ما بين شهري نيسان/ أبريل وحزيران/ يونيو 1919، عاشت الولايات المتحدة الأميركية على وقع هجمات دامية شنها أتباع الأناركي الإيطالي لويجي غالياني (Luigi Galleani). وبتلك الفترة، استهدفت هذه الهجمات أساسًا السياسيين المعارضين لسياسة الهجرة والصحافيين ورجال الأعمال.
وأمام هذا الوضع، شنت السلطات الأميركية حملة اعتقالات واسعة انتهت باعتقال وطرد الآلاف من المهاجرين من الأراضي الأميركية.
وخلال العام 1920، اهتز الأميركيون على وقع تفجير بشارع وول ستريت، بمانهاتن بنيويورك، الذي مثل القلب الإقتصادي النابض للبلاد. وقد أسفر هذا الهجوم حينها عن مقتل العشرات من المارة.
تفجير وول ستريت
مطلع عشرينيات القرن الماضي، مثلت مانهاتن مركز الرأسمالية الأميركية. وفي الأثناء، مثل شارع وول ستريت أهم مناطق مانهاتن الإقتصادية. فإضافةً لاحتوائه على مقر البورصة، تواجد بهذا الشارع مقر بنك جي بي مورغان وشركائه (J.P. Morgan and Co) الذي وصف عقب نهاية الحرب العالمية الأولى بالمؤسسة المصرفية الأكثر نفوذًا بالعالم.
كعادته بسائر الأيام، اكتظ شارع وول ستريت بالأشخاص يوم 16 أيلول/ سبتمبر 1920 حيث تواجد به عدد كبير من رجال الأعمال وسماسرة الأوراق النقدية والمضاربين بالبورصة إضافةً للعديد من المارة. وفي خضم ذلك، أقدم شخص مجهول على ركن عربته، التي كان يجرها حصان، المحملة بما يزيد عن 50 كلغ من المتفجرات عند حافة الطريق بالقرب من مقر بنك جي بي مورغان وشركائه.
وفي حدود الساعة الثانية عشرة ودقيقة، انفجرت العربة المحملة بالمتفجرات بين المارة لتتطاير بذلك قطع منها وتسقط على بعد مئات الأمتار.
وأسفر هذا الإنفجار عن مقتل 30 شخصًا في عين المكان بينما توفي 10 آخرون عقب نقلهم للمستشفى. كما أدّى لإصابة المئات وصفت إصابة 140 منهم بالخطيرة.
وعطّل هذا الإنفجار التداول ببورصة وول ستريت كما عمدت في الآن ذاته سلطات نيويورك لإرسال ما يزيد عن ألفين من رجال الأمن والإطارات الطبية لموقع الحادثة.
فشل التحقيقات
بسبب الهجمات التي حصلت بالعام السابق، شكك المحققون الأميركيون في وقوف الجماعات الشيوعية والفوضوية وراء هذا الإعتداء وتحدثوا عن محاولتهم استهداف مقر بنك جي بي مورغان وشركائه.
فضلًا عن ذلك، عثرت الشرطة الأميركية بوول ستريت على مناشير طالبت بإطلاق جميع الأسرى السياسيين بالسجون الأميركية أو تحمل العواقب.
وعن طبيعة المتفجرات المستخدمة بتفجير وول ستريت، تحدث المحققون الأميركيون عن تطابقها بشكل كبير مع تلك التي اعتاد الأناركي الإيطالي، والذي طرد بوقت سابق من الأراضي الأميركية، لويجي غالياني صناعتها.
وبسبب عدم وجود أدلة قاطعة تدين الفوضويين الإيطاليين وفرار منفذ الهجوم، لم تتمكن السلطات الأميركية من إدانة أي طرف واضطرت لإغلاق القضية بعد 3 سنوات.
وبحلول العام 1944، أعاد مكتب التحقيقات الفيدرالية فتح قضية تفجير وول ستريت ورجحوا وقوف فوضويين إيطاليين وراءه.
من جهة ثانية، شكك المحققون الأميركيون في تورط الأناركي الإيطالي ماريو بودا (Mario Buda) بهذا التفجير. فحسب التقارير الأميركية، غادر ماريو بودا الأراضي الأميركية وعاد لإيطاليا بشكل تلقائي بعد فترة وجيزة من عملية تفجير وول ستريت.
لاحقًا، أغلق مكتب التحقيقات الفيدرالية سجل قضية تفجير وول ستريت دون أن يوجه تهمًا لأي شخص. وليومنا الحاضر، تصنف هذه القضية ضمن القضايا الجنائية التي لم يتم حلها.