أدى تعافي العالم من جائحة فيروس كورونا إلى ارتفاع أسعار الطاقة و المعادن و الغذاء، مما ساعد كبار مصدِّري السلع الأساسية، في حين تتضرت الدول التي تشتري الجزء الأكبر من موادها الخام من الآخرين.
ارتفعت أسعار السلع ككل بأكثر من 20% هذا العام، وبنحو 50% بالنسبة للنفط الخام. ووصل مؤشر بلومبرغ للسلع الفورية إلى أعلى مستوى له خلال عقد من الزمان، ويتجه إلى زيادته الشهرية الرابعة على التوالي. وتعيد شركات النفط والمناجم الكبرى، الغارقة في السيولة، مليارات الدولارات للمساهمين من خلال توزيعات الأرباح، وعمليات إعادة الشراء.
ويتوقَّع قلَّة من المحللين أن تنعكس المكاسب قريباً، ويعتقد الكثيرون أنَّ على الشركات الاستمرار في العمل. وبالنسبة لدول مثل روسيا والسعودية، أكبر مصدِّري الطاقة في العالم؛ فإنَّ القادم ينذر بأوقات جيدة، أما بالنسبة للآخرين؛ فإنَّه يضع ضغطاً كبيراً على ميزان مدفوعاتهم وعملاتهم، مما يؤدي إلى ارتفاع التضخم.
في السطور التالية نقدِّم إليكم نظرة على البلدان المستفيدة والأكثر ضعفاً:
رابحون وخاسرون
من المفترض أن يكون منتجو النفط والغاز في الخليج العربي أكبر الفائزين اقتصادياً هذا العام، وفقاً لمسح أجرته "بلومبرغ إيكونوميكس" لحوالي 45 دولة، حيث ستشهد كلٌّ من الإمارات العربية المتحدة وقطر زيادة صافي صادراتهما بأكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بعام 2020، كما لن تكون المملكة العربية السعودية بعيدة عن الركب.
ستتأثَّر اليابان ومعظم دول أوروبا الغربية، لأنَّها ستضطر إلى إنفاق المزيد على واردات السلع الأساسية. وستكون آسيا أكبر الخاسرين، إذ ستعاني دول من أمثال فيتنام، وبنغلادش من غلاء الوقود والغذاء.
مصدِّرون ومستوردون
ستفوق المكاسب التي حقَّقها مصدِّرو السلع الأساسية بسهولة خسائرهم العام الماضي مع انتشار الوباء، وانهيار الطلب على المواد الخام. وتقدِّر "بلومبرغ إيكونوميكس" أنَّ 550 مليار دولار ستتحوَّل من المستوردين إلى المصدِّرين في عام 2021، أي حوالي ضعف التحويل العكسي البالغ 280 مليار دولار العام الماضي عندما انهارت الأسعار.
بالمطلق، ستستفيد روسيا أكثر من غيرها، فقد ارتفع صافي صادراتها بحوالي 120 مليار دولار في عام 2021، تليها أستراليا، والمملكة العربية السعودية، والبرازيل، والإمارات العربية المتحدة، إذ حقَّقت كلٌّ منها مكاسب تزيد عن 50 مليار دولار. كما سينخفض صافي صادرات الصين بنحو 218 مليار دولار. وهو أعلى بكثير من الأرقام التي بلغت حوالي 55 مليار دولار للدول التي تليها في سوء الحال كالهند واليابان.
أمريكا والصين
سينخفض صافي صادرات الولايات المتحدة أيضاً، ولكن بمقدار 22 مليار دولار فقط، وهو مبلغ ضئيل مقارنة بإنتاجها الاقتصادي السنوي البالغ 21 تريليون دولار، بعدما قضت البلاد تقريباً على انكشافها على السلع المستوردة في العقد الماضي. يرجع الفضل في ذلك إلى حدٍّ كبير إلى الزيادة الهائلة في إنتاج النفط والغاز الصخري.
كما أصبحت الصين أقل عرضة للخطر. لكنَّ التحسُّن كان أقل بكثير، خاصة عندما يتعلَّق الأمر بالطاقة.
أزمة غذاء في الشرق الأوسط
بحسب بيانات الأمم المتحدة؛ ارتفعت أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم خلال الأشهر الـ13 الماضية، واقتربت من أعلى مستوى لها منذ 2011. هذه مشكلة خاصة بالنسبة للشرق الأوسط، فقد ساعد ارتفاع تكاليف كل شيء من الخبز إلى اللحوم في اندلاع احتجاجات الربيع العربي قبل 10 سنوات.
وتوجد 7 دول تعدُّ من أضعف 10 حلقات في المنطقة بالوقت الحالي، ووفقاً لتحليل "بلومبرغ إيكونوميكس" للأسواق الناشئة؛ فإنَّ من بين تلك الدول اليمن، التي مزَّقتها الحرب الأهلية، والسودان، وتونس، والجزائر، وكلها شهدت مؤخَّراً احتجاجات كبيرة على انخفاض مستويات المعيشة.