بعيدا من التضخيم او من التحجيم لاهداف سياسية محلية تتصل بتداعيات الازمة الرئاسية المستفحلة، اوحت انطلاقة التحرك الجديد امس لسفراء مجموعة الدول الخمس المنخرطة في جهد ديبلوماسي – سياسي جماعي للدفع نحو انتخاب رئيس للجمهورية يضع حداً للفراغ الرئاسي المتمادي منذ سنة وخمسة اشهر، بان شيئا ما متطورا زاد على الجهد السابق لمجموعة السفراء الخمسة، اقله لجهة رفع وتيرة الجهد الضاغط على الافرقاء المحليين من دون ان يعني ذلك ان اختراقا تحقق او في طريقه الحتمي إلى ابصار النور وفق ما ورد في "النهار". ولعل النفحة الممعنة في ابراز الإيجابيات التي دأب السفير المصري علاء موسى على تعميمها، متحدثا باسم زملائه، ساهمت في إضفاء أجواء استبشار حيال التحرك الجديد الذي يمتاز عن التحرك السابق بانه سيكون شاملا للقيادات السياسية، ولو على تقطع، بما يؤدي افتراضا كما أوحى السفير الى طرح المجموعة الخماسية خريطة طريق على هذه القيادات وما يعنيه ذلك من ترسيخ التزام المجموعة الخماسية وانخراطه التفصيلي ربما في شق طريق الحل لانهاء ازمة الفراغ الرئاسي. على انه من دون شك فان العلامة الفارقة والنقطة اللافتة التي ميزت انطلاقة التحرك المستجد للسفراء الخمسة كانت في بكركي بالذات حيث تبلغ السفراء موقفا جازما من البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من شأنه ان يرسم معيارا غير قابل للتجاوز خصوصا انه يتقدم ويتقاطع مع موقف القوى المعارضة لجهة التمسك بالدستور في العملية الانتخابية، وتاليا رفض تكريس أي اعراف لجهة اشتراط ربط الجلسة الانتخابية المفتوحة كما ينص عليها الدستور باي مؤتمر او منتدى او لقاء حواري يسبقها.
وفي هذا السياق أكدت مصادر سفراء مجموعة الدول الخماسية لـ"النهار" أنه حتى اللحظة لم تتمّ بلورة خريطة الطريق، وأن هدف الجولة الجديدة للسفراء هو التثبّت من استعداد القوى السياسية للانخراط في العملية السياسية أولاً، لكنّها استطردت قائلة: إن ركيزتها التوافق. وبحسب المصادر نفسها، فإن سفراء الخماسية يقومون بدور المسهّل للتواصل بين الأفرقاء السياسيين، وهناك مؤشرات إيجابية من اللقاءات السابقة. وعن اختلاف وجهات النظر اللبنانية حول من يترأس الحوار، أجابت المصادر الديبلوماسية أن دور الخماسية هو تقريب وجهات النظر، والمساعدة في استعادة الثقة المتبادلة وليس إقناع أيّ طرف بمواقف الطرف الآخر.
عين التينة وبكركي
وفد سفراء اللجنة الخماسية ضمّ سفيرة الولايات المتحدة ليزا جونسون والسفير الفرنسي هيرفيه ماغرو وسفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري والسفير المصري علاء موسى وسفير قطر سعود بن عبد الرحمن آل ثاني. وكانت عين التينة اولى محطات السفراء، وحرص رئيس مجلس النواب نبيه بري على القول ان اللقاء كان جيداً وسيتكرر، والتوافق قائم على ضرورة إنجاز التفاهم توصلاً لتحقيق الإستحقاق. وأوضح السفير المصري ان الهدف من هذا اللقاء التأكيد على ما سبق وأعلنه الرئيس بري أنه ملتزم في بذل كل المساعي من أجل إنتخاب الرئيس وتسهيل العملية الانتخابية. وتحدث عن الإشارات الجديدة التي دفعت الخماسية لإستئناف حراكها وتتلخص بعنوان رئيسي وهو المرونة، فهذا الإستحقاق وكما تعلمون جميعا ومنذ بداياته كان هناك مواقف حدة بعض الشيء، وبالتالي ما نسعى اليه التقليل من هذه الحدية والبحث عن أرضية مشتركة. وما تلقيناه في الايام الاخيرة من اشارات إيجابية تجعل الامر اكثر مرونة، وبالتالي ممكن أن نخلق هذه الارضية التي تحدثنا عنها وخلق المناخ الذي يساعد في الوصول لإحداث إختراق في الملف الرئاسي. وقال ان: الخرق الملموس هو أن الكتل السياسية عندها قناعة الآن بأن التوافق في ما بينها هو شيء مهم للغاية. وعندما نتحدث عن التوافق معناه، ان الجميع عنده استعداد للحوار والنقاش والتشاور وصولا الى أمر يتفق عليه الجميع وهذا ما نبحث عنه.
وبعد لقاء السفراء مع البطريرك الراعي في بكركي وصف السفير المصري اللقاء بانه بالغ الأهمية وكان الهدف إعلامه واستشارته في الخطوات التي سنبدأ في اتخاذها ، الخطوات مبنية على مراحل عدة والخطوة الأولى هي في الحديث مع الكتل كافة من أجل انتخاب رئيس وفق خارطة طريق سنقدّمها. واكد ان حراكنا سيستفيد من حراك كتلة الاعتدال ونحن نبني على تحرّك الداخل لعلّنا نسهّل خلق الأرضية المشتركة لإنجاز الاستحقاق. واوضح "نحن لا نتحدّث عن أسماء بل عن التزام إذا توفّر فإنّ الحديث سيبقى أسهل بين القوى السياسية حول من يرغبون في ترشيحه الى الرئاسة".
واشارت مصادر بكركي الى ان البطريرك الراعي أعرب للسفراء عن استغرابه لسلوك طريق شائك قد لا ينجح فيما الدستور واضح والمسار الديموقراطي يقضي بفتح المجلس. واضافت: البطريرك تمنّى التوفيق للسفراء الخمسة رافضاً تكريس أعراف سابقة للاستحقاقات الدستورية والمتمثّلة بالحوار التقليدي.
ومن المقرر ان يزور السفراء الخمسة اليوم كلا من الرئيس السابق ميشال عون ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي سابقا وليد جنبلاط.