم من المعابر الرئيسية
وفق الموقع الإلكتروني للحكومة الإسرائيلية، يُعتبر معبر كيرم شالوم "كرم أبو سالم" المعبر الرئيسي لنقل البضائع بين إسرائيل وقطاع غزة، وتتم إدارته وتشغيله من قبل مديرية المعابر برئاسة وزارة الدفاع الإسرائيلية.
فيما يُدار الجانب الفلسطيني من المعبر من قبل شركات شحن خاصة، وهي مسؤولة عن نقل البضائع، باستثناء نقل الوقود والذي يشرف عليه موظفو السلطة الفلسطينية، حسبما تقول صحيفة الأعمال اليومية الإسرائيلية " themarker" في تقرير نشر عام 2018.
ويقع معبر كرم أبو سالم جنوب شرقي قطاع غزة، على بعد حوالي 4 كيلومترات إلى الغرب من رفح، في نقطة التقاء الحدود بين مصر وقطاع غزة وإسرائيل.
وبعد إغلاق معبر المنطار في عام 2011، تحول معبر كرم أبو سالم إلى "عصب حياة" لسكان غزة، حيث يستخدم لنقل أكثر من 60 في المئة من حمولات الشاحنات المتجهة إلى القطاع، ويستعمل أيضا لتصدير منتجات فلسطينية من القطاع إلى الضفة الغربية والخارج، وفقا للأمم المتحدة.
أكد مدير مكتب التنسيق والارتباط مع غزة، العقيد موشيه تيترو، لـ "الحرة" أن قرار إدخال المساعدات الإنسانية من معبر كرم أبو سالم إلى غزة جاء التزاما بالاتفاق مع واشنطن.
وبدأت إسرائيل بتشغيل معبر كرم أبو سالم لأول مرة عام 2005، لإتاحة دخول البضائع والمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزّة، حسب مؤسسة مسلك " gisha"، وهي منظمة إسرائيلية تهتم بحماية حرية حركة الفلسطينيين وخاصة سكان غزة.
وشهد المعبر أعمال توسيع وتطوير، منذ عام 2010، بحيث تصل قدرته اليومية على الاستيعاب إلى نحو ألف شاحنة يوميا، وفق المركز الإسرائيلي.
وعادة ما تغلق الحكومة الإسرائيلية المعبر بشكل متكرر في أعقاب هجمات صاروخية تنفذ من قطاع غزة أو عند العثور على مواد متفجرة حسبما تعلن السلطات، مثل ما حدث في سبتمبر الماضي، حينما أعلنت إسرائيل إغلاقها المعبر بعد العثور على مواد متفجرة كانت مخبأة في شاحنة ملابس، حسب ما ذكرت شبكة "عروتس شيفع" الإعلامية الإسرائيلية.
أعلنت إسرائيل، أنها ستسمح بمرور أول شحنة مساعدات عبر معبر كرم أبو سالم إلى غزة، في خطوة لاقت ترحيب البيت الأبيض.
وفي أعقاب هجوم حماس في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر أغلق معبر كرم أبو سالم مجددا، وجري تسليم المساعدات فقط من خلال معبر رفح في غزة مع مصر، قبل أن تسمح إسرائيل في 15 كانون الأول/ ديسمبر الماضي، بمرور أول شحنة مساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، في خطوة لاقت ترحيب البيت الأبيض.
وحينها قال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، إن إسرائيل وافقت على السماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة، عبر معبر كرم أبو سالم.
وأضاف المكتب، في بيان، أن الفتح سيساعد إسرائيل في الحفاظ على التزاماتها بالسماح بدخول 200 شاحنة مساعدات يوميا، وهو ما تم الاتفاق عليه في صفقة الرهائن الوحيدة التي جرى التوصل إليها وتنفيذها في هدنة مؤقتة استمرت أسبوعا أواخر نوفمبر الماضي.
معابر أخرى لا تزال مغلقة حتى الآن
وتقول مؤسسة "مسلك" إن كرم أبو سالم ظل المعبر التجاري الوحيد مع إسرائيل، بعد إغلاق معبر كارني "المنطار"، وإغلاق معبر صوفا، الذي كان يستخدم لإدخال مواد البناء إلى غزة، عام 2008، ومعبر ناحال عوز، الذي كان يستخدم لنقل الوقود وغاز الطهي إلى القطاع، في عام 2010.
وكانت إسرائيل تسمح لمعظم السلع بالدخول إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم، لكنها تقيّد أو تحظر، دخول المواد التي تعتبرها "مزدوجة الاستخدام"، والتي يمكن استخدامها لأغراض عسكريّة، حسب مؤسسة "مسلك"، والتي تقول إن هذه القائمة تشمل عناصر أساسية جدا للصناعة، والبناء والاحتياجات المدنيّة الأخرى.
وكان آخر إغلاق للمعبر، قبل شهر واحد من هجوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، بعد إعلان السلطات الإسرائيلية، أنها علقت كل صادرات البضائع من غزة نحو الضفة الغربية والخارج، بعدما أحبطت محاولة لتهريب متفجّرات من القطاع.
وعلى إثر القرار، حذر الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية في قطاع غزة، من انعكاسات "كارثية" على الاقتصاد الفلسطيني المنهك.
واعتبر رئيس الغرفة التجارية في قطاع غزة عائد أبو رمضان، في مؤتمر صحفي، آنئذ، أن القرار الإسرائيلي "تصعيد جديد لسياسة الحصار الاقتصادي المتواصل على قطاع غزة"، محذرا من "زيادة البطالة والفقر بسبب القرار الجائر والعقاب الجماعي والذي يتسبب بكارثة إنسانية حقيقية في قطاع غزة المنهك اقتصاديا منذ سنوات".
بضائع وسلع إسرائيلية تدخل المناطق الفلسطينية
وتشير بيانات صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني نشرتها صحيفة "يديعوت أحرنوت" قبل 10 أعوام تقريبا، إلى أن قيمة البضائع التي يتم شراؤها من وكلاء أو شركات إسرائيليّة تشكل أكثر من 85 في المئة من مجمل قيمة السلع التي تدخل إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم.
وفي شهر آب/ أغسطس الماضي، دخلت إلى قطاع غزة عبر هذا المعبر، حوالي 5176 شاحنة، مقابل 4738 في شهر تموز/ يوليو، و4228 في شهر حزيران/ يونيو، و4793 شهر أيار/ مايو، بحسب بيانات للمركز الحقوقي.
أعادت إسرائيل، فتح معبر كرم أبو سالم التجاري لاستئناف الصادرات الفلسطينية من قطاع غزة إلى الضفة الغربية وإسرائيل، بعد إغلاقه نحو أسبوع على خلفية محاولة تهريب "متفجرات".
ويذكر أن منتجات فلسطينية كانت تصدر إلى الضفة الغربية وإسرائيل والخارج عبر المعبر، مثل الورود والملابس والخضروات، وغيرها من المواد المتنوعة مثل حديد الخردة.